كتاب ومقالات

قصة الإرهاب

عبير الفوزان

@abeerfoz

الإرهاب يبدأ من الأسرة، من بين جدران البيوت.. من الآباء المرضى نفسيا، من الأمهات الخانعات، من القمع والازدراء.. من القهر وقلة الحيلة، كل هذا يكون أرضا خصبة ليشب عن الطوق إرهابي صغير حانق وناقم وكاره للمجتمع والدولة وحتى جلده الذي لا يتردد في أن يفتته بحزام ناسف.

عندما يتحدث مصلح عن الحب يرمونه بالفجور، وعندما يتحدث عن التسامح يرمونه بالتواطؤ مع العدو، وعندما يتحدث عن الفن والموسيقى والجمال وكل ما يهدئ الأنفس التي كلت من تعب بيوتها يرمونه بالكفر والعهر.

ليس الكل رضع كرها في بيته، لكن بالتأكيد هناك من رضعه، لذا يحتاج إلى طاقة يتنفس منها حياة طبيعية خارج جدران بيته وأسرته.. يحتاج حباً في مدرسته، في عمله، وفي الشارع وعند أصدقائه الطيبين.. يحتاج إلى ذلك الدعم، وتلك الخبرات النقية التي تخبره أن الحياة جميلة، وحتى الآخرة جميلة بفعل الخير والحب.. لا الشر بدعاوى كثيرة.

حادثة حي الحرازات في مدينة جدة ليست الأولى من نوعها، وربما لن تكون الأخيرة، لكن الأمن السعودي بالمرصاد لإفرازات الكره، وحليبه. ما الذي دعا إرهابيين إلى التمنطق بأحزمة ناسفة وتفجير نفسيهما لتتناثر أشلاؤهما في المكان، بعد ما حاصرتهما قوات الأمن وأدركا أن لا مفر؟!

إنه اليأس.. الكره.. الخوف.. تلك المشاعر الموغلة في النفس، والتي لم تكن وليدة لحظة، إنها مشاعر تتنامى وتنمو كما ينمو الجلد والأظافر والشعر ليفرز خلايا إرهابية قاتلة، لا تهدف إلا إلى الشر بدواعي التغيير.. تغيير ما في أنفسهم من طاقات سلبية تدفعهم إلى صنع الموت الذي سيتجرعونه في لحظة يأس دون تردد.

القصة.. تبدأ هكذا، وتنتهي هكذا أيضا.. والرسالة والعبرة للعقلاء الذين عليهم ألا يتهاونوا بمظاهر الكره في الأسرة، أو الحقد بين جدران البيوت، أو الازدراء والقمع.. فكل شيء يهون عند تلك المشاعر القاتلة.