كتاب ومقالات

فسر لنا هذا التناقض يا وزير التعليم

سعيد السريحي

مؤلم أن يتخرج طلابنا المبتعثون من أرقى الجامعات العالمية ثم يعودون إلى الوطن لينضموا إلى قائمة العاطلين سواء من يحملون شهادات عليا أو ممن لا يكادون يحملون غير شهادات ميلادهم، غير أن الأكثر إيلاما أن يتفاجأ بعض أولئك المبتعثين برفض اعتماد شهاداتهم بحجة أن الجامعات والمعاهد التي تخرجوا فيها غير معترف بها، وهي مفاجأة يزيد من وطأتها أن الوزارة التي ترفض اعتماد شهاداتهم والاعتراف بجامعاتهم هي الوزارة نفسها التي ابتعثتهم إلى تلك الجامعات وتلقت تقاريرهم طوال سنوات دراستهم وأنفقت عليهم مئات الألوف من الريالات حتى تخرجوا، فلما تخرجوا نفضت يدها منهم ولم تتردد في زعم أن تلك الجامعات التي تخرجوا فيها غير معترف بها غير آبهة بالسؤال كيف ابتعثتهم وتابعتهم وأنفقت عليهم خلال دراستهم في تلك الجامعات.

من أولئك خريجو معهد الدراسات والحضارات الشرقية في باريس (اينالكو) وهو المعهد التابع لجامعة السوربون والذي تخرج منه كبار الساسة والعلماء والخبراء مذ تم تأسيسه قبل 350 عاما وبالتحديد سنة ١٦٦٩ وظلت فرنسا تعول عليه في تخريج سفرائها، ولعل الدكتور لويس بلين قنصل فرنسا السابق في جدة هو أحد حملة الدكتوراة من هذا المعهد، ولنا أن نذكر من خريجي هذا المعهد اوليفيه روا عالم السياسة الفرنسي المعروف وهنري لورينز المؤرخ الفرنسي الشهير وهنريك أمير الدنمارك ومحمد بن عبدالله وزير السكن والسياسي المغربي المعروف.

والعجب لا يكاد ينتهي من رفض الوزارة اعتماد شهادات خريجي هذا المعهد ذلك أنه موقف انتقائي فالوزارة نفسها اعتمدت شهادات بعض الخريجين مما يعني الاعتراف بذلك المعهد ورفضت اعتماد شهادات أخرى بحجة عدم الاعتراف، وهو موقف متناقض ومن شأن هذه الازدواجية أن تثير شبهات تحتاج الوزارة أن تفسرها.

أن تبتعث الوزارة طلابنا وطالباتنا إلى هذا المعهد وتتابعهم وتنفق عليهم ثم تدعي عدم اعترافها بذلك المعهد الذي تأسس قبل ٣٥٠ عاما تلك مشكلة، وأن تعتمد شهادات بعض الخريجين وترفض اعتماد شهادات خريجين آخرين فتلك فضيحة كبرى وعلى الوزارة أن تجيب على هذه المسألة دون أن أجد نفسي مضطرا لنشر قائمة بأسماء من اعتمدت شهاداتهم وأصبحوا أساتذة في الجامعات وخبراء في حقل الدراسات وقائمة أخرى ممن مدت لهم الوزارة لسانها لتقول لهم: معهدكم الذي ابتعثتكم إليه غير معترف به.