أخبار

ضمد.. مشاريع غيبها «الإهمال» وإجراءات لا تتجاوز «الورق»

50 سريرا بـ «المستشفى» تخدم 100 ألف نسمة.. وشوارع «تسعل» من الغبار 11عاما (1/5)

.. وأعمال الحفريات لم تكتمل.

عبدالعزيز معافا (ضمد)

يتجاوز المواطنون في ضمد حديث المطر والسيول ومخاطرها، ليتحدثوا عن مشاريع وخدمات غيبتها الظروف والإهمال، فالمحافظة التي تحتل واسط العِقد بين قرى تضج بالحاجات الآجلة والعاجلة، الآنية والمستقبلية، تقاسمهم هذه الحاجات، وتأمل في إجراءات سريعة تتجاوز الروتين وبطء حركة الأوراق من مكتب لآخر إلى مشاريع قائمة تضخ بردم الحفريات وتوصيل الإسفلت إلى شوارع ما زالت تئن وتسعل من حركة الغبار وانتفاضة التراب.الحلقة القادمة:«البيروقراطية» ترجئ طموحات «قرية الفرشة»

حسن مطاعن يقول ململما أحزانه: «قبل فترة اصطدمت بحفرة أحدثتها مؤسسات التنفيذ للمشاريع وأهملتها بعدها، أخذت جولة في شوارع المحافظة ووجدتها في أسوأ حال، تحولت إلى ترابية بفعل فاعل، ولكن أملنا بعد الله في رئيس بلدية ضمد الجديد عبدالعزيز الشعبي أن يصلح أحوال الشوارع، وهذا ما يتمناه كل مواطن في المحافظة». ويضيف: «بعد أن عبرنا هذه الطرق الترابية والحفريات حتى وصلنا إلى وسط المحافظة حيث يوجد مشروع متعثر منذ أكثر من 11 عاما لم نجد بجواره إلا المخاطر من الزواحف والروائح الكريهة، وبعد أن أصبح مرمى للنفايات والأثاث المتهالك، إنه المشروع الصحي مركز الرعاية الأولية الشمالي الذي توقف على مرحلة القواعد، كل هذه الفترة وذهبت ميزانيته أدراج الرياح».

أما محمد عبدالله مطهري الذي يسكن جوار المشروع، فيقول: «مرت السنون وهذا المشروع على هذا الحال، لم نجد عاملا أو مهندسا أو معدة بجوار المشروع، لقد انسحبت وتركت المشروع أكثر من 11 عاما، ولا أحد يجيب على تساؤلاتنا وعن سبب تعثره كل هذه المدة بالرغم من تسلمه من إحدى المؤسسات وصرفت الدولة ميزانيته وتكاليف تنفيذه، فهل ستتم إقامة هذا المشروع الحيوي؟!».

وثمة سؤال آخر طرحه مواطنو ضمد: لماذا توقف مستشفى ضمد على 50 سريرا بالرغم من كثرة أعداد المراجعين والقرى التي تجاوزت 200 قرية يسكنها 100 ألف نسمة؟، مؤكدين أن الجميع يتزاحم على المستشفى رغم المنشآت الكبيرة التي سمعنا عنها في ميزانية وزارة الصحة العام الماضي.

ويوضح محمد مطهري أن المستشفى بحاجة إلى توسعة وزيادة في الكادر الطبي المتخصص بسبب العدد الكبير والهائل من المراجعين، موضحا «ما ذنب أهالي ضمد وقراها أن يروا هذا المشروع الصغير المهم في حين لا يستفيد البعض منه ولا يزال البحث عن كرسي للمريض قائما»، مضيفا «المستشفى لا يكفي أوجاع وأنين المرضى، والمطلوب 150 سريرا».

سيول متلاعبة بالوادي ووعود واهية بالجسر

يتحدث خالد علي الحازمي وحسن علي معافا عن السيول المتلاعبة بطريق ضمد القمري، موضحين أن «إدارة الطرق لا تعترف بالجسر، وكما هو معروف فإنه لا يختلف اثنان على أهمية الماء في الحياة، ولا يختلف على أنه نعمة لا يشعر بها إلا من يكابد وينتظر قطرة الماء، ولكن هذه النعمة قد تتحول إلى نقمة عندما تبتلع البشر وتجرف كل ما في طريقها من ممتلكات، ومطالبات أهالي ضمد بعمل جسر لا يتجاوز طوله 600 متر على واديها الشهير بالسيول العارمة لا تزال قائمة، ولكن دون فائدة حتى الآن، ولم نحصل من هذه المطالبات إلا على الوعود الواهية التي أبقت الحال على ما هو عليه، وكان من المفروض تنفيذ جسر على وادي ضمد حتى تنهي معاناة احتجاز المركبات وجرفها، ولسلامة الأرواح من السيول». ويضيف حسن معافا: «العناء اليومي من طريق ضمد القمري لا تخطئه العين، وأحلامنا تتوسع رويدا رويدا الواقع يشير إلى أن هذه المعاناة، والمأمول كبير وإمكانية تحقيقه ليست عسيرة، وتنفيذ جسر على هذا الوادي يربط ما بين ضمد والقمري ينهي هذه المخاطر من السيول، والحلول الموقتة لا تكفي».

قاضيان لا يكفيان ومعاملات متعطلة لسنوات

لا تزال المعاملات في محكمة ضمد متوقفة ومتعطلة لشهور وربما لسنوات في ظل النقص الحاد في القضاة، إذ لا يوجد سوى قاضيين يخدمان 200 قرية تحتضن 100 ألف نسمة، ويطالب الأهالي وزير العدل بالنظر في معاناتهم باهتمام بعد أن توقفت مصالحهم أعواما عدة، ويؤكدون أهمية زيادة القضاة لإنجاز معاملات المواطنين الذين يراجعون المحكمة دون أن تنجز معاملاتهم في وقت قياسي، ويرفعون شكواهم للجهات المختصة للنظر في زيادة أعداد القضاة.

الشيخ محمد بشير معافا أوضح أن كثيرا من معاملات الأهالي في المحكمة تعطلت، خصوصا حجج الاستحكام التي تستنفد سنوات عدة لاستخراجها بسبب نقص القضاة في المحكمة، لذا بات رؤية المحكمة مكتظة بالمراجعين أمرا مألوفا، متمنيا من وزير العدل النظر في معاناة أهالي ضمد باهتمام.

الشيخ أحمد علي حمود انتقد تعطل معاملات المراجعين في محكمة ضمد لسنوات عدة، مستغربا تخصيص قاضيين فقط للنظر في الأعداد الضخمة من معاملات أهالي المحافظة بقراها الكثيرة.

ويؤكد حسن محمد حبيبي أن هناك قضايا حبيسة الأدراج، خصوصا حجج الاستحكام لم تحدد مواعيد للنظر فيها وتنتظر حلول عام 1439 لإدخالها في جدول المواعيد، مرجعا ذلك إلى النقص الحاد في عدد القضاة بالمحكمة.

حالة عطش للأهالي ومضخة واحدة متعطلة

أنهك العطش أهالي ضمد، خصوصا مع اعتماد إدارة المياه في جازان على مضخة تعمل بالديزل، وعدم تشغيل خزانات ضمد والقمري أدى إلى انقطاع الماء بشكل متواصل أرهقهم نفسيا وماديا، والاعتماد على الصهاريج التي وجدت في حالة العطش في ضمد سوقا رائجة.

ووصف إبراهيم موسى ومحمد عبدالله وحسن محمد سيد وخالد عبدالعزيز، حالة العطش بالمزمنة، مشددين على أهمية إنهاء معاناتهم بتشغيل خزان ضمد، مؤكدين أن مضخة واحدة تعمل بالديزل لا تكفي لسقيا قرى ضمد، خصوصا أنها تتعطل بشكل دائم. وأكدوا أنهم يعانون من المسؤولين في إدارة المياه، مستغربين فشل الإدارة في تشغيل خزان ضمد حتى الآن، ومتسائلين: «لماذا لم تركب المضخات للمشروعين اللذين أنفقت الدولة فيهما ملايين الريالات؟».

وأوضحوا أن حالة العطش أجبرتهم على العودة لاستخدام الشبكة القديمة والمياه العادية، إضافة إلى الصهاريج المنهكة ماديا، ومؤكدين أن تشغيل خزان ضمد سينهي مشكلة القطوعات المتكررة للمياه في القرى.

وأوضح خالد عبدالعزيز أن العطش المتفاقم أجبرهم على استخدام الشبكة القديمة التي تضخ لهم المياه غير الصالحة للشرب، مستائين من انقطاع الماء المتكرر لعدة أسابيع، ما أجبرهم على إعادة إصلاح الشبكة القديمة.

«صدمة» بنقل السوق الشعبية.. والنساء المتضررات

جاء خبر نقل سوق ضمد الشعبي في قلب المحافظة مثل «الصدمة» على المشايخ والأهالي والتجار، خصوصا العجزة من الرجال والنساء الذين يعتادون السوق في كل اثنين، معترضين على نقلها وبعد الموقع الجديد عن المحافظة.

ووجه مشايخ ضمد شكوى لمحافظ ضمد عوضه الأحمري يطالبونه برفعها إلى أمير المنطقة، والتدخل العاجل بعدم نقل السوق إلى موقعها الجديد الذي يبعد عن المحافظة، وبسبب هذا النقل سيحرمون العجزة والأرامل والنساء من التسوق.

يقول الشيخ أحمد عريشي: «أعارض نقل السوق الأسبوعية لما لذلك من مضار أمنية على المتسوقات النساء، باعتبارهن النسبة الأكبر من المتسوقين، وفيهن نسبة كبيرة من الأرامل ومن هم من دون محرم، ومن استغلال ضعاف النفوس من أصحاب سيارات النقل في حال نقل السوق خارج المحافظة».

أما الشيخ محمد معافا والشيخ محمد الحازمي، فأضافا: «نتمنى أن لا يتم نقل السوق من موقعها الذي تأسست فيه منذ أكثر من 40 عاما، وكان من المفروض عمل البسطات وتنظيم المحلات للمتسوقين في موقعها الحالي، ونقل السوق إلى موقعها الجديد يعتبر ضررا على المتسوقين لبعده عن المحافظة، وجميعنا غير موافقين على النقل».

خطر الخطوط السريعة يهدد طلبة الجامعة

لا تزال معاناة طلبة الجامعة قائمة في ضمد لعدم فتح أي قسم للكليات بالمحافظة، على رغم العدد المتزايد من الطلاب والطالبات كل عام والملتحقين بجامعات وكليات في مناطق ومحافظات أخرى، إذ تسير 50 حافلة ومركبة تحمل الطلاب والطالبات إلى الاتجاهات الأصلية والفرعية، شرقا وغربا وجنوبا وشمالا إلى أقسام الكليات في المحافظات البعيدة، مخاطرين بأنفسهم عبر الخطوط الطويلة، فأهالي ضمد يأملون وبشكل ملح النظر في وضع أبنائهم وبناتهم في افتتاح أقسام للكليات بتخصصات مختلفة، خصوصا أن العدد السكاني في المحافظة والقرى التابعة لها يزيد على 100 ألف نسمة، وهو ما جعل الجميع في ضمد يفتحون هذا الملف لإدارة جامعة جازان بأن تستمع لصوت الآباء والأمهات والأبناء ممن يحلمون بمواصلة التعليم في مأمن من الخطوط السريعة ومغبة الحوادث التي تشهدها تلك الطرق.

ويقول حسين معافا: «إن محافظة ضمد الوحيدة في منطقة جازان لا توجد فيها كلية للبنين أو البنات، ورغم عدد هيئة التدريس العاملين في جامعة جازان ما زلنا حتى الآن ننتظر من إدارة الجامعة أن تنظر بعين الواقع إلى طلاب وطالبات ضمد المحرومين من أقسام الكليات في محافظتهم»، مؤكدين تفاؤلهم بصدور القرار من وزارة التعليم قريبا.