القوة المسلحة في السياسة الأمريكية بالمنطقة
الأحد / 26 / ربيع الأول / 1438 هـ الاحد 25 ديسمبر 2016 02:05
صدقة يحيى فاضل
إن مدى «نجاح» أي سياسة يتحدد بمدى تحقيق تلك السياسة لأهدافها وبأقل تكلفة (من الوسائل) ممكنة. ومن الطبيعي، أن تكون أمريكا، الآن، باعتبارها القطب العالمي الوحيد المسيطر، أقدر، ربما من أي وقت مضى – على تحقيق كامل أهداف سياستها نحو المنطقة العربية، وغيرها – وبتكلفة أقل من السابق. فلا توجد في الوقت الراهن قوى محلية، أو إقليمية، أو عالمية، قادرة على التصدي للأمريكيين، أو تحديهم – تحد يذكر. والأمة العربية بالذات، وهي أكثر طرف مهدد، في أضعف حالاتها. هذا، إذا استثنينا المقاومة العربية المحدودة للعدوان والهيمنة.
ولا حاجة لبذل جهد كبير لإثبات «نجاح» السياسية الأمريكية تجاه المنطقة، بدرجة كبيرة وتزايد نجاح هذه السياسة، بشكل لم يسبق له مثيل، منذ أن انفردت الولايات المتحدة بالتربع على قمة العالم السياسية – الاقتصادية. وسبق أن تركنا للقارئ الكريم مسألة تحديد «مدى» نجاح هذه السياسة الأمريكية؛ آخذا في الاعتبار مدى «تحقق» كل هدف في أرض الواقع، والـ «تكلفة» المادية والمعنوية لما تحقق. وهنا أيضا، نترك للقارئ العزيز تحديد أهم «الأسباب» التي مكنت الولايات المتحدة من تحقيق هذا القدر من النجاح، في سياساتها تجاه المنطقة، وتحديد ما ينبغي أن يعمله العرب، تجاه هذه السياسات. فبعيدا عن التفكير المؤدلج، واختلاف المقاربات العربية تجاه ما يتهدد الأمة من مخاطر محدقة، فإن التفكير العقلاني يحتم ضرورة اتخاذ ردود أفعال سليمة وفعالة؛ تتجسد في: مواقف عربية رادعة مشتركة، لمواجهة أخطار مشتركة مؤكدة وداهمة، ولكن، هل ما زال لدى الأمة العربية الإرادة والقدرة المناسبة لمواجهة التحديات الكبرى، ومنها هذا التحدي؟!
***
ومع كل ذلك، يمكننا القول إن الولايات المتحدة، والغرب بصفة عامة، لم تحقق نجاحاً كبيرا حتى الآن بشأن عدم الاعتماد على النفط العربي. وذلك لاستمرار كون منطقة الخليج العربي، بصفة خاصة، محتوية على أكبر مخزون (احتياطي) نفطي معروف في العالم، حتى الآن. وكون استخراج هذا النفط أسهل، وذا جدوى اقتصادية أعلى نسبياً. وقد عملت أمريكا كل ما يمكنها عمله للحصول على نفط المنطقة بأقل تكلفة ممكنة، ومن ذلك: التلويح باستخدام كافة الوسائل إذا توقف انسياب النفط لأمريكا والغرب.
فمعروف، أن الولايات المتحدة أعلنت عدة مرات، وعلى لسان بعض كبار مسؤوليها، أنها ستقف ضد أي خطر يهدد وصول إمدادات النفط إلى الغرب. وقد جاءت أغلب هذه التصريحات عقب حرب أكتوبر سنة 1973م (رمضان 1393هـ) والحظر النفطي العربي المحدود الذي اتخذ ضد الولايات المتحدة، وبعض الدول الغربية الأخرى، لمواقفها المنحازة لإسرائيل، في الصراع العربي – الإسرائيلي. ولعل من أهم من صدرت عنهم هذه التصريحات كل من: «جيمس شيلسنجر» وزير الدفاع الأمريكي الأسبق، وهنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق أيضاً. وقد استخدمت الولايات المتحدة قواتها العسكرية، فعلاً، «لتحرير الكويت» من الاحتلال العراقي، ووقف التهديد العراقي للمصالح الدولية والأمريكية بالمنطقة. واستخدمتها لاحتلال العراق، والسيطرة غير المباشرة على موارده النفطية.
***
وبالنسبة لقدرة الولايات المتحدة على التدخل العسكري فهي كبيرة، كما هو معروف. فالولايات المتحدة هي الدولة العظمى الأولى الآن، ولها من الإمكانات العسكرية والتقنية ما قد يفوق الوصف. ومعروف، أن الولايات المتحدة لم تكتف بذلك، ولم تركن إلى قوتها العادية فقط، للدفاع عن «مصالحها»، في المنطقة، بل إنها كونت قوة خاصة، للمهمات السريعة، يشار إليها بـ«قوات التدخل السريع»، أو الانتشار السريع (Rapid Deployment Force، R.D.F. ) وذلك منذ سنة 1980م، عقب صدور «مبدأ كارتر»، المعبر عن القلق الأمريكي المتصاعد على المصالح الغربية بالمنطقة، بعد التطورات التي حصلت في نهاية السبعينات، وأهمها قيام الثورة الإيرانية، وحادث احتجاز موظفي السفارة الأمريكية في طهران، والتدخل العسكري السوفيتي في أفغانستان. وتعود فكرة إنشاء جيش أمريكي لمواجهة أي تهديد «خطير» للمصالح الأمريكية، في منطقة الخليج العربي بخاصة، إلى الفترة التي أعقبت مباشرة الحظر النفطي العربي المحدود ضد أمريكا وبعض الدول الغربية الأخرى، سنة 1973م. وقد كونت «قوات التدخل السريع» الأمريكية الجزء الأكبر من القوات الأمريكية التي شاركت في عملية «عاصفة الصحراء»، التي بدأت يوم 17/1/1991م ضد العراق، لاحتلاله الكويت. وقبل غزو واحتلال العراق وبعده تزايدت أعداد القواعد العسكرية الأمريكية الدائمة بالمنطقة، ودعمت هذه القواعد كما، وكيفا – كما هو معروف، بل كان من أهم أهداف غزو واحتلال العراق هو: إقامة قواعد عسكرية أمريكية دائمة بالعراق.
***
ولكن، لا يبدو الآن أن أمريكا في حاجة لاستخدام القوة المسلحة، أو حتى التلويح باستخدامها، لتحقيق أهداف سياستها تجاه المنطقة، وخاصة لضمان الحصول على النفط العربي؛ إذ لا يوجد حاليا أي تهديد يذكر ضد المصالح الأمريكية بالمنطقة، بما في ذلك مشاغبات «داعش» وما شابهها. وهناك ما يشبه التنسيق الأمريكي الفعال جدا لخدمة المصالح المشتركة، مع القوى العالمية والإقليمية المعنية، إضافة إلى وجود مصادر أخرى لإمدادات النفط، وأيضا بدائل محتملة وممكنة لهذا النفط..
ولا حاجة لبذل جهد كبير لإثبات «نجاح» السياسية الأمريكية تجاه المنطقة، بدرجة كبيرة وتزايد نجاح هذه السياسة، بشكل لم يسبق له مثيل، منذ أن انفردت الولايات المتحدة بالتربع على قمة العالم السياسية – الاقتصادية. وسبق أن تركنا للقارئ الكريم مسألة تحديد «مدى» نجاح هذه السياسة الأمريكية؛ آخذا في الاعتبار مدى «تحقق» كل هدف في أرض الواقع، والـ «تكلفة» المادية والمعنوية لما تحقق. وهنا أيضا، نترك للقارئ العزيز تحديد أهم «الأسباب» التي مكنت الولايات المتحدة من تحقيق هذا القدر من النجاح، في سياساتها تجاه المنطقة، وتحديد ما ينبغي أن يعمله العرب، تجاه هذه السياسات. فبعيدا عن التفكير المؤدلج، واختلاف المقاربات العربية تجاه ما يتهدد الأمة من مخاطر محدقة، فإن التفكير العقلاني يحتم ضرورة اتخاذ ردود أفعال سليمة وفعالة؛ تتجسد في: مواقف عربية رادعة مشتركة، لمواجهة أخطار مشتركة مؤكدة وداهمة، ولكن، هل ما زال لدى الأمة العربية الإرادة والقدرة المناسبة لمواجهة التحديات الكبرى، ومنها هذا التحدي؟!
***
ومع كل ذلك، يمكننا القول إن الولايات المتحدة، والغرب بصفة عامة، لم تحقق نجاحاً كبيرا حتى الآن بشأن عدم الاعتماد على النفط العربي. وذلك لاستمرار كون منطقة الخليج العربي، بصفة خاصة، محتوية على أكبر مخزون (احتياطي) نفطي معروف في العالم، حتى الآن. وكون استخراج هذا النفط أسهل، وذا جدوى اقتصادية أعلى نسبياً. وقد عملت أمريكا كل ما يمكنها عمله للحصول على نفط المنطقة بأقل تكلفة ممكنة، ومن ذلك: التلويح باستخدام كافة الوسائل إذا توقف انسياب النفط لأمريكا والغرب.
فمعروف، أن الولايات المتحدة أعلنت عدة مرات، وعلى لسان بعض كبار مسؤوليها، أنها ستقف ضد أي خطر يهدد وصول إمدادات النفط إلى الغرب. وقد جاءت أغلب هذه التصريحات عقب حرب أكتوبر سنة 1973م (رمضان 1393هـ) والحظر النفطي العربي المحدود الذي اتخذ ضد الولايات المتحدة، وبعض الدول الغربية الأخرى، لمواقفها المنحازة لإسرائيل، في الصراع العربي – الإسرائيلي. ولعل من أهم من صدرت عنهم هذه التصريحات كل من: «جيمس شيلسنجر» وزير الدفاع الأمريكي الأسبق، وهنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق أيضاً. وقد استخدمت الولايات المتحدة قواتها العسكرية، فعلاً، «لتحرير الكويت» من الاحتلال العراقي، ووقف التهديد العراقي للمصالح الدولية والأمريكية بالمنطقة. واستخدمتها لاحتلال العراق، والسيطرة غير المباشرة على موارده النفطية.
***
وبالنسبة لقدرة الولايات المتحدة على التدخل العسكري فهي كبيرة، كما هو معروف. فالولايات المتحدة هي الدولة العظمى الأولى الآن، ولها من الإمكانات العسكرية والتقنية ما قد يفوق الوصف. ومعروف، أن الولايات المتحدة لم تكتف بذلك، ولم تركن إلى قوتها العادية فقط، للدفاع عن «مصالحها»، في المنطقة، بل إنها كونت قوة خاصة، للمهمات السريعة، يشار إليها بـ«قوات التدخل السريع»، أو الانتشار السريع (Rapid Deployment Force، R.D.F. ) وذلك منذ سنة 1980م، عقب صدور «مبدأ كارتر»، المعبر عن القلق الأمريكي المتصاعد على المصالح الغربية بالمنطقة، بعد التطورات التي حصلت في نهاية السبعينات، وأهمها قيام الثورة الإيرانية، وحادث احتجاز موظفي السفارة الأمريكية في طهران، والتدخل العسكري السوفيتي في أفغانستان. وتعود فكرة إنشاء جيش أمريكي لمواجهة أي تهديد «خطير» للمصالح الأمريكية، في منطقة الخليج العربي بخاصة، إلى الفترة التي أعقبت مباشرة الحظر النفطي العربي المحدود ضد أمريكا وبعض الدول الغربية الأخرى، سنة 1973م. وقد كونت «قوات التدخل السريع» الأمريكية الجزء الأكبر من القوات الأمريكية التي شاركت في عملية «عاصفة الصحراء»، التي بدأت يوم 17/1/1991م ضد العراق، لاحتلاله الكويت. وقبل غزو واحتلال العراق وبعده تزايدت أعداد القواعد العسكرية الأمريكية الدائمة بالمنطقة، ودعمت هذه القواعد كما، وكيفا – كما هو معروف، بل كان من أهم أهداف غزو واحتلال العراق هو: إقامة قواعد عسكرية أمريكية دائمة بالعراق.
***
ولكن، لا يبدو الآن أن أمريكا في حاجة لاستخدام القوة المسلحة، أو حتى التلويح باستخدامها، لتحقيق أهداف سياستها تجاه المنطقة، وخاصة لضمان الحصول على النفط العربي؛ إذ لا يوجد حاليا أي تهديد يذكر ضد المصالح الأمريكية بالمنطقة، بما في ذلك مشاغبات «داعش» وما شابهها. وهناك ما يشبه التنسيق الأمريكي الفعال جدا لخدمة المصالح المشتركة، مع القوى العالمية والإقليمية المعنية، إضافة إلى وجود مصادر أخرى لإمدادات النفط، وأيضا بدائل محتملة وممكنة لهذا النفط..