أخبار

الأكراد.. العقدة «المتربصة» بالتسوية السورية

2016 يرحل والنظام الفيديرالي يبحث عن عراب «دولي»

مقاتلة من وحدات حماية الشعب في منبج. (أ. ف. ب)

عبدالله الغضوي (جدة)

كان اجتماع الخميس الماضي للقوى الكردية والمتحالفة معها في رميلان (الشمال السوري)، لحظة لافتة تستحق التوقف لما لها من ارتدادات مستقبلية على الشمال خصوصا، وعلى التسوية السورية المرتقبة، ففي الوقت الذي تعمل فيه أبرز القوى الإقليمية اللاعبة في الساحة السورية لتثبيت هدنة يمكن أن يهدأ فيها صوت المدافع، خرج الأكراد بإعلان النظام الفيديرالي في مناطق سيطرتهم.

صحيح أن هذا الاجتماع كان مقررا من قبل، إلا أن طبيعة تشابكات العُقد السورية أرادت أن تظهر على السطح لتختبر إمكان الحلول مستقبلا؛ إذ بدا المشهد أن ثمة هدنة توقف القتل والدم، وفي الوقت ذاته فيديرالية تكون ثمن هذا الهدوء.. تبدو المساومة كبيرة وصعبة إلى حد بعيد بالنسبة لغالبية الشعب السوري.. لكن على أية حال هل نطمس طموحات الأكراد في الميراث السوري!؟

عند المسألة الكردية تتقاطع كل الخلافات الدولية والإقليمية وهي معيار جيد لجس النبض الداخلي والإقليمي، فالمواقف متزاحمة حول هذه «العقدة الكردية» بدءا من الموقف التركي إلى موقف الفصائل مرورا بالموقف الأمريكي والروسي وحتى نظام الأسد.

أول المعارضين لقيام مثل هذه الفيديرالية في ما يسمى بمقاطعات (الجزيرة - عفرين - كوباني)، هو الجانب التركي، الذي يرى في هذا الأمر محرضا لتفتيت تركيا وقيام كيانات عرقية في الجنوب التركي الذي تقطنه الغالبية الكردية، أما المعارضة المسلحة فهي ترفض رفضا تاما قيام مثل هذه الكيانات؛ لأنها تناصب فكرة التقسيم والفيديرالية العداء كونها تتناقض مع الحالة التاريخية لوحدة سورية التي رفضت الفيديرالية منذ زمن الاحتلال الفرنسي.

الغريب في الأمر الموقف الأمريكي؛ فرغم الدعم العسكري اللامحدود لقوات سورية الديموقراطية التي يشكل الأكراد عصبها الرئيسي، إلا أنها ليست متحمسة لقيام هذه الفيديرالية. وحين أعلن حزب الاتحاد الديموقراطي «الكردي» إنشاء الفيديرالية في مارس الماضي، رفضت واشنطن تأييد هذه الخطوة رغم التحالف القائم ضد تنظيم داعش. وقد انتهز الأكراد الفرصة قبل يومين بإعلان النظام الفيديرالي بعد أيام قليلة من وصول دفعة دسمة من السلاح إلى مناطقهم في سورية، ليوحي الحزب أن النظام الفيديرالي يتناغم مع الموقف الأمريكي.. ولعل أحد أبرز الخلافات التركية ـ الأمريكية في المسألة السورية يكمن في وقوف واشنطن إلى جانب الأكراد.

أما روسيا؛ التي تمتلك علاقات جيدة مع حزب الاتحاد الديموقراطي، واستقبلت مكاتب تمثيل لهذا الحزب، فهي ليست متحمسة للمشروع الفيديرالي كونه يتعارض مع الموقف التركي، فضلا عن أن موسكو تسعى للسيطرة على سورية بالكامل وفكرة الفيديرالية قد تضع المصالح الروسية في خطر، خصوصا أن الأكراد يميلون للجانب الأمريكي.

إذن؛ حتى هذه اللحظة لا تبدو الظروف الإقليمية والدولية ملائمة لقيام مثل هذا الكيان السياسي، هذا يعني أننا أمام عقدة ومشروع سياسي صعب التطبيق سيكون اختبارا للتسوية السورية في حال انطلق قطار التسويات.