قسوة السوشيال ميديا!
نقطة في بحر
الاثنين / 11 / ربيع الثاني / 1438 هـ الاثنين 09 يناير 2017 01:56
محمد العصيمي
أول ما ظهرت (السوشيال ميديا) أو وسائل التواصل الاجتماعي تبادل البشر التهاني بهذه الوسائل التي ستربطهم ببعضهم وستجعل إنسانا في المجمعة في السعودية قادرا على الاتصال بإنسان آخر في سان أنطونيو الأمريكية. كان تفاؤل الناس واضحا بقدرة هذا التواصل على بناء الجسور بين الثقافات والحضارات ومبادلات (البزنس) المفيد للجميع. ومع حدوث ذلك إلا أنه أصبح الآن في أضيق نطاق بحسب دراسات وقراءات أثبتت أن لوسائل التواصل الاجتماعي وجوها متعددة للقسوة والآثار المدمرة على المستوى الفردي وعلى المستويين المجتمعي والوطني.
أول مظاهر هذه القسوة تمكين الإرهابيين، والعنيفين حول العالم بشكل عام، من بث أفكارهم وسموم إرهابهم وعنفهم عبر العالم بسهولة؛ الأمر الذي أدى إلى تجنيد وتوحيد كثير من المراهقين والمراهقات والشباب والشابات تحت راية الإرهاب والعنف، حيث لم يعد يمكن استثناء شعب أو جنسية من هذا التجنيد الطاغي في عالم اليوم. ولأن قادة هذا الإرهاب وهذا العنف عرفوا التأثير المباشر والقوي لهذه الوسائل فقد استغلوها بكثرة وتفننوا في ذلك إلى درجة عجزت وقصرت عنها كل حكومات العالم ومؤسساته المدنية ومنظماته الإنسانية إلى الآن.
الطائفيون نافسوا الإرهابيين في تأكيد قسوة هذه الوسائل حين استغلوها أبشع استغلال لبث سموم طائفياتهم عبرها؛ بعد أن كانت طي نفوسهم الخبيثة زمن الوسائل التقليدية التي كان حراس بواباتها يمنعون كل ما من شأنه بث الفرقة وشحن الأنفس على أساس عرقي أو طائفي أو مناطقي. وهذا أدى، كما رأينا في أكثر من مكان، إلى إسقاط دول وتهديم مجتمعات كانت آمنة ومتوافقة على العيش المشترك واحترام اختيارات مكوناتها الاجتماعية.
على الصعيد الفردي تتجلى هذه القسوة في فقدان الشعور باللحظة على المستوى الإنساني الطبيعي؛ إذ إن كل لحظاتك التي يفترض أن تكون سعيدة هي افتراضية وليست واقعية، فأنت، في كل نص أو صورة ترسلها بالضغط على زر هاتفك الجوال، ليس أنت في الغالب على حقيقتك وإنما تجمل (حضورك) الافتراضي لتكسب متابعين أو معجبين لا تعرفهم ولا يريدون أن يروك، افتراضيا، إلا وأنت في صورة جيدة لكي يلتفتوا إليك.
مظهر آخر من مظاهر قسوة هذه الوسائل الجديدة الحتمية يظهر في عزلك عمن يجلس بجانبك من أفراد أسرتك أو أصدقائك. كلنا، بحضور الأقارب والأصدقاء حولنا على نفس الكنبة، نتخاطب مع أناس آخرين قد تعزلنا عنهم آلاف الكيلو مترات ولا نرى سوى رموزهم وصورهم التي قد تكون غير حقيقية ونتفاعل معهم على اعتبار أن هذه هي الحياة الجديدة التي نخضع لشروطها ونتميز بقدر ما ننتسب إلى عالمها. وهذا يفوت عليك التواصل الواقعي الطبيعي مع من يعنيك أمره وتهتم لشأنه مثل زوجتك أو ابنك أو ابنتك أو أي ممن يشاركك البيت أو مكتب العمل أو الطاولة في المقهى.
النتيجة هي أن وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن كانت في بداياتها محل تباشر واعتبار إنساني تحولت شيئا فشيئا إلى ما يشبه الوباء الاتصالي الذي أفقد الإنسان ذاتيته وشعوره الواقعي بالآخرين، فضلا عن دورها التدميري الذي لا يمكن أن يقاس، بأي حال من الأحوال، بأدوارها المفيدة والناجحة على المستوى الإنساني وتبادل المنافع. وما أتوقعه، بعد سنوات قليلة، هو أن العالم سيصدر جملة تشريعات وتنظيمات للحد من قسوة هذه الوسائل، وستنشأ عيادات نفسية وجماعات تعالج المصابين بالخوف والاكتئاب وعدم الثقة من جراء التصاقهم بشاشات العالم الافتراضي.
أول مظاهر هذه القسوة تمكين الإرهابيين، والعنيفين حول العالم بشكل عام، من بث أفكارهم وسموم إرهابهم وعنفهم عبر العالم بسهولة؛ الأمر الذي أدى إلى تجنيد وتوحيد كثير من المراهقين والمراهقات والشباب والشابات تحت راية الإرهاب والعنف، حيث لم يعد يمكن استثناء شعب أو جنسية من هذا التجنيد الطاغي في عالم اليوم. ولأن قادة هذا الإرهاب وهذا العنف عرفوا التأثير المباشر والقوي لهذه الوسائل فقد استغلوها بكثرة وتفننوا في ذلك إلى درجة عجزت وقصرت عنها كل حكومات العالم ومؤسساته المدنية ومنظماته الإنسانية إلى الآن.
الطائفيون نافسوا الإرهابيين في تأكيد قسوة هذه الوسائل حين استغلوها أبشع استغلال لبث سموم طائفياتهم عبرها؛ بعد أن كانت طي نفوسهم الخبيثة زمن الوسائل التقليدية التي كان حراس بواباتها يمنعون كل ما من شأنه بث الفرقة وشحن الأنفس على أساس عرقي أو طائفي أو مناطقي. وهذا أدى، كما رأينا في أكثر من مكان، إلى إسقاط دول وتهديم مجتمعات كانت آمنة ومتوافقة على العيش المشترك واحترام اختيارات مكوناتها الاجتماعية.
على الصعيد الفردي تتجلى هذه القسوة في فقدان الشعور باللحظة على المستوى الإنساني الطبيعي؛ إذ إن كل لحظاتك التي يفترض أن تكون سعيدة هي افتراضية وليست واقعية، فأنت، في كل نص أو صورة ترسلها بالضغط على زر هاتفك الجوال، ليس أنت في الغالب على حقيقتك وإنما تجمل (حضورك) الافتراضي لتكسب متابعين أو معجبين لا تعرفهم ولا يريدون أن يروك، افتراضيا، إلا وأنت في صورة جيدة لكي يلتفتوا إليك.
مظهر آخر من مظاهر قسوة هذه الوسائل الجديدة الحتمية يظهر في عزلك عمن يجلس بجانبك من أفراد أسرتك أو أصدقائك. كلنا، بحضور الأقارب والأصدقاء حولنا على نفس الكنبة، نتخاطب مع أناس آخرين قد تعزلنا عنهم آلاف الكيلو مترات ولا نرى سوى رموزهم وصورهم التي قد تكون غير حقيقية ونتفاعل معهم على اعتبار أن هذه هي الحياة الجديدة التي نخضع لشروطها ونتميز بقدر ما ننتسب إلى عالمها. وهذا يفوت عليك التواصل الواقعي الطبيعي مع من يعنيك أمره وتهتم لشأنه مثل زوجتك أو ابنك أو ابنتك أو أي ممن يشاركك البيت أو مكتب العمل أو الطاولة في المقهى.
النتيجة هي أن وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن كانت في بداياتها محل تباشر واعتبار إنساني تحولت شيئا فشيئا إلى ما يشبه الوباء الاتصالي الذي أفقد الإنسان ذاتيته وشعوره الواقعي بالآخرين، فضلا عن دورها التدميري الذي لا يمكن أن يقاس، بأي حال من الأحوال، بأدوارها المفيدة والناجحة على المستوى الإنساني وتبادل المنافع. وما أتوقعه، بعد سنوات قليلة، هو أن العالم سيصدر جملة تشريعات وتنظيمات للحد من قسوة هذه الوسائل، وستنشأ عيادات نفسية وجماعات تعالج المصابين بالخوف والاكتئاب وعدم الثقة من جراء التصاقهم بشاشات العالم الافتراضي.