أبعاد الانسحاب الأمريكي من العراق
السبت / 12 / ذو الحجة / 1428 هـ السبت 22 ديسمبر 2007 20:53
فتحي عطوة
رغم أن الكونجرس الأمريكي اعتمد الأربعاء الماضي مبلغ 70 مليار دولار لتمويل الحرب في العراق وأفغانستان، إلا أن تصريحات وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس الأخيرة بأن الوضع على الأرض يجعل من المرجح اتخاذ قرار بسحب أول خمس فرق بحلول يوليو المقبل، تثير التساؤل حول دواعي هذا القرار ومعناه استراتيجيا وأمنيا في المستقبل. ويمكن القول بداية ان قرار الانسحاب الأمريكي بالسحب الجزئي للقوات الأمريكية، تتحكم فيه عدة عناصر سياسية واستراتيجية من بينها تحسين صورة الإدارة الأمريكية بعد الفشل الأمني في العراق، ومسألة ضغوط الديمقراطيين على الإدارة الجمهورية عند تخصيص كل تمويل جديد للحرب وربط أي تمويل جديد بوضع جدول زمني للانسحاب، وكذلك مسالة الأمن في العراق بعد الانسحاب واحتمالات وجود فراغ أمني تستفيد منه جماعات العنف، كما تستفيد منه إيران، هذا فضلا عن تزايد الخسائر البشرية والمادية للولايات المتحدة من جراء استمرار الاحتلال.
ولكن ورغم تعدد هذه الأبعاد وأهميتها فإن القرار الأخير بتقليص عدد القوات الأمريكية بمايقرب من 30 ألف جندي من إجمالي 160 ألفا حاليا أصبح ضرورة للإدارة الحالية في ضوء حقيقة باتت واضحة للعيان، أولها أن الإدارة فشلت في تحقيق ماسمي باستراتيجية النصر في العراق التي طرحها الرئيس بوش وطلب على اثرها زيادة عدد القوات الأمريكية في العراق، وتم على إثرها إرسال نحو 30 ألف جندي إضافي منذ فبراير الماضي ضمن خطة لوقف التدهور الأمني الخطير في العراق، حتى وصل حجم القوات في العراق إلى نحو 162 ألفا، حسب أرقام وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون). وفي الوقت نفسه فإن حديث الانسحاب الأمريكي من العراق بات يتكرر كثيرا في دوائر القرار الأمريكي، وفي وسائل الإعلام وفي رؤى المحللين والاستراتيجيين، حتى أصبحت الإدارة الأمريكية على قناعة تامة بأن الانسحاب من العراق أصبح حقيقة واقعة خاصة مع تغيير الإدارة الأمريكية في الانتخابات القادمة أواخر العام القادم، وأن الانسحاب أيضا وارد في ظل إدارة ديمقراطية قد تخلف إدارة بوش الجمهورية. ولذلك يجب على الإدارة الحالية أن تتكيف مع هذه الظروف وتبني استراتيجيتها في العراق على حقيقة تخفيض القوات الأمريكية ومعالجة الأوضاع من منظور سياسي جديد، وربما يفسر هذا تصريحات رايس الأخيرة بأن الولايات المتحدة على استعداد للحوار مع إيران وسوريا إذا تحققت مطالب محددة. ومن جهة ثالثة فإن زيادة القوات الأمريكية في العراق لم تحسن الوضع الأمني كثيرا، ورغم أن مسؤولين أمريكيين وعراقيين يقولون ان زيادة عدد القوات الأمريكية وتحسن مستوى كفاءة القوات الأمنية العراقية والقيام بدوريات في الأحياء ساعد على تراجع عدد القتلى والمصابين من المدنيين العراقيين والجيش الأمريكي بشكل ملموس خلال الشهرين الماضيين.
ورغم صحة هذا الكلام خلال الشهرين الماضيين فإن حصيلة الخسائر لازالت كبيرة، ففي الثاني عشر من ديسمبر الحالي أعلن الجيش الأمريكي في العراق مقتل أحد جنوده وإصابة نحو عشرة آخرين، في هجوم انتحاري بمحافظة "ديالى" شمال العراق، وبمقتل هذا الجندي، ارتفعت حصيلة الخسائر البشرية بين أفراد القوات الأمريكية في الحرب على العراق منذ مارس من العام 2003، إلى 3897 قتيلاً، وصحيح أن الشهور القليلة الأخيرة شهدت تراجعاً في محصلة الخسائر البشرية للجيش الأمريكي، حيث بلغ عدد قتلاه في أكتوبر 38 جندياً، وفي شهر نوفمبر الماضي 37 جندياً، وهو ما يعزز تأكيدات الإدارة الأمريكية السياسية والعسكرية، بأن تقدما قد أحرز في جهود الحرب في العراق، وصحيح أن التراجع بدأ منذ شهر يوليو من العام الجاري، حيث بلغت محصلة خسائر الجيش الأمريكي البشرية 79 جندياً، ارتفعت إلى 84 في أغسطس ، و65 في سبتمبر الماضي.
لكن بمقارنة عام 2007 بالأعوام السابقة يتضح أن عام 2007 الأكثر من حيث عدد قتلى القوات الأمريكية فى حرب العراق.
وفي نوفمبر الماضي نقلت سى ان ان عن ارقام البنتاجون أن 854 جنديا أمريكيا قتلوا عام 2007. وكان اعلى معدل للقتلى قد بلغ 849 عام 2004، وكان عدد القتلى عام 2005 بلغ 846، و822 عام 2006. وأمام هذه الخسائر المتوالية، قررت القوات الأمريكية في الشهر الماضي سحب ثلاثة آلاف جندي من محافظة ديالى واعادتهم إلى بلادهم.
وفي ضوء هذه المعطيات فإن الانسحاب الجزئي الذي أعلنه وزير الدفاع الأمريكي مؤخرا يجعل هدف الانسحاب الكلي لازال بعيدا رغم التكهنات بإتمام الانسحاب الكلي بحلول ديسمبر 2008، والسؤال الآن حول السيناريو الجاري حاليا في العراق، وهو في الأغلب سيكون تواجدا عسكريا رمزيا مقابل اسناد عمليات الحفاظ على الأمن للقوات العراقية مع وجود القوات الأمريكية كرادع للتدخل إذا تزايدت أعمال العنف إلى مستويات غير مسبوقة لم تشهدها العراق من قبل، ولهذا من المستبعد إقدام الجيش الأمريكي على الانسحاب، قبل أن تتمكن قوات الأمن العراقية من السيطرة على الأوضاع المتردية في البلاد. ويؤكد المحللون أن الانسحاب السريع من العراق سيؤدي إلى الإضرار بصورة الولايات المتحدة، كما سيمنح القاعدة والتنظيمات الإرهابية الأخرى انتصاراً دعائياً، ويقود هذا السيناريو إلى ضرورة أن يتواكب أي انسحاب قادم مع إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية تحت إشراف المجتمع الدولى ممثلا فى الامم المتحدة، وللنظام الجديد أن يشرع ما يراه من قوانين تحدد مستقبل العراق سواء كانت الفيدرالية او غيرها.
ولكن ورغم تعدد هذه الأبعاد وأهميتها فإن القرار الأخير بتقليص عدد القوات الأمريكية بمايقرب من 30 ألف جندي من إجمالي 160 ألفا حاليا أصبح ضرورة للإدارة الحالية في ضوء حقيقة باتت واضحة للعيان، أولها أن الإدارة فشلت في تحقيق ماسمي باستراتيجية النصر في العراق التي طرحها الرئيس بوش وطلب على اثرها زيادة عدد القوات الأمريكية في العراق، وتم على إثرها إرسال نحو 30 ألف جندي إضافي منذ فبراير الماضي ضمن خطة لوقف التدهور الأمني الخطير في العراق، حتى وصل حجم القوات في العراق إلى نحو 162 ألفا، حسب أرقام وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون). وفي الوقت نفسه فإن حديث الانسحاب الأمريكي من العراق بات يتكرر كثيرا في دوائر القرار الأمريكي، وفي وسائل الإعلام وفي رؤى المحللين والاستراتيجيين، حتى أصبحت الإدارة الأمريكية على قناعة تامة بأن الانسحاب من العراق أصبح حقيقة واقعة خاصة مع تغيير الإدارة الأمريكية في الانتخابات القادمة أواخر العام القادم، وأن الانسحاب أيضا وارد في ظل إدارة ديمقراطية قد تخلف إدارة بوش الجمهورية. ولذلك يجب على الإدارة الحالية أن تتكيف مع هذه الظروف وتبني استراتيجيتها في العراق على حقيقة تخفيض القوات الأمريكية ومعالجة الأوضاع من منظور سياسي جديد، وربما يفسر هذا تصريحات رايس الأخيرة بأن الولايات المتحدة على استعداد للحوار مع إيران وسوريا إذا تحققت مطالب محددة. ومن جهة ثالثة فإن زيادة القوات الأمريكية في العراق لم تحسن الوضع الأمني كثيرا، ورغم أن مسؤولين أمريكيين وعراقيين يقولون ان زيادة عدد القوات الأمريكية وتحسن مستوى كفاءة القوات الأمنية العراقية والقيام بدوريات في الأحياء ساعد على تراجع عدد القتلى والمصابين من المدنيين العراقيين والجيش الأمريكي بشكل ملموس خلال الشهرين الماضيين.
ورغم صحة هذا الكلام خلال الشهرين الماضيين فإن حصيلة الخسائر لازالت كبيرة، ففي الثاني عشر من ديسمبر الحالي أعلن الجيش الأمريكي في العراق مقتل أحد جنوده وإصابة نحو عشرة آخرين، في هجوم انتحاري بمحافظة "ديالى" شمال العراق، وبمقتل هذا الجندي، ارتفعت حصيلة الخسائر البشرية بين أفراد القوات الأمريكية في الحرب على العراق منذ مارس من العام 2003، إلى 3897 قتيلاً، وصحيح أن الشهور القليلة الأخيرة شهدت تراجعاً في محصلة الخسائر البشرية للجيش الأمريكي، حيث بلغ عدد قتلاه في أكتوبر 38 جندياً، وفي شهر نوفمبر الماضي 37 جندياً، وهو ما يعزز تأكيدات الإدارة الأمريكية السياسية والعسكرية، بأن تقدما قد أحرز في جهود الحرب في العراق، وصحيح أن التراجع بدأ منذ شهر يوليو من العام الجاري، حيث بلغت محصلة خسائر الجيش الأمريكي البشرية 79 جندياً، ارتفعت إلى 84 في أغسطس ، و65 في سبتمبر الماضي.
لكن بمقارنة عام 2007 بالأعوام السابقة يتضح أن عام 2007 الأكثر من حيث عدد قتلى القوات الأمريكية فى حرب العراق.
وفي نوفمبر الماضي نقلت سى ان ان عن ارقام البنتاجون أن 854 جنديا أمريكيا قتلوا عام 2007. وكان اعلى معدل للقتلى قد بلغ 849 عام 2004، وكان عدد القتلى عام 2005 بلغ 846، و822 عام 2006. وأمام هذه الخسائر المتوالية، قررت القوات الأمريكية في الشهر الماضي سحب ثلاثة آلاف جندي من محافظة ديالى واعادتهم إلى بلادهم.
وفي ضوء هذه المعطيات فإن الانسحاب الجزئي الذي أعلنه وزير الدفاع الأمريكي مؤخرا يجعل هدف الانسحاب الكلي لازال بعيدا رغم التكهنات بإتمام الانسحاب الكلي بحلول ديسمبر 2008، والسؤال الآن حول السيناريو الجاري حاليا في العراق، وهو في الأغلب سيكون تواجدا عسكريا رمزيا مقابل اسناد عمليات الحفاظ على الأمن للقوات العراقية مع وجود القوات الأمريكية كرادع للتدخل إذا تزايدت أعمال العنف إلى مستويات غير مسبوقة لم تشهدها العراق من قبل، ولهذا من المستبعد إقدام الجيش الأمريكي على الانسحاب، قبل أن تتمكن قوات الأمن العراقية من السيطرة على الأوضاع المتردية في البلاد. ويؤكد المحللون أن الانسحاب السريع من العراق سيؤدي إلى الإضرار بصورة الولايات المتحدة، كما سيمنح القاعدة والتنظيمات الإرهابية الأخرى انتصاراً دعائياً، ويقود هذا السيناريو إلى ضرورة أن يتواكب أي انسحاب قادم مع إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية تحت إشراف المجتمع الدولى ممثلا فى الامم المتحدة، وللنظام الجديد أن يشرع ما يراه من قوانين تحدد مستقبل العراق سواء كانت الفيدرالية او غيرها.