زمن النطنطة
أشواك
الخميس / 14 / ربيع الثاني / 1438 هـ الخميس 12 يناير 2017 01:21
عبده خال
قرأت تصريح الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للترفيه أن الهيئة تستهدف أهدافا متنوعة لنشر السعادة في المجتمع.
وأجد نفسي في حيرة مع هذه الهيئة فمسماها يشي أنها وجدت من أجل هذه السعادة التي تيبَّست في أوصال المجتمع.
أي أن المخطط وصل إلى يقين بأهمية تقليب تربة المجتمع من أن يتنفس ويجدد خلاياه التي تعرضت لموجة من الكآبات حتى كدنا أن نقول: إن مجتمعنا لا يضحك وأنه نسي الابتسامات في منحنيات الأيام الماضية التي يطلق عليها البعض (زمن الطيبين) أو (الزمن الجميل).
ولو افترضنا أن هذه هي الحقيقة التي وصل إليها المجتمع بسبب السنوات العجاف التي امتازت بتحريم كل مناشط الحياة حتى طالت جميع الفنون أداء واستماعا ومشاهدة، ذلك الزمن لم يكن سنوات قليلة بل عقودا من الزمان فمعظم من بلغ الخمس والثلاثين من عمره عاش في تلك الفترة المترمدة فخرج جيل لايزال ميقنا بما تم تلقينه به فجل أبناء هذا الجيل يرى أن الغناء محرم والموسيقى محرمة والنحت محرم والتصوير محرم والمسرح والسينما والشطرنج وتربية الحمام والأكل في الأسواق.. عشرات من التحريمات وأقل تحذيرا أن هناك كراهية في فعل هذا أو ذاك.
وصدقا أقول عشنا عشرات السنوات ونحن أسياد التجهم حتى أن البعض كان يدافع عن عبوسه بغلظة أشد من العبوس ذاته ويعقر محاججتك له: إن الضحك يميت القلب.
وكانت النتيجة موت قلوب أفراد المجتمع بالكآبة والأمراض النفسية والقرف والتطنيش وحمل كل فرد تشظيه واستتر في مكان منعزل وفضل الاختباء. هذا الوضع منحنا خصلة التناقض فغدت كثير من الشخصيات لها أقنعة عدة وتظهر في كل حالة بقناع.
إذًا، حيرتي مع هيئة الترفيه ليس منبعها متى تمارس دورها الفعلي في خلق السعادة في المجتمع، فالجملة الأخيرة ليست السماح لأن «ننطنط» قليلا أو نحضر العرضة ونحن لا نعرف طقوسها أو نطالب بالسينما أو نحضر مسرحية.
خلق السعادة قبل أن تكون جملة عالقة في الهواء هي جملة مهمة تتغلغل إلى عمق المأساة التي عشنا فيها عقودا وتصبح تلك الجملة في غاية الصعوبة لأنها تستوجب اجتثاث عقود من الزمن الذي حرمت فيه الضحكة، فهل تستطيع الهيئة أن تعيدنا للزمن الجميل؟
تعيدنا بوعي لأهمية دورها وإبطال زمن التجهم، وإن لم تكن على علم بهذا الدور فلتساعدنا أن ننطنط على الأقل من غير لوم يبطل السعادة المفتعلة.
Abdookhal2@yahoo.com
وأجد نفسي في حيرة مع هذه الهيئة فمسماها يشي أنها وجدت من أجل هذه السعادة التي تيبَّست في أوصال المجتمع.
أي أن المخطط وصل إلى يقين بأهمية تقليب تربة المجتمع من أن يتنفس ويجدد خلاياه التي تعرضت لموجة من الكآبات حتى كدنا أن نقول: إن مجتمعنا لا يضحك وأنه نسي الابتسامات في منحنيات الأيام الماضية التي يطلق عليها البعض (زمن الطيبين) أو (الزمن الجميل).
ولو افترضنا أن هذه هي الحقيقة التي وصل إليها المجتمع بسبب السنوات العجاف التي امتازت بتحريم كل مناشط الحياة حتى طالت جميع الفنون أداء واستماعا ومشاهدة، ذلك الزمن لم يكن سنوات قليلة بل عقودا من الزمان فمعظم من بلغ الخمس والثلاثين من عمره عاش في تلك الفترة المترمدة فخرج جيل لايزال ميقنا بما تم تلقينه به فجل أبناء هذا الجيل يرى أن الغناء محرم والموسيقى محرمة والنحت محرم والتصوير محرم والمسرح والسينما والشطرنج وتربية الحمام والأكل في الأسواق.. عشرات من التحريمات وأقل تحذيرا أن هناك كراهية في فعل هذا أو ذاك.
وصدقا أقول عشنا عشرات السنوات ونحن أسياد التجهم حتى أن البعض كان يدافع عن عبوسه بغلظة أشد من العبوس ذاته ويعقر محاججتك له: إن الضحك يميت القلب.
وكانت النتيجة موت قلوب أفراد المجتمع بالكآبة والأمراض النفسية والقرف والتطنيش وحمل كل فرد تشظيه واستتر في مكان منعزل وفضل الاختباء. هذا الوضع منحنا خصلة التناقض فغدت كثير من الشخصيات لها أقنعة عدة وتظهر في كل حالة بقناع.
إذًا، حيرتي مع هيئة الترفيه ليس منبعها متى تمارس دورها الفعلي في خلق السعادة في المجتمع، فالجملة الأخيرة ليست السماح لأن «ننطنط» قليلا أو نحضر العرضة ونحن لا نعرف طقوسها أو نطالب بالسينما أو نحضر مسرحية.
خلق السعادة قبل أن تكون جملة عالقة في الهواء هي جملة مهمة تتغلغل إلى عمق المأساة التي عشنا فيها عقودا وتصبح تلك الجملة في غاية الصعوبة لأنها تستوجب اجتثاث عقود من الزمن الذي حرمت فيه الضحكة، فهل تستطيع الهيئة أن تعيدنا للزمن الجميل؟
تعيدنا بوعي لأهمية دورها وإبطال زمن التجهم، وإن لم تكن على علم بهذا الدور فلتساعدنا أن ننطنط على الأقل من غير لوم يبطل السعادة المفتعلة.
Abdookhal2@yahoo.com