كتاب ومقالات

هل يتم تحجيم وحش العقار؟

تلميح وتصريح

حمود أبو طالب

منذ الطفرة الأولى حتى الآن ونحن نسمع العجائب والغرائب، والقصص التي يكاد بعضها يندرج ضمن نسيج الأساطير عن عالم غامض مبهم اسمه عالم العقار، الذي يبدأ بمكاتب صغيرة على شوارع الأحياء أو حتى صندقات في الفلاة وينتهي بشركات ضخمة تلمع لوحاتها الفخمة على الشوارع الرئيسية للمدن. استمر هذا القطاع منذ بروزه يدار بطريقة لا يمكن لأحد معرفة شفرتها إلا من كانوا يتربعون على عرش ملايينه وملياراته التي حولت بعضهم بين يوم وليلة إلى أشخاص يتربعون على فُحش الثراء، بينما الناس تتفرج ولا تفهم كيف يباع المتر في فلاة نائية بمئات الريالات وكيف أصبحت قطعة الأرض الصغيرة جداً في أطراف المدن حلماً بعيد المنال لموظف في مرتبة معقولة. بل إن الغموض يكتنف كيف يتم تأجير الوحدات السكنية وبيعها، وما هي معايير التملك للشقق السكنية، بل كيف تم إنشاؤها وبيعها دون ضوابط ومعايير تضعها جهة مرجعية تملك صلاحية الإشراف وحفظ حقوق الناس.

في الجلسة الأخيرة تم إقرار إنشاء الهيئة العامة للعقار التي قال عنها وزير الإسكان إنها سوف تمتلك صلاحيات واسعة لاقتراح التعديلات والتحسينات ووضع الأنظمة واللوائح والسياسات المتعلقة بالأنشطة العقارية، والإشراف على كل تفاصيل هذا القطاع الذي سوف يمثل جزءاً كبيراً من الناتج المحلي، بما في ذلك إعادة الأسعار إلى حقيقتها وإزالة التضخم غير المبرر الذي يعتريها، بل إن بعض المختصين قالوا إن عمل الهيئة سيجعل أزمة الإسكان هامشية وقصة من قصص الماضي، وبالتأكيد هذا حلم مبالغ فيه وقول مرسل؛ لأن الأزمة التي كان أحد أهم أسبابها تشوهات السوق العقاري واحتواءه من قبل كارتيل ذي سطوة ونفوذ، هي أزمة مزمنة أفرزت مشكلات جانبية عديدة يصعب احتواؤها بسرعة، ولكن بدلاً من هذه المبالغة دعوا الهيئة تبدأ عملها أولاً وبشكل صحيح، وبعد ذلك لله أمر يقضيه.

ومن المهم جداً ألا نسمع عند إعلان مجلس إدارة الهيئة عن أسماء من التي تدير عالم العقار، أو الأسماء المرتبطة بها أو القريبة منها، لأنه لو حدث ذلك فإنها ستكون الهيئة العامة للـ«العقرجية» وليس الهيئة العامة للعقار. وفي كل الأحوال سوف ننتظر ونأمل أن يعود هذا الوحش الأسطوري إلى حجمه الحقيقي، وتعود الأمور إلى طبيعتها.