عكاظ تكشف تفاصيل قضية «المدرسة المبنية على رفات الموتى»
وكيل المستثمر يهاجم «أمانة جدة»: غررت بنا وأكدت لنا سلامة الأرض
الاثنين / 02 / جمادى الأولى / 1438 هـ الاثنين 30 يناير 2017 02:58
أنس اليوسف (جدة) 20_anas@
لك أن تتخيل أن أطفالاً يلهون يوميا في مدرستهم، فوق رفات موتى، ذلك ما كانت تنوي فعله أمانة محافظة جدة، عندما طرحت موقعا استثماريا في حي البغدادية عرف قديما مقبرةً، لبناء روضة أطفال وحديقة.
الموقع أوقفت الأمانة العمل فيه أخيراً، بعد ظهور رفات متوفين، إلى حين إصدار فتوى شرعية من المفتي العام بشأن نقل الجثث أو إغلاق الروضة، وأكد أهالي الحي علمهم بأن الموقع عرف من قديم الزمان مقبرةً استناداً لروايات أجدادهم الذين أفادوا بأن الأرض كانت خالية على الدوام، وكانت تحاط بحصاة حولها كإشارة إلى وجودها.
وكشف وكيل المستثمر خالد الغامدي لـ«عكاظ» تبخر رغبة وكيله الاستمرار بالمشروع «شؤما ومخافة من الله»، متعجباً من الأمانة، التي طرحت الموقع للاستثمار رغم الشكوك التي تحوم حول الموقع، ووقوف لجنة سداسية من جهات حكومية عدة على الموقع في عام 1433، والتي ارتأت تسوير الموقع آنذاك.
واستغرب الغامدي في حديثه إلى «عكاظ» إصرار الأمانة على أن المقبرة والجثث تشغل جزءا محدودا من الأرض فقط، وأن الجزء المتبقي سليم، «رغم عدم مقدرتهم على إثبات ذلك»، كون المبنى الذي شيد، لم يحفر له في الأرض أكثر من مترين، «بعكس الجزء الذي ظهر فيه الرفات ونزلنا فيه لأكثر من أربعة أمتار».
ويروي الغامدي القصة قائلاً «إنه بعد فوزنا بالمزايدة التي طرحتها إدارة الاستثمار في الأمانة، وقفنا على الموقع وبدأنا أعمالنا الإنشائية، لنفاجأ بعدد من الأهالي يطالبون المقاول بالتوقف عن العمل بحجة أن الموقع يحوي مقبرة في الأساس، ليتطور الأمر وتوقف الشرطة المقاول عن العمل، وبعد تواصلنا مع الأمانة، أكدت سلامة موقفها وأن جميع ما يشاع غير صحيح، وأصرت على إكمال المشروع بشكل طبيعي».
وأضاف: «لا أخفيك أننا بدأنا العمل بقلق وحذر كبيرين، وكنا نحفر بـ(البوكلين) تفاديا لأي طارئ، وعند انتهاء بناء ثلاثة أدوار من المبنى، انتقلنا لبناء خزانات المياه، وبالطبع حفرنا بعمق أكبر حيث نزلنا أكثر من أربعة أمتار، وعندها ظهر رفات وعظام لجثث موتى، وطلبت من المقاول التوقف فوراً، وأبلغت الأمانة، التي شكلت لجنة أولية وقفت على الموقع، ثم تم تشكيل لجنة أخرى من وزارة الشؤون البلدية والقروية، التي وجدت رفات وعظام موتى»، منوها أن اللجنة طلبت تشكيل لجنة مختصة للتأكد من الهياكل والرفات التي ظهرت.
وأشار الغامدي إلى أنه عند مراجعته لإدارة الاستثمار في الأمانة، «طالبتنا بالاستمرار في إنشاء المشروع، واستبعاد الجزء الشمالي الغربي للأرض، وكان ردنا أنه من المستحيل عمل ذلك فهذا الجزء يعد المدخل الرئيسي للروضة ولا يمكن الاستغناء عنه»، مؤكداً توقفهم عن العمل لأكثر من عام.
وطالب الغامدي بتسريع النظر في المعاملة المحالة إلى المفتي، وتعويض موكله عن الخسائر والوقت، وإعطائه أرضاً استثمارية بديلة، لافتاً إلى أنه في حال إلغاء المشروع -وهو المرجح- «سنضطر للجوء إلى ديوان المظالم للحصول على مطالبنا، الأمر الذي سيستغرق وقتا وجهدا كبيراً».
وعرج الغامدي على خسائر طائلة تكبدها موكله، جراء تعطل العمل في المشروع، وعدم إغلاق الملف بشكل نهائي من الأمانة.
«الأمانة»: ننتظر رأي المفتي
أكد المركز الإعلامي لأمانة محافظة جدة أنه لم يستجد أي جديد في القضية، وأنهم في انتظار توجيه المفتي، وسبق أن أوضحت الأمانة أنه تم تشكيل لجنة من المحافظة؛ هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الأمانة، والمحكمة العامة، للرفع للمفتي عن طريق المحكمة العامة لإصدار الفتوى الشرعية حيال الأرض من الناحية الشمالية الشرقية والناحية الشمالية الغربية.
ولفتت الأمانة إلى أنه عند حفر خزان (الصرف الصحي) في الجزء الشمالي الغربي من الأرض اتضح ظهور الرفات، على بعد 7.5 متر من المبنى. وأضاف «الموقع المطروح للاستثمار ليس معتمدا مقبرةً، إنما هو صك أملاك دولة عبارة عن جزء مخصص حديقة وجزء مخصص روضة أطفال؛ مكونة من ثلاثة أدوار»، موضحة «قبل طرح الموقع للمزايدة الاستثمارية كان مستغلا مواقف سيارات لسنوات عدة، بينما تمت المزايدة الاستثمارية وإجراءات الترسية وتوقيع العقد بموجب كروكي تنظيمي معتمد للموقع مدار البحث روضة أطفال، فالمشروع تقريبا منتهٍ من البناء، وخلال فترات أعمال حفر الأساسات والبناء والمتابعة لم يظهر أي آثار لمقبرة نهائياً».
من جهته، شدد الخبير بمجمع الفقه الإسلامي الدكتور حسن سفر لـ«عكاظ» على وجوب البحث عن ما آلت إليه الأرض، «فالبحث عن أصل الأرض سيبين التقادم فيها، وسيظهر ما إذا كانت مقبرة أو غير ذلك، وإن ثبت وجود أشخاص مدفونين في الموقع، فإنه يحرم بناء العمائر على المقابر، والأصل في هذه المسائل أن المقابر تحدد مواقعها».
واستغرب سفر من كيفية حصول المستثمر على التصريح من الأمانة، موضحاً أنه إذا كانت الأرض وقفا مقبرةً ولم تستخدم يجب التأكد من قبل أهل العلم والفنيين والخبراء قبل البناء عليها.
وكيل ورثة بغدادي يتهم الأمانة بـ«التضليل»
فتحت قضية «المدرسة المبنية على رفات الموتى» بجدة ملفات مغلقة، تفيد بأن الأرض تعود ملكيتها وقفا إلى ورثة محمد صادق بغدادي كما يدعي وكيل الورثة ياسر زامكة، وحصلت «عكاظ» على نسخة من وثائق الملكية.
يؤكد وكيل الورثة زامكة لـ«عكاظ» أن القضية لا تزال منظورة في القضاء، لافتا إلى وجود سبع خرائط حكومية توضح أن الأرض كانت مقبرة قديما.
وقال زامكة إن الورثة كانوا يعملون في الخارج، ولم يعلموا عن جميع أملاكهم في السعودية، بيد أنهم اكتشفوا وقف الأرض عام 1425 عقب اطلاعهم على صك يعود تاريخه إلى 1310، ويفيد بملكية الأرض لعائلتهم.
وأشار إلى أنه طوال الأعوام الماضية شهد الوقف تعديات بسيطة تكمن في بناء منازل شعبية بنيت على المقبرة، متهما «أمانة جدة» بإصدار حجج استحكام على الوقف «ورفعنا إلى المفتي في عام 1429 نطالب بحفظ حرمة الموتى والمحافظة على المقابر، وعقب ذلك في عام 1433، تشكيل لجنة سداسية بناء على توصية المفتي من المحافظة وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والشرطة والمحكمة وتجهيز الموتى والأمانة، والتي رفعت توصياتها للمحكمة بضرورة تسوير الموقع لعدم انتهاك حرمة الموتى، الأمر الذي لم يؤخذ به».
وأضاف: «قدمنا شكوى لوزير الشؤون البلدية والقروية، وشكلت لجنة من الوزارة عام 1437، وزارت الموقع واكتشفت جثثا جديدة، وطلبت لجنة مختصة من عدة جهات التي صادقت على وجود رفات وجثث في الموقع، وقدمت توصياتها للمحكمة أخيرا قبل أسبوعين، التي بدورها رفعت للمفتي تستفتيه في الإجراء المناسب لمعالجة الحالة».
وعاود وكيل الورثة اتهام الأمانة بتضليل المسؤولين «وأفادت بعدم وجود وقف أو مقبرة في الموقع، رغم وجود قضية منظورة من قبلنا في هذا الخصوص لدى المحكمة العامة، وبعد ظهور أدلة تثبت ذلك استمروا في تمويه الأمر لأسباب مجهولة».
الموقع أوقفت الأمانة العمل فيه أخيراً، بعد ظهور رفات متوفين، إلى حين إصدار فتوى شرعية من المفتي العام بشأن نقل الجثث أو إغلاق الروضة، وأكد أهالي الحي علمهم بأن الموقع عرف من قديم الزمان مقبرةً استناداً لروايات أجدادهم الذين أفادوا بأن الأرض كانت خالية على الدوام، وكانت تحاط بحصاة حولها كإشارة إلى وجودها.
وكشف وكيل المستثمر خالد الغامدي لـ«عكاظ» تبخر رغبة وكيله الاستمرار بالمشروع «شؤما ومخافة من الله»، متعجباً من الأمانة، التي طرحت الموقع للاستثمار رغم الشكوك التي تحوم حول الموقع، ووقوف لجنة سداسية من جهات حكومية عدة على الموقع في عام 1433، والتي ارتأت تسوير الموقع آنذاك.
واستغرب الغامدي في حديثه إلى «عكاظ» إصرار الأمانة على أن المقبرة والجثث تشغل جزءا محدودا من الأرض فقط، وأن الجزء المتبقي سليم، «رغم عدم مقدرتهم على إثبات ذلك»، كون المبنى الذي شيد، لم يحفر له في الأرض أكثر من مترين، «بعكس الجزء الذي ظهر فيه الرفات ونزلنا فيه لأكثر من أربعة أمتار».
ويروي الغامدي القصة قائلاً «إنه بعد فوزنا بالمزايدة التي طرحتها إدارة الاستثمار في الأمانة، وقفنا على الموقع وبدأنا أعمالنا الإنشائية، لنفاجأ بعدد من الأهالي يطالبون المقاول بالتوقف عن العمل بحجة أن الموقع يحوي مقبرة في الأساس، ليتطور الأمر وتوقف الشرطة المقاول عن العمل، وبعد تواصلنا مع الأمانة، أكدت سلامة موقفها وأن جميع ما يشاع غير صحيح، وأصرت على إكمال المشروع بشكل طبيعي».
وأضاف: «لا أخفيك أننا بدأنا العمل بقلق وحذر كبيرين، وكنا نحفر بـ(البوكلين) تفاديا لأي طارئ، وعند انتهاء بناء ثلاثة أدوار من المبنى، انتقلنا لبناء خزانات المياه، وبالطبع حفرنا بعمق أكبر حيث نزلنا أكثر من أربعة أمتار، وعندها ظهر رفات وعظام لجثث موتى، وطلبت من المقاول التوقف فوراً، وأبلغت الأمانة، التي شكلت لجنة أولية وقفت على الموقع، ثم تم تشكيل لجنة أخرى من وزارة الشؤون البلدية والقروية، التي وجدت رفات وعظام موتى»، منوها أن اللجنة طلبت تشكيل لجنة مختصة للتأكد من الهياكل والرفات التي ظهرت.
وأشار الغامدي إلى أنه عند مراجعته لإدارة الاستثمار في الأمانة، «طالبتنا بالاستمرار في إنشاء المشروع، واستبعاد الجزء الشمالي الغربي للأرض، وكان ردنا أنه من المستحيل عمل ذلك فهذا الجزء يعد المدخل الرئيسي للروضة ولا يمكن الاستغناء عنه»، مؤكداً توقفهم عن العمل لأكثر من عام.
وطالب الغامدي بتسريع النظر في المعاملة المحالة إلى المفتي، وتعويض موكله عن الخسائر والوقت، وإعطائه أرضاً استثمارية بديلة، لافتاً إلى أنه في حال إلغاء المشروع -وهو المرجح- «سنضطر للجوء إلى ديوان المظالم للحصول على مطالبنا، الأمر الذي سيستغرق وقتا وجهدا كبيراً».
وعرج الغامدي على خسائر طائلة تكبدها موكله، جراء تعطل العمل في المشروع، وعدم إغلاق الملف بشكل نهائي من الأمانة.
«الأمانة»: ننتظر رأي المفتي
أكد المركز الإعلامي لأمانة محافظة جدة أنه لم يستجد أي جديد في القضية، وأنهم في انتظار توجيه المفتي، وسبق أن أوضحت الأمانة أنه تم تشكيل لجنة من المحافظة؛ هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الأمانة، والمحكمة العامة، للرفع للمفتي عن طريق المحكمة العامة لإصدار الفتوى الشرعية حيال الأرض من الناحية الشمالية الشرقية والناحية الشمالية الغربية.
ولفتت الأمانة إلى أنه عند حفر خزان (الصرف الصحي) في الجزء الشمالي الغربي من الأرض اتضح ظهور الرفات، على بعد 7.5 متر من المبنى. وأضاف «الموقع المطروح للاستثمار ليس معتمدا مقبرةً، إنما هو صك أملاك دولة عبارة عن جزء مخصص حديقة وجزء مخصص روضة أطفال؛ مكونة من ثلاثة أدوار»، موضحة «قبل طرح الموقع للمزايدة الاستثمارية كان مستغلا مواقف سيارات لسنوات عدة، بينما تمت المزايدة الاستثمارية وإجراءات الترسية وتوقيع العقد بموجب كروكي تنظيمي معتمد للموقع مدار البحث روضة أطفال، فالمشروع تقريبا منتهٍ من البناء، وخلال فترات أعمال حفر الأساسات والبناء والمتابعة لم يظهر أي آثار لمقبرة نهائياً».
من جهته، شدد الخبير بمجمع الفقه الإسلامي الدكتور حسن سفر لـ«عكاظ» على وجوب البحث عن ما آلت إليه الأرض، «فالبحث عن أصل الأرض سيبين التقادم فيها، وسيظهر ما إذا كانت مقبرة أو غير ذلك، وإن ثبت وجود أشخاص مدفونين في الموقع، فإنه يحرم بناء العمائر على المقابر، والأصل في هذه المسائل أن المقابر تحدد مواقعها».
واستغرب سفر من كيفية حصول المستثمر على التصريح من الأمانة، موضحاً أنه إذا كانت الأرض وقفا مقبرةً ولم تستخدم يجب التأكد من قبل أهل العلم والفنيين والخبراء قبل البناء عليها.
وكيل ورثة بغدادي يتهم الأمانة بـ«التضليل»
فتحت قضية «المدرسة المبنية على رفات الموتى» بجدة ملفات مغلقة، تفيد بأن الأرض تعود ملكيتها وقفا إلى ورثة محمد صادق بغدادي كما يدعي وكيل الورثة ياسر زامكة، وحصلت «عكاظ» على نسخة من وثائق الملكية.
يؤكد وكيل الورثة زامكة لـ«عكاظ» أن القضية لا تزال منظورة في القضاء، لافتا إلى وجود سبع خرائط حكومية توضح أن الأرض كانت مقبرة قديما.
وقال زامكة إن الورثة كانوا يعملون في الخارج، ولم يعلموا عن جميع أملاكهم في السعودية، بيد أنهم اكتشفوا وقف الأرض عام 1425 عقب اطلاعهم على صك يعود تاريخه إلى 1310، ويفيد بملكية الأرض لعائلتهم.
وأشار إلى أنه طوال الأعوام الماضية شهد الوقف تعديات بسيطة تكمن في بناء منازل شعبية بنيت على المقبرة، متهما «أمانة جدة» بإصدار حجج استحكام على الوقف «ورفعنا إلى المفتي في عام 1429 نطالب بحفظ حرمة الموتى والمحافظة على المقابر، وعقب ذلك في عام 1433، تشكيل لجنة سداسية بناء على توصية المفتي من المحافظة وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والشرطة والمحكمة وتجهيز الموتى والأمانة، والتي رفعت توصياتها للمحكمة بضرورة تسوير الموقع لعدم انتهاك حرمة الموتى، الأمر الذي لم يؤخذ به».
وأضاف: «قدمنا شكوى لوزير الشؤون البلدية والقروية، وشكلت لجنة من الوزارة عام 1437، وزارت الموقع واكتشفت جثثا جديدة، وطلبت لجنة مختصة من عدة جهات التي صادقت على وجود رفات وجثث في الموقع، وقدمت توصياتها للمحكمة أخيرا قبل أسبوعين، التي بدورها رفعت للمفتي تستفتيه في الإجراء المناسب لمعالجة الحالة».
وعاود وكيل الورثة اتهام الأمانة بتضليل المسؤولين «وأفادت بعدم وجود وقف أو مقبرة في الموقع، رغم وجود قضية منظورة من قبلنا في هذا الخصوص لدى المحكمة العامة، وبعد ظهور أدلة تثبت ذلك استمروا في تمويه الأمر لأسباب مجهولة».