ريتشاردوني لـ عكاظ: نركز على فلسفة التعليم الحر والجودة الأكاديمية
رئيس الجامعة الأمريكية بالقاهرة: سيدة سعودية ضمن أبرز الداعمين
الاثنين / 02 / جمادى الأولى / 1438 هـ الاثنين 30 يناير 2017 02:46
حاوره: خالد طاشكندي (جدة) khalid_tashkndi@
أكد الرئيس الـ12 للجامعة الأمريكية بالقاهرة الدبلوماسي البارز الذي شغل منصب سفير الولايات المتحدة الأمريكية بمصر خلال الفترة من عام 2005 وحتى عام 2008 فرانسيس ريتشاردوني حرص الجامعة الأمريكية بالقاهرة على مواصلة جهودها لترقية تصنيفها الأكاديمي عالميا. وتحدث في حوار مع «عكاظ» عن أهمية التمويل والبحوث في ترقية التصنيف، وتناول الوضع المالي للجامعة، وتأثير الثورة على استقطاب الجامعة للطلاب الجدد.. فإلى نص الحوار:
• تصنيف الجامعة الأمريكية بالقاهرة ليس بمستوى تصنيف الجامعات الأمريكية في الولايات المتحدة الأمريكية التي تحتل مرتبة تصنيفية متقدمة، فما السبب وراء ذلك؟
•• تصنيف الجامعات أمر غريب وعجيب. الجامعة الأمريكية بالقاهرة تركز بشكل كبير على فلسفة التعليم الحر والمحافظة على الجودة العالية التي تتمتع بها برامجها الدراسية والبحوث مثلها في ذلك مثل المؤسسات الأكاديمية الأمريكية التي تُدرس العلوم الإنسانية والاجتماعية وتقدم بحوثا علمية ذات مستوى عال. وتصنيف الجامعات يعتمد على عدد البحوث المنشورة التي يجريها الباحثون، وهذا الأمر ينطبق على المؤسسات التعليمية الميسورة جدا أو الجامعات الكبرى. ففي هذه المؤسسات يحصل الباحثون على منح دراسية إضافة إلى منح متنوعة مقدمة من مختلف القطاعات الاقتصادية. وتعتز الجامعة الأمريكية بالقاهرة بمستوى وجودة التدريس والبحوث.
ولدينا هدفان رئيسيان للجامعة، أولهما إكساب المعرفة وإجراء البحوث وثانيهما التدريس، وهو الجانب الذي توليه الجامعة أهمية بالغة، إذ إن
60 % من التكاليف التشغيلية تكون مدعومة من الرسوم الدراسية، بينما 40 % عبارة عن منح بحثية. لذلك تركز الجامعة بقدر كبير على التدريس والتعليم وهو المعيار الذي لا تقيمه التصنيفات ولا تأخذه بعين الاعتبار. وبالنسبة للجامعة، فإن الحصول على الاعتمادات الأكاديمية المرموقة أهم من التصنيفات، إذ تخضع الجامعة لزيارات سنوية من قبل مؤسسات التصنيف الأمريكية بخصوص جودة التدريس والتعليم.
• هل الجامعة معتمدة في جميع التخصصات؟
•• نعم، الجامعة متعمدة كمؤسسة تعليمية من قبل اتحاد الولايات الوسطى للتعليم العالي في أمريكا، وجميع كلياتنا معتمدة، مثل كلية العلوم الإنسانية، وكلية العلوم، وكلية الهندسة، وكلية التجارة وغيرها من التخصصات. وهدفنا الأساسي أن يحصل كل قسم من أقسام كلياتنا على الاعتماد الأمريكي. وتحتل الجامعة عالميا مرتبة أكاديمية عند المرتبة الـ 300 على مستوى العالم. كما أنها تحتل مرتبة متقدمة وفقا لتصنيف الجامعات العالمي الذي تجريه شركة كواكواريلي سيموندس سنويا. وتسعى الجامعة دوما إلى مقارنة نفسها بأعلى المعايير، وفي النهاية لن تكون مثل هارفارد ولن تملك أبدا أوقافا بقيمة 30 مليار دولار، لكنها تحتفظ بمعايير جودة قوية في تقديم خدماتها التعليمية.
• هل الأمر يتعلق إذن بالتمويل أو البحوث؟
•• التصنيف كما ذكرت سابقا يقوم على عدد البحوث المنشورة، والجامعة الأمريكية في القاهرة لن تتمكن أبدا من إجراء ذلك العدد الضخم من البحوث الذي من شأنه أن يساعدها على الحصول على مرتبة أكاديمية أعلى.
وبصراحة، تسعى الجامعة إلى إجراء بحوث علمية بجودة عالية ولكن تركيزها الأول والأخير هو الطلاب، فهي تريد أن تعلم الطلاب وتطلقهم إلى العالم بعد أن يكونوا قد فهموا واستوعبوا فلسفة التعليم الحر وأركانه الأساسية التي من أهمها التفكير النقدي، والمقصود به القدرة على ملاحظة الأحداث من حولك وطرح أسئلة ثاقبة أو جديدة لم تطرح من قبل. هذا هو التعليم الذي تريد الجامعة أن تقدمه كمكافأة للطلاب.
فالجامعة لا تقيس الذكاء بمقدار ما يحفظه الطالب من معلومات لأن الهاتف الذكي سيتفوق دائما على أي طالب في هذه الناحية، إذ يستطيع تخزين وحفظ المعلومات أكثر من العقل البشري أيا كانت قدراته. والكثير لا يعرف أن رئيس المخابرات الأمريكية السابق جون برينان تخرج من مركز الدراسات العربية بالخارج (كاسا) التابع للجامعة الأمريكية بالقاهرة. لذا عندما يقول معظم الناس إن غالبية المسلمين طيبون ولكن هناك إشكالية في الدين الإسلامي أو عند العرب أو في الثقافة هي السبب وراء التعصب، فأنا لا أصدق هذا الكلام وأعرف أنه محض هراء لأني ترعرعت هنا وجون برينان يعرف أنه هراء محض لأنه درس في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، ويعرف المسلمين والعرب جيدا من قبل أن يعين رئيسا للمخابرات الأمريكية. فهو سبق أن دخل بيوت العرب والمسلمين خلال دراسته وألم بثقافة العالم العربي من الداخل.
وكذلك الحال بالنسبة لكاتب الرأي المعروف توماس فريدمان الذي يتعاطف في كتاباته مع العالم العربي لأنه كان في يوم من الأيام طالبا بالجامعة الأمريكية بالقاهرة.
وقد دخل بيوت المصريين عندما كان شابا وأكل الكشري والفول والطعمية والملوخية، وتناول وجبات في المطاعم الشعبية المنتشرة في الشوارع. والجامعة الأمريكية بالقاهرة وأساتذتها هم السبب الذي جعل توماس فريدمان يحب العالم العربي.
• قبل ما يزيد على 10 سنوات كان الوضع في الجامعة الأمريكية بالقاهرة مختلفا قبل الثورة ولكن بعد الثورة أصبح الكثير من الطلاب يعانون وعاد البعض إلى دياره، فما تقييمكم لوضع الجامعة حاليا، وهل تأثرت بسبب الأحداث؟
•• الوضع المالي للجامعة قوي ولا تعاني من أي مشكلات مالية، ولكن تظل الرسوم الدراسية في جامعتنا أقل من معدل تكلفة الرسوم في جامعات الولايات المتحدة. وهدف الجامعة هو استقطاب النخب الفكرية وليس الأغنياء وميسوري الحال. تبحث الجامعة عن الشباب الطموحين الذين يتمتعون بعقول إبداعية من كافة أنحاء المنطقة والعالم العربي بغض النظر عن مستوى الدخل العائلي. لا تريد الجامعة أن تستقطب أصحاب الدخول العالية فقط، بل كل الشباب العباقرة. لذلك فالجامعة ما زالت تستقطب العباقرة والمتفوقين المصريين الذين أكملوا التعليم الثانوي بتفوق وطلاب المدارس الخاصة. غير أن الجامعة تظل في حاجة إلى امتلاك موارد كبيرة كي تخفض الرسوم الدراسية بينما تحافظ في الوقت نفسه على جودة برامجها التعليمية، وهو تحد كبير بالنسبة لها. ولكي تحافظ على سمعة أساتذتها العالميين فهي تدفع رواتب عالية لهم وتتنافس مع الجامعات الأخرى في الخليج والولايات المتحدة على استقطاب الأساتذة العالميين. وعلى أية حال، تواصل برامج البكالوريوس التي تقدمها الجامعة استقطاب عدد متزايد من الطلبة الأجانب من خارج مصر ولكن ليس بمقدار عدد الطلاب الذين كانت تستقطبهم قبل الثورة. ففي عام 2008، عندما كنت سفيرا للولايات المتحدة في مصر، بلغ عدد الطلاب الأمريكيين المسجلين في الجامعة نحو 681 وانخفض عدد الطلاب إلى 81 بسبب الأوضاع الجارية.
• ماذا عن الطلبة السعوديين؟
•• يدرس بالجامعة حاليا طالبان سعوديان فقط على حسابهما الخاص. وهناك بالتحديد سبعة طلاب من الخليج، وتحديدا مملكة البحرين، يدرسون بالجامعة وجميعهم حاصلون على منح دراسية من بلادهم.
• كم عدد الخريجين السعوديين من الجامعة؟
•• بلغ عدد الخريجين السعوديين 570 طالبا، منهم 18 طالبا تخرجوا من برامج الماجستير في الجامعة.
• هل تتنافس الجامعة الأمريكية في القاهرة مع نظيرتها في بيروت؟
•• نعم، هناك تنافس ودي. تقدم الجامعة الأمريكية بالقاهرة الخدمات والمنتجات نفسها ولكن بأساليب مختلفة ومتنوعة. وهناك كلية للطب في الجامعة الأمريكية ببيروت، بينما لا توجد الكلية نفسها في نظيرتها بالقاهرة. وعلى سبيل المثال، بيروت لها فوائدها ومساوئها ومصر كذلك، وكل كلية لها مميزاتها. كما أن الجامعة الأمريكية في بيروت احتلفت العام الماضي بمرور 150 عاما على تأسيسها، بينما ستحتفل الجامعة الأمريكية بالقاهرة بمرور 100 عام في 2019.
وفي الحقيقة، ليس هناك أي صلات رسمية بين الجامعتين باستثناء التعاون في مجال البحوث والأساتذة الزائرين. وهناك طلبة درسوا بالجامعتين. وستقيم الجامعة الأمريكية بالقاهرة حفلة تخرج قريبا وسيكون ضيف الحفلة أيمن سفاري، وهو بريطاني من أصول سورية، ومن رواد الأعمال وله مساهمات خيرية وإنسانية، إذ يخصص جل وقته لمساعدة اللاجئين في المنطقة. وهو من خريجي الجامعة الأمريكية في بيروت. لذا إذا أردت أن تدعو شخصا بارزا أو رائدا من رواد الأعمال أو قائدا سياسيا أو دبلوماسيا أو عالما أو مثقفا، فهناك احتمال كبير أن يكون هذا الشخص قد تخرج من الجامعة الأمريكية بالقاهرة أو بيروت أو كليهما.
• هل زرتم أيا من الجامعات الخاصة في جدة؟
•• نعم، زرت جامعة عفت وانبهرت بها.
• هل من المفترض أن تركز الجامعات على الربح؟
•• التركيز على الربح دون الجودة لن ينجح، وهناك جامعات أمريكية تبنت هذا النموذج وفشلت فشلا ذريعا لأنها لم تقدم برامج متطورة تبهر أرباب العمل والشركات، بل تسببت في غرق الطلاب في ديون بسبب القروض التي أخذوها للالتحاق بهذه الجامعات، وخير مثال جامعة ترمب التي أُنشئت بهدف الربح فقط. تحتاج الجامعات إلى دعم مالي إما من خلال الضرائب أو المنح التي يقدمها أصحاب الخير.
• هل الاستثمار في البحوث يحقق أرباحا جيدة؟
•• نعم، الاستثمار مفيد لأن الجهات الحكومية والقطاع الخاص يفضل الطلبة الخريجين من جامعات معروفة في مجال الأبحاث.
• ما هي أبرز قصص النجاح لطلاب سعوديين تخرجوا من جامعتكم؟
•• الكثير من السعوديين الذين تخرجوا من الجامعة الأمريكية في القاهرة تميزوا في حياتهم العملية وحققوا نجاحات كبيرة، وأذكر من بين هذه الأسماء رجل الأعمال المعروف يوسف جميل، والمخرجة السعودية هيفاء المنصور التي حققت جوائز عالمية في هذا المجال، ولكن تظل الأسماء كثيرة جدا ومنهم من لا يزال على تواصل مع الجامعة ويقدم لها الدعم بشكل أو بآخر، وأعتذر عن سقوط بعض الأسماء من ذاكرتي الآن.
• من هم أبرز المتبرعين للجامعة الأمريكية بالقاهرة؟
•• أبرز المتبرعين مواطنة سعودية اسمها سعاد الجفالي وهي من جدة، وستكرمها الجامعة الأمريكية بالقاهرة في الأول من مارس خلال مأدبة العشاء والحفلة السنوية التي تقيمها الجامعة في نيويورك. وسعاد الجفالي قدمت مساهمات كثيرة للجامعة على مدار الأعوام المنصرمة، إضافة إلى المساهمات التعليمية والخيرية التي تقدمها داخل المملكة ومنطقة الشرق الأوسط ككل. كما أنها شغلت منصب عضو مجلس الأمناء لعدة أعوام وقدمت تبرعات سخية على شكل منح دراسية لتطوير التدريس والبحوث وإنشاء المباني الجامعية. وهي قدوة يحتذى بها في المحبة، وهي امرأة سعودية عظيمة. سنخبر المدعوين للحفلة السنوية بقصتها تكريما لها.