كتاب ومقالات

رياضتنا.. وساوس ومواعظ!

في قلب الهدف

علي مكي

عقليتنا الرياضية الكروية، في معظمها، وكما تظهر في المناسبات والأحداث (مثلاً ردود الفعل تجاه الحكام السعوديين، ما حدث مؤخراً بشأن قضية مانسو)، عقلية متخلفة ومتعصبة ترتكز رؤاها وتعليقاتها وإسهاماتها على أوهام وإيمان مطلق بنظرية المؤامرة. أيّ (خصخصة) أو أيّ احتراف ننشده لأندية تديرها عقليات «من لم يكن معي فهو ضدي»، متكئة على (وساوس) بوجود من يعمل في الخفاء لإيقاف مسيرتها الظافرة نحو المجد.

أحداث قضية مانسو مع نادي الاتحاد واللغط الذي حدث مع الاتحاد السعودي لكرة القدم، لم تفاجئني مثلها مثل أحداث كثيرة مشابهة وغير مشابهة جرت قبلاً في المواسم السابقة، وستكرر لاحقاً بما هو أكثر سوءاً وفظاعة! لستُ منجماً ولا عرافاً ولا أعرف الضرب في الرمل، والفنجان أشربه ولا أقرؤه! فهذه الأخيرة، أي القراءة، أصرفها للواقع أقرأ معطياته! ويبدو أن واقعنا الرياضي، منذ سنين، وهو يقدح شرارات (النذر) بتدهور الأوضاع وتراجع (مخيف) إلى الوراء، بعد أن (حلحلت) الفوضى و(تمرتعت) و(تمردغت) في أوصاله حتى تناسل (دودها) بكثافة لينتشر في كل أجزائه فأبطأت من حركتنا ورشحتها للتعطل! وطفحت تأثيرات العلل الداخلية في جسدنا الرياضي بتشوهات بدت واضحة على مظهره الخارجي وكل يوم هي في ازدياد، وآخرها قضايا الاتحاد! وهي نتيجة طبيعية تماماً وعادلة جداً لواقع رياضي يرتكز خطاب المؤسسة فيه على التمني والأحلام لا التحليل والمعرفة! أما الخطاب الإعلامي لواقعنا الرياضي فهو لغياب الرؤية المعرفية المستندة على الوعي، فإنه يفهم الحرية بالمقلوب، لذلك يتوهم أنه خطاب يتمتع بقدر هائل وسقف كبير وعال من الحرية تتيح له هامشاً رحباً وفضاء واسعاً من النقد كما لا يحدث في أي خطاب إعلامي في مجالات أخرى غير الرياضة! وهو وهم كبير لأن الحرية الإعلامية ليست في الملاسنات بين الكتاب والصحف وليست في الدفاع عن هذا النادي أو ذاك المسؤول! وليست الحرية في إنكار حالة معينة أو شجب تصرف دخيل وشاذ، الحرية هنا تكمن، ببساطة، في ممارسة الإعلام لدوره الجوهري وهو بث الحقيقة ونشرها للناس في مجال الرياضة أو غيرها، لكن ما يحدث في الإعلام الرياضي اليوم هو إخضاع الحرية لمصالح الوسيلة الإعلامية أو القائمين عليها، فتحل الانتقائية والهوى، كما حدث مع التلويح بخصم النقاط على الاتحاد، فيأتي الوصف على طريقة «كل حزب بما لديهم فرحون»!

أما ميثاق الشرف الذي تمت استعادته اليوم وهلل له إعلامنا حينذاك وامتدحوا حكمة المؤسسة الرياضية وصوروه لنا نهاية الفوضى دون أن نرى تحليلاً موضوعياً واحداً لمواد ونصوص هذا الميثاق الذي يصلح من وجهة نظري غير المتواضعة لأن يكون محاضرة أو موعظة يكتبها أحد الزملاء الرياضيين المهووسين بالنصح والإرشاد!

إن ميثاق الشرف هذا كان ميثاق مواعظ وليس ميثاقاً بالمفهوم المتحضر كأن يكون بمثابة عقد رياضي واضح ومنظم للعلاقة بين كافة الأطراف في العمل الرياضي والكروي، فالنظام المؤسسي، أي نظام وفي أي مجال، لا يدار بالمثل والأخلاقيات بل يدار بالقانون!.