كتاب ومقالات

أوكيه..!

ولكم الرأي

سعيد السريحي

ثمة طرفة يتم تداولها بمناسبة الاحتفاء بيوم اللغة العربية، تحكي الطرفة عن عميد كلية للغة العربية جمع أساتذة اللغة العربية وراح يعتب عليهم ما يقعون فيه من خلط اللغة العربية بكلمات أجنبية في حديثهم، مختتما حديثه بالتأكيد على ضرورة تنقية أحاديثهم من أي كلمات دخيلة: لغتنا العربية لغة عظيمة ينبغي علينا جميعا الاعتزاز بها ولذلك لا أريد أن أسمع أحدا منكم يزج بكلمات أجنبية خلال حديثه بها.. أوكيه! فهتفوا جميعا به: أوكيه.

تمثل هذه الطرفة حقيقة المأزق الذي نحياه مع اللغة العربية والذي لا يمكن أن تنفع في علاجه كل التوصيات التي خرجت بها المؤتمرات والملتقيات والندوات التي عقدت بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية.

وقد غلب على تلك التوصيات الربط بين الحفاظ على العربية والاعتزاز بها، والمسألة لا تختصر فاللغة، ذلك أن ربطها بما هو اعتزاز قومي أمر متعذر في عالم عربي لم يعد فيه ما يمكن الاعتزاز به، كما أن من شأن الوضع الثقافي للغة العربية كلغة للعلم لا يمكن أن يعزز حضورها في هذا المجال ولم يعد لها الدور الذي كان لها حين كانت لغة للثقافة والحضارة.

كما لا ينبغي أن يأخذ الحرص على اللغة العربية شكلا من أشكال الانغلاق عن الثقافات الأخرى ومحاولة للتنكر للمثاقفة التي تتم بين اللغات وهو ما كانت عليه اللغة العربية حين لم يجد المتحدثون بها من استرفاد كلمات من لغات الشعوب التي احتكت بها دون أن يثير ذلك سخط من كانوا أكثر حرصا عليها منا.

الحفاظ على اللغة العربية جزء لا يتجزأ من الحفاظ على الأمة العربية وما لم يتم النظر إلى المسألة على هذا النحو فإن عميد اللغة العربية سيظل يختم حديثه عن الحفاظ على اللغة العربية بكلمة (أوكيه)!، ليرد عليه الغيورون على اللغة: أوكيه.