كتاب ومقالات

ما الجديد.. عن الرياضة والحفلات؟!

ومضة شعاع

إبراهيم إسماعيل كتبي

استعدت مدننا بمهرجانات مناسبة لتوفير فقرات وبرامج ترفيه خلال عطلة نصف العام الدراسي، وفي هذا حرصت هيئة الترفيه على تنظيم حفل فني في جدة، وكالعادة انبرى وتبارى كثيرون لرفض وانتقاد هذا الحفل الذي عادة ما يتضمن ضمن فقراته التغني بحب الوطن ويتفاعل معها الحضور. ومثال آخر هو ما سبق وأعلنته الهيئة العامة للرياضة عن عزمها إصدار تراخيص خاصة لافتتاح مراكز رياضية نسائية تخص اللياقة الصحية بعد إصدار الاشتراطات واللوائح المنظمة لها، لكن البعض يصر على التعامل مع ذلك بمنظور التحريم، بانتقادها والتهجم عليها بذريعة المفسدة.

المحصلة أن مثل هكذا خطوات وغيرها من قرارات تصدر للاستجابة الواعية والمنضبطة لحاجات المجتمع وفائدته، نجدها تثير خلافات حادة من البعض ويتفاعل معها كثيرون في انقسام يفسد للود كل قضية، دون إدراك لخطورة تأثيرات شبكات الاتصال والتواصل الحديثة التي تجعل من خطوة وقضية بمثابة كرة من الخيط المتشابك لا نعرف له أول من آخر.

الحفلات الفنية لكبار المطربين السعوديين في مواسم العطلات قديمة في بلادنا منذ عقود، وكان البعض يسافر لحضور حفلاتهم في الخارج بدول مجاورة خلال المواسم الصيفية، حتى انتظمت في مهرجانات داخلية بجدة وأبها والطائف والباحة تتميز بالسياحة النظيفة، كذلك ممارسة الرياضة مطلوبة للجميع وأبسطها المشي من أجل صحة المجتمع، وتنظيمها للنساء عبر مراكز خاصة بهن خطوة صحيحة لصحة بدنية ونفسية أفضل، وفوائد اقتصادية للاستثمارات النسائية. الساحة الإعلامية الفضائية متاحة على مدار الساحة وتعرض المقبول وغير المقبول والغث والثمين، وبدرجة أكبر وأخطر الساحة الإلكترونية التي باتت في حالة من الاشتباك الشديد وخلط الأوراق في كل قضية، على حساب المعلومة الصحيحة والموضوعية والاتزان واختلطت النوايا الصادقة بالمشوهة بغير البريئة، وغلب الاختلاف على ثقافة التعبير حتى بات يبدو وكأن الاختلاف الحاد والإساءات هو الأساس، بينما الاتفاق وصواب التفكير هو الاستثناء، وتلك بيئة للإشاعات والافتراءات ومشاهد غوغائية لا أول لها ولا آخر.

الاختلاف سنة الحياة، والخلاف في الرأي رحمة شرط ألا يؤدي إلى اختلافات واصطفافات غير مبررة، تختطف عقول العامة وتضيع فضيلة الحوار والتعمق والتحقق والرأي والنقد البنّاء الهادف، بينما نجد في العالم مجتمعات متعددة الأعراق واللغات والأديان والعادات، يحرصون على ما يجمعهم وليس ما يفرق بينهم، حتى إن شذ بعضهم بين إفراط وتفريط وتفصل العدالة في أي تجاوز مسيء. ما يحدث على شبكات التواصل ينبه إلى ضرورة البحث عن أن أصل الداء في إهمال ثقافة الحوار في التربية الأسرية وفي التعليم حتى دفع هذا كليهما ثمن هذا الإهمال في ثقافة الحوار وبات الانتقاد للتربية والمناهج، بل لا تجد قطاعا إلا وينال نصيبه من التجاوز في الآراء وأصبحنا نفتش عن ثقافة التسامح والحوار والرأي الذي لا يفسد للنقاش قضية، وحاجتنا إلى الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة دون تصنيفات فكرية أو شطحات رأي متعجل وسطحي كمن يزعم أن هيئة الترفيه جاءت على حساب هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

تفعيل قنوات التوعية والتنشئة على قيم الحوار والموضوعية وتفهم الآخر والتعامل مع الواقع بعقل هو أمر مطلوب طالما لا يمس ثوابت، وذلك إذا أردنا أن نرشد النقد بالحوار الموضوعي، وليدرك كل إنسان أن من يسيء للغير إنما يسيء لنفسه أولا وينتظر العقوبة ورد الحقوق.