ثقافة وفن

.. لأبطال الحد الجنوبي قبل رحيله «ليتني معكم»

مساعد الرشيدي

سلطان بن بندر (جدة)

يعرف «محبو» الراحل مساعد الرشيدي جيدا معنى الوطن لدى «زعيم الشعر»، مثلما يعرف الشعر جيدا، كيف يكون الإحساس العذوبة عندما يكتبه الرشيدي، ويشهد التاريخ والناس أيضا أن مساعد الرشيدي قال في آخر لقاءاته التلفزيونية أبطال الحد الجنوبي «ليتني معكم» متمنيا مشاركتهم في الذود عن حدود الوطن، عسكريا وشاعرا لم يغب يوما بشعره وشجاعته عن الدفاع عن وطنه، منذ أول يوم ارتدى فيه لباس الحرس الوطني الذي أحب.

تفجرت شاعرية الراحل الرشيدي فخرا وسلاما لأبطال الجنوب جاءت في قصيدة حربية قال في أولى أبياتها:« سلّم علي اللي مرابط في سماء الخوبة/‏‏ واللي على مدفعه واللي بدبابه .. واللي بدوريته واللي مسك نوبه /‏‏ واللي بقمة جبل دخان مرقابه»، حتى قوله :« لو يعرفون السعودي ما تمهزو به /‏‏ ولا قادو ركابهم للشر بركابه .. باعو يمنهم وعهد الجار خانو به /‏‏ لين أونسو حرها من ضرب مخلابه».

وعلى الرغم من أن الشعر فتح له الكثير من الأبواب الموصدة، ومنح الرشيدي وباقتدار شهرة بلغت حدود السماء، إلا أنه لم يفكر يوما ما في التخلي عن خدمته الوطن والذود عن حماه من خلال عمله في وزارة الحرس الوطني ضابطا برتبته عميد، يحمل لواء الشعر في الحرس الوطني في كتيبة شعرائه إلى جوار الشاعر خلف بن هذال وغيره من الشعراء الذين خدموا وطنهم شعريا وعسكريا. ولاء الراحل مساعد الرشيدي لوطنه وللحرس الوطني، ظهر جليا في العديد من أبياته التي تغنى فيها بالوطن تارة، وبالحرس الوطني تارة أخرى، يقول في الحرس: «يا طوابير الحرس يا مناديب الرجوله/‏‏ يا حماة الرايه اللي تعلّا شانها.. في ميادين الشرف جالكم صوله وجوله/‏‏ لين صنتوا للمعالي شرف ميدانها»

وطنية العميد الراحل، لم تقف على حدود عمله العسكري وفخره به فحسب، بل جاوزت ذلك إلى إقامته للعديد من الأمسيات الشعرية في مختلف المدن السعودية، والتي اعتاد أبناء الوطن السعودي أن يصافحهم مساعد الرشيدي بأبيات شعرية تفوح حبا وفخرا بهم وبمدينتهم، يقول في أولى قصائده في أمسية الجوف: «الدار داري وين ما ألد وأشوف /‏‏ وأنا بحب الدار راعي طويله .. تبرق شمال و تلمع قلوب و سيوف /‏‏ ونبرق جنوب و كل عز نخيله»، وقال في أمسيته التي أشغلت سكان مدينة نجران عن متابعة مباريات كأس العالم آنذاك :« ربعٍ على الحد الجنوبي صنتم /‏‏ هيبة وطن تفخر به الأوطاني».

رحل مساعد الرشيدي تاركا وراءه إرثا أدبيا وشعريا، سار بها في جميع أغراض الشعر حتى هُذِّب بها وزن القصيد والقافية، وأبيات يفخر بها محبوه قبل أبنائه، وشجاعة سعودي أطاع ولي أمره في المنشط والمكره، يقول« لادعانا خادم البيتين سلمان المهابه/‏‏ من يسابقنا على الحرب حنا نسبقه».