كتاب ومقالات

الأشقر بعيداً عن أجا..بعيداً عن سلمى

محمد علوان

ها هو يغادرنا وحيداً يترك أقلامه وأحلامه وأطفاله الذين طالت قاماتهم، ها هو يغادرنا وحيداً إلى الضفة الأخرى يحمل معه خطاياه، يحمل قلباً أبيض، يحمل معه مواقف لا تنال من أحد، يحمل محبة وتسامحاً، ولا يحمل كرهاً ومقاضاة. ليس له حسابات مسبقة، أراد أن يكون لوناً يضاف إلى لوحة الوطن، يكتب الفن ما استطاع ويحاول أن يكون متفرداً.

لم أسمع عنه طيلة حياتي سوى الكلمة التي تبني ولا تهدم، كان الانتماء لديه يتحدد في الوطن والكتابة والقصة بالذات، يقرأ، يحب الناس ومنزله مثل أجا وسلمى معبرٌ للأحبة والغرباء والمبدعين، وكما هم أهل حائل لا يفتعلون الكرم والترحاب والبسمات التي تصدر من داخل أفئدتهم، هم أهل العشق والغناء والبيوت التي بلا أبواب. فقدنا صالح الأشقر وهو واحد من فرسان القصة القصيرة ومن المبدعين الغرباء كما هو حال بقية المثقفين الأنقياء، يؤلمنا جداً وأنا واحد من هؤلاء أن تكون هناك وزارة للثقافة لا تعرف أحداً من المبدعين في شمال المملكة أو جنوبها شرقها أو غربها.. هي وزارة لم تدافع حتى هذه اللحظة في الحرص على وجود كيان يضم كل المبدعين وسمّوه ما شئتم: اتحاداً.. منظمة.. هيئة تلم شتات المبدعين من الجنسين، تتابع حالاتهم وظروفهم المعيشية والصحية، وهو واجبٌ من أهم الواجبات التي تناط بوزارة الثقافة الملتحفة ببشوت دافئة أمام كاميرات التليفزيون.

أنا أراهن لو سألنا بعضهم في هذه الوزارة عن أسماء الكثير من الكاتبات والكتاب والمبدعات والمبدعين في كل شأن ثقافي ستكون هناك المفاجأة الكبرى «عدم المعرفة» ليس هناك أي علاقة إيجابية بين الوزارة وبين المثقفين سوى بعض الدعوات التي دائماً تضل طريقها وتذهب إلى أنصاف الموهوبين وأدعياء الثقافة والفن وهم كثر هذه الأيام. تواترت هذه الخواطر عندما مرض صالح الأشقر وذهب إلى الضفة الأخرى عند خالق البشر حيث المنتهى لدى أكرم الأكرمين.. خشيتي أن تذهب وزارة الثقافة بعيداً عن وظيفتها الأساسية وهو الذي يتضح الآن.. فربما تتعاقد مع شركة لخدمة الثقافة والمثقفين وستكون المثقفة أو المثقف خانةً ورقماً لا يتميز بشيء وربما تقوم الشركة مشكورة بتصنيف المبدع بأرقام وحروف وقد تحيل هذه الشركة بعد فترة زمنية فلاناً من المثقفين إلى التقاعد وهي في الأصل لم تقدم سوى خدمة التصنيف. ميزة المثقف يا سادتي في وزارة الثقافة أنه لم ولن يطلق عليه مثقف سابق أو مبدع سابق.. فالثقافة ليست وظيفة ولا مهنة.. الثقافة عالم حرٌ وخلاق.

نعم يقال: فلان كان وزيراً سابقاً لأنه موظف إلا إذا كان هذا الوزير يحمل الوطن والمواطن والإبداع في داخله.

صالح ! أغلقت يا صديقي كل الأبواب، لن تسمع ضجيجاً يؤذيك، ولا ألماً يعبث بك.. ستمضي نقياً كما كنت ومحباً للجميع.. رحمك الله.

__________

* قاص سعودي