يوم قبل سقوط حلب!
الاثنين / 20 / ربيع الأول / 1438 هـ الاثنين 19 ديسمبر 2016 01:58
محمد الساعد
عندما ولدت الاحتجاجات السورية على يدي سكان مدينة درعا السورية – جنوب دمشق -، لم تكن ما يسمى بالمعارضة السورية قد ظهرت، ولا الفصائل الإسلامية تشكلت، بل كانت احتجاجات بسيطة تنادي بإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية التي كانت مدللة جدا في عهد النظام السوري، فقد تحولت تلك الأجهزة إلى شريكة في النظام، أو هكذا توهمت، وبدأت تعالج الأمور الأمنية والسياسية والاجتماعية، ليس من منظور الأجهزة التي تعمل ضمن الدولة، أو موظفة لدى الحكومة، بل هي الدولة وهي النظام، لقد تغولت حتى أكلت سورية ولا تزال.
لم يلتقط النظام السوري تلك الإشارات، رغم التحذيرات التي كان على رأسها نصيحة المرحوم الملك عبدالله في رسالته التاريخية، لبشار الأسد، التي نصحه فيها للاستماع لشعبه ومعالجة الأمر بحكمة والد الشعب، لا سلاسل السجان.
إلا أن بشار لم يستمع للنصيحة، وكابر كعادته، عندها سقطت سورية، ليس في الاحتجاجات، بل في غرور النظام، الذي ظن أنه قادر على مواجهة العالم كله.
لنعد إلى العام 2003، فهو مفتاح فهم الأحداث التي جرت في سورية، ففي تلك الفترة انضم النظام السوري لما يسمى لمحور الممانعة، وهو المحور الذي روجت له قناة الجزيرة، وحمل الإعلام التابع لأعضائه «بشار»، فوق العرب.
حاولوا احتواء بشار، ليس من أجل تحرير القدس والجولان ودعم المقاومة اللبنانية، كما زعموا، بل من أجل هدف اقتصادي سرعان ما سيظهر لاحقا، لتحجيم نفوذ موسكو المتعاظم، وإعطاء الأوروبيين خيارات أخرى بعدما كبلهم القيصر بوتين.
أيضا بدأ النظام السوري صدامه الفعلي مع الغرب، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، فقد تقدمت دمشق إلى الساحة العراقية، داعمة فصائل وقطاعات الجيش وحزب البعث المنحلين، اللذين تم تسريحهما ومطاردتهما.
قام السوريون باحتضان الفصائل العراقية، وزادوا عليها بتحالفهم مع فصائل إسلاموية ذات خلفيات قاعدية، فمن أبو عدس إلى الجولاني، الذين أطلق سراحهم من السجون، وكثير من كوادر المخابرات السورية الذين تم دسهم بينهم، ليصبحوا فيما بعد قناة الاتصال بين المخابرات السورية والتنظيمات الجهادية في الساحة العراقية والسورية.
أغرق السوريون الأمريكان في مستنقع العراق، وأرسلوا عشرات الآلاف من السيارات والعبوات المفخخة، استضافوا الجهاديين القادمين للأسف من دول الخليج، في خلاوي ببادية الشام، ليتم تدريبهم وتجهيزهم، ومن ثم إرسالهم للعراق لتنفيذ العمليات الانتحارية.
لم يكن يريد بشار نصرة العراق، ولا الانتصار للكرامة العربية، التي هزتها الهزيمة الموجعة للجيش العراقي، بل كان الهدف أن لا يتحول الجيش الأمريكي من العراق إلى سورية، فالأجندة الأمريكية مجهولة، والنظام السوري مرتعب جدا من سقوطه كما شبيهه في بغداد، وهو غير قادر على المواجهة المباشرة، فلجأ للحرب بالوكالة عن طريق الجهاديين، والبعثيين، وفلول فدائي صدام.
نعم غرقت واشنطن وتكبدت خمسة آلاف قتيل يحملون الجنسية الأمريكية، و15 ألف قتيل آخر لا يحملونها، تم وعدهم بها عند انتهاء المهمات القتالية والعودة لأمريكا أحياء، فعادوا في توابيت بدون الجواز الأمريكي، ولذلك لم يتم احتسابهم ضمن تعداد المقتولين.
لقد قدر مراقبون عدد العمليات التي واجهها الجيش الأمريكي، بأكثر من 80 ألف عملية، ما بين تفجير وانتحار وتفخيخ، لقد أحس الأمريكان بمرارة الهزيمة، وطعم الذل، وهم يعرفون يقينا من خرب عليهم مشهد الاحتفال باحتلال العراق.
كل ذلك لن يذهب، ولن تطويه الأيام، فمع أول سيولة يواجهها بشار، سيتم تنفيذ العقاب، بالتأكيد الأمريكان لم يكونوا وحدهم، فبشار خلق لنفسه مئات الأعداء، كما أن تبدل الاقتصاد والسياسة، جعلت من سورية نقطة التقاء المصالح الإقليمية والدولية، وهناك انفجرت خلطة المعارك الغريبة.
إلا أن أكثر الحمقى الذين ارتكبوا كل الأخطاء، وجنوا على السوريين وأحلامهم، وفتحوا النوافذ والأبواب التي أوصدت في وجه بشار، كانت بلا شك الجماعات الإسلاموية التي جاء أفرادها من كل أقطار الأرض حاملين معهم أحلامهم الخاصة لا أحلام السوريين.
جماعات تقدس التطرف، ولا تفقه في السياسة، ولا تفهم قيم الحروب، الجيش الحر المعتدل المتشكل من سوريين خلص، وهم الذين كان من الممكن قبولهم دوليا، والإجماع على دعمهم، فتسببوا بجلب الدب الروسي إلى تخوم الشام، واقتتلوا فيما بينهم، مكررين ما فعلوه في كابل بعد خروج الاتحاد السوفيتي.
اليوم بعد كل هذه الآلام، في حلب والشام والغوطة والرقة، وغيرها، فإن أي سوري عاقل، سيتمنى أن تعود الأيام به وبأسرته لما قبل يوم من احتجاجات درعا، فالإسلامويون والنظام اشتركوا في قتله، وخربوا عليه مستقبله، وحرموه من الفرصة الوحيدة لتحسين وطنه.
لم يلتقط النظام السوري تلك الإشارات، رغم التحذيرات التي كان على رأسها نصيحة المرحوم الملك عبدالله في رسالته التاريخية، لبشار الأسد، التي نصحه فيها للاستماع لشعبه ومعالجة الأمر بحكمة والد الشعب، لا سلاسل السجان.
إلا أن بشار لم يستمع للنصيحة، وكابر كعادته، عندها سقطت سورية، ليس في الاحتجاجات، بل في غرور النظام، الذي ظن أنه قادر على مواجهة العالم كله.
لنعد إلى العام 2003، فهو مفتاح فهم الأحداث التي جرت في سورية، ففي تلك الفترة انضم النظام السوري لما يسمى لمحور الممانعة، وهو المحور الذي روجت له قناة الجزيرة، وحمل الإعلام التابع لأعضائه «بشار»، فوق العرب.
حاولوا احتواء بشار، ليس من أجل تحرير القدس والجولان ودعم المقاومة اللبنانية، كما زعموا، بل من أجل هدف اقتصادي سرعان ما سيظهر لاحقا، لتحجيم نفوذ موسكو المتعاظم، وإعطاء الأوروبيين خيارات أخرى بعدما كبلهم القيصر بوتين.
أيضا بدأ النظام السوري صدامه الفعلي مع الغرب، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، فقد تقدمت دمشق إلى الساحة العراقية، داعمة فصائل وقطاعات الجيش وحزب البعث المنحلين، اللذين تم تسريحهما ومطاردتهما.
قام السوريون باحتضان الفصائل العراقية، وزادوا عليها بتحالفهم مع فصائل إسلاموية ذات خلفيات قاعدية، فمن أبو عدس إلى الجولاني، الذين أطلق سراحهم من السجون، وكثير من كوادر المخابرات السورية الذين تم دسهم بينهم، ليصبحوا فيما بعد قناة الاتصال بين المخابرات السورية والتنظيمات الجهادية في الساحة العراقية والسورية.
أغرق السوريون الأمريكان في مستنقع العراق، وأرسلوا عشرات الآلاف من السيارات والعبوات المفخخة، استضافوا الجهاديين القادمين للأسف من دول الخليج، في خلاوي ببادية الشام، ليتم تدريبهم وتجهيزهم، ومن ثم إرسالهم للعراق لتنفيذ العمليات الانتحارية.
لم يكن يريد بشار نصرة العراق، ولا الانتصار للكرامة العربية، التي هزتها الهزيمة الموجعة للجيش العراقي، بل كان الهدف أن لا يتحول الجيش الأمريكي من العراق إلى سورية، فالأجندة الأمريكية مجهولة، والنظام السوري مرتعب جدا من سقوطه كما شبيهه في بغداد، وهو غير قادر على المواجهة المباشرة، فلجأ للحرب بالوكالة عن طريق الجهاديين، والبعثيين، وفلول فدائي صدام.
نعم غرقت واشنطن وتكبدت خمسة آلاف قتيل يحملون الجنسية الأمريكية، و15 ألف قتيل آخر لا يحملونها، تم وعدهم بها عند انتهاء المهمات القتالية والعودة لأمريكا أحياء، فعادوا في توابيت بدون الجواز الأمريكي، ولذلك لم يتم احتسابهم ضمن تعداد المقتولين.
لقد قدر مراقبون عدد العمليات التي واجهها الجيش الأمريكي، بأكثر من 80 ألف عملية، ما بين تفجير وانتحار وتفخيخ، لقد أحس الأمريكان بمرارة الهزيمة، وطعم الذل، وهم يعرفون يقينا من خرب عليهم مشهد الاحتفال باحتلال العراق.
كل ذلك لن يذهب، ولن تطويه الأيام، فمع أول سيولة يواجهها بشار، سيتم تنفيذ العقاب، بالتأكيد الأمريكان لم يكونوا وحدهم، فبشار خلق لنفسه مئات الأعداء، كما أن تبدل الاقتصاد والسياسة، جعلت من سورية نقطة التقاء المصالح الإقليمية والدولية، وهناك انفجرت خلطة المعارك الغريبة.
إلا أن أكثر الحمقى الذين ارتكبوا كل الأخطاء، وجنوا على السوريين وأحلامهم، وفتحوا النوافذ والأبواب التي أوصدت في وجه بشار، كانت بلا شك الجماعات الإسلاموية التي جاء أفرادها من كل أقطار الأرض حاملين معهم أحلامهم الخاصة لا أحلام السوريين.
جماعات تقدس التطرف، ولا تفقه في السياسة، ولا تفهم قيم الحروب، الجيش الحر المعتدل المتشكل من سوريين خلص، وهم الذين كان من الممكن قبولهم دوليا، والإجماع على دعمهم، فتسببوا بجلب الدب الروسي إلى تخوم الشام، واقتتلوا فيما بينهم، مكررين ما فعلوه في كابل بعد خروج الاتحاد السوفيتي.
اليوم بعد كل هذه الآلام، في حلب والشام والغوطة والرقة، وغيرها، فإن أي سوري عاقل، سيتمنى أن تعود الأيام به وبأسرته لما قبل يوم من احتجاجات درعا، فالإسلامويون والنظام اشتركوا في قتله، وخربوا عليه مستقبله، وحرموه من الفرصة الوحيدة لتحسين وطنه.