لا ضرائب على دخل الفرد وأرباح الشركات
الأحد / 26 / ربيع الأول / 1438 هـ الاحد 25 ديسمبر 2016 02:05
عبدالله صادق دحلان
كنت وغيري من أبناء هذا الوطن ننتظر ميزانية العام الجديد وسط تكهنات كبيرة وتحليلات أكبر من بعض اقتصاديين ومحللين من مختلف طبقات المجتمع وفئاته، كانوا قلقين من بعض الإشاعات التي أرسلها بعض مثيري الشغب المعلوماتي بغية إثارة الرعب والخوف الاقتصادي، حيث سرب البعض معلومة عن توجه المملكة لفرض ضرائب على الدخل للسعوديين والأجانب والأفراد والمؤسسات والشركات بأنواعها السعودية وغير السعودية. ورغم أنني لا ألوم صانع القرار لو اتخذ قرار فرض الضرائب العادلة لمعالجة العجز في الميزانية أو لتكوين فوائض دخل لتحقيق مشاريع التنمية الشاملة المستقبلية في المملكة؛ إذ إن الضرائب ليست حكراً على الدول النامية والفقيرة الموارد وإنما أكبر دافعي الضرائب هم في الدول الغنية والصناعية الكبرى ولها نظامها الضريبي المتدرج في النسبة لأصحاب الدخول الفردية والأرباح المحققة للشركات والمؤسسات العاملة. ورغم الظرف الاقتصادي الصعب الذي تمر به الدول المنتجة للبترول نتيجة انخفاض أسعار البترول الذي تعتمد على إيراده في تغطية بنود ميزانياتها ورغم ارتفاع أرقام العجز في الميزانيات منذ سنوات إلا أن الدولة السعودية لم تلجأ ولم تنظر في فرض ضرائب الدخل على الأفراد والشركات وهو قرار صائب في المرحلة الحالية. ومن المؤكد أن أي إصلاحات اقتصادية سوف تكون لها آثار اقتصادية سلبية على طبقة ذوي الدخل المحدود نتيجة تأثير بعض المبادرات المختلفة مثل رفع الدعم على الطاقة (بنزين وغاز وماء) وغيرها مما يؤدي إلى رفع أسعار منتجات الطاقة والمياه. وهذا مما سيؤثر مباشرة على تكلفة المعيشة نتيجة ارتفاع فواتير الكهرباء والماء وستحدث أثراً غير مباشر على سعر السلع التي تنقل بوسائط نقل تستخدم الوقود فيها ومنها المواد الغذائية مثل الأرز والسكر والدقيق واللحوم والخضراوات والفواكه وغيرها مما قد يسهم في رفع أسعارها. وتحسباً لهذا الأثر وحفاظا على مصلحة طبقة ذوي الدخل المحدود والمتوسط المنخفض وهي الأهم داخل المجتمع وهي شريحة كبيرة تمثل نسبتها في بلادنا نحو 40% من سكان المملكة ولكنها تمثل 30% من إجمالي المستفيدين من الدعم الحكومي وتستفيد الشرائح الأخرى المتوسطة والكبرى بنسبة 70% من الدعم الذي لم يخصص من الدولة لأجلها وبالتالي يذهب الدعم لغير الفئة المستحقة. وحرصاً من القيادة السعودية على أن يصل الدعم لأصحابه من فئة ذوي الدخل المحدود والمتوسط المنخفض قررت فرض سياسة جديدة لدعم هذه الفئات عن طريق رفع الدعم عن الكل وتوجيه دعم مباشر لهذه الفئات عن طريق حساب جديد أنشأته بمسمى (حساب المواطن) موجه للأسرة السعودية ويضاف لهم الأفراد السعوديون غير المتزوجين الذين يعيشون بشكل مستقل عن أسرهم، ويضاف لهم أسرة الأم السعودية المتزوجة من غير سعودي. وحاملو بطاقات التنقل ويأتي في مقدمة المستفيدين أصحاب المعاشات من الضمان الاجتماعي وسيكون الدعم عبارة عن بدلٍ نقداً يصرف مباشرة للأسر السعودية. وعلى الأسرة السعودية أن تحسن استخدام البدل إما في سد العجز نتيجة ارتفاع الأسعار أو الترشيد في الإنفاق والاستفادة من الدعم. ومن أهم القرارات التي اتخذتها في هذا الموضوع هو صرف بدل الدعم النقدي الأسر السعودية والمشمولين بالدعم قبل صدور قرار سحب الدعم وقبل تطبيق أي إصلاحات هيكلية تمس المواطنين وذلك لإعطاء الأسر السعودية الوقت الكافي في إعادة هيكلة اقتصاديات الإنفاق في أسرهم. ومن أهم الخطط الجديدة في الميزانية هي رفع كفاءة الإنفاق بشكل مستدام وما يتطلبه ذلك من إصدار الأنظمة واللوائح المنظمة والمراقبة لتفعيل هذه السياسات التي تهدف إلى تحويل المشتريات الحكومية إلى عملية إستراتيجية من خلال توحيد المشتريات الإستراتيجية في وحدة مشتريات مسؤولة عن إدارة فئات الإنفاق بمستويات مختلفة والاستفادة من الاحتياج الحكومي بمجمله لتحسين الجودة والقيمة، كما أن من أهم التوجهات المستقبلية في الميزانية الجديدة الأخذ بالاعتبار (تكلفة الملكية الإجمالية) في عملية تخطيط المشاريع والموافقة عليها وأن يتم تخطيط الاحتياج الحكومي بشكل مركزي يركز على الطاقة الاستيعابية وحجم الطلب. إن من أهم ما يميز التوجه الجديد في تنويع مصادر الدخل عن طريق رفع الدعم عن بعض عناصر المعيشة الأساسية هو الأخذ في الاعتبار عدم تأثر فئة ذوي الدخل المحدود والمتوسط المنخفض التي تمثل 40% من سكان المملكة. وهو توجه له بعد اجتماعي وإنساني.