كتاب ومقالات

سهرة ليلة الميزانية

تلميح وتصريح

حمود أبو طالب

كنا جميعا كمواطنين نترقب ماذا سيحدث وكيف ستكون الأمور وماذا سنسمع يوم إعلان الميزانية هذه المرة لأنها تأتي بعد قرارات وإجراءات جوهرية غير مسبوقة، وفي ظروف تحيط بها التكهنات ويكتنفها شيء من القلق لأسباب عديدة، والأهم أنها الميزانية الأولى بعد ظهور ملامح التغيير الجذري في فكر إدارة اقتصاد الوطن لمواجهة تحديات ضخمة، سياسية واقتصادية واجتماعية وتنموية، نتيجة عوامل مهمة داخلية وخارجية. إضافة إلى ذلك فإننا ككتاب رأي نناقش مع الجمهور شؤون وشجون الوطن في صحفنا وبقية وسائل الإعلام كنا نتوق إلى معرفة الحقائق كما هي، بشفافية تكشف كل تفاصيلها، لنستطيع تكوين محصلة معلوماتية موثوق بها تمكننا من طرحها ونقاشها، لاسيما وتجربتنا جميعا مع بعض المسؤولين عند حديثهم عن أمور الوطن الهامة في هذه المرحلة التحولية الدقيقة لم تكن تجربة مشجعة على انتظار تصريحاتهم وحواراتهم.

لذلك، كانت لفتة ذكية من مهندس التحولات الجديدة الأمير محمد بن سلمان حين حرص على دعوة عدد كبير من الزملاء الكتاب والإعلاميين للحديث معهم قبل صدور الميزانية، وكان الحرص متبادلا لأننا نريد أن نعرف المعلومة من مصدرها وصانعها. وعندما ذهبنا لمقابلته مساء الأربعاء توقعنا أنه سيتحدث عن الخطوط العريضة والإطار العام للميزانية ومتغيراتها لوقت لن يطول بحكم مشاغله والتزاماته، لكن المفاجأة الجميلة أن اللقاء امتد من منتصف الليل حتى الرابعة والنصف من فجر الخميس، ليس للحديث عن الميزانية فقط، ولكن لشرح كل تفاصيل برامج تحقيق التوازن المالي 2020، وخارطة إطلاق برامج تحقيق رؤية السعودية 2030.

ليس ممكنا طرح كل تفاصيل اللقاء هنا ليس بسبب أن بعضها سري وتم الإيعاز لنا بعدم الإشارة لها، أبداً الأمر ليس كذلك، ولكن لأنها كثيفة ومتشعبة ولن تتسع لها المساحة، لكن ما يمكن التأكيد عليه أن الأمير محمد بن سلمان شرح كل شيء بمهنية ومعرفة عميقة شاملة، ووضح كل الاستعدادات للاحتمالات الممكنة، وأجاب بشفافية عن كل الأسئلة والاستفسارات الجريئة والساخنة وحتى المحرجة، وخرجنا ونحن على علم بكل السيناريوهات المستقبلية وكيف تم التخطيط لها وما هي آلياتها التنفيذية ولماذا اتخذت وما هو مردودها العاجل والآجل على اقتصاد الوطن وأمنه واستقراره.

كل ما سمعتموه يوم الخميس من تفاصيل عن الميزانية وبرنامج التحول والرؤية، متوجا بخطاب خادم الحرمين الشريفين، يؤكد أن القرارات مدروسة بدقة، ولا خوف على الوطن والمواطن طالما الأمور يتم التعامل معها بعقلية علمية واقعية تدرس أدق التفاصيل وتضع الحلول للمستقبل وليس الحاضر فقط.