ثقافة وفن

الجنادرية.. جغرافيا توغل في التاريخ لتوائم بين العروبة والإسلام

استقطب أكثر من 3 آلاف شخصية عربية وعالمية

علي الرباعي (الباحة)

Al_ARobai@

لم تكن الجزيرة العربية موطناً للرحل من الرعاة وعابري السبيل. بل هي امتداد لحضارات عريقة مؤصلة الجذور وذات متانة في فروعها وثمارها. في الجزيرة العربية التقت مشاعر الإنسان وتجلت إبداعاته. وخص الله المملكة بفضل أن تكون حاضنة الإرث التاريخي شعراً ونثراً ورواية وتجارة وتقاطع مصالح وتوأمة بين العروبة والإسلام دون صخب أو نشاز. ولمن لم يدرك حقائق تاريخنا مرجعية من خلال مهرجان الجنادرية الذي تأسس ليرسم المسافة بين الثوابت والمتغيرات. في الجنادرية عبر مسيرة ثلاثة عقود عبق الماضي. ومنجز الحاضر واستشراف المستقبل. بدأت الفكرة نهاية الثمانينات الميلادية عندما كان الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز في زيارة للمغرب تزامنت مع افتتاح مهرجان أصيلة. فسكنته الفكرة ونالت استحسانه ودعا الوزير محمد بن عيسى إلى مائدته ليسمع منه ويوجه الراحل عبدالعزيز التويجري إلى الاستفادة من فكرة أصيلة لبناء مهرجان عروبي إسلامي إنساني وقد كان. بدأ المشروع بسباق الهجن السنوي. ليتدرج في مراحل نموه من أمسيات شعرية إلى رقصات فلكلورية إلى محاضرات ثقافية إلى ندوات فكرية كبرى. ولم يغفل قادتنا من خلال تكليف عراب الجنادرية (التويجري) عن أمرين غاية في الأهمية؛ أحدهما استقطاب كل رموز الفكر والثقافة العربية وإن كانت لهم مواقف حادة تجاه بلادنا، والثاني الارتقاء ثقافياً بالحرس الوطني، ولم تغمض الحياة جفني أبا عبدالمحسن إلا بعد أن أرضته بتحقيق ما صبت إليه القيادة. فالبعض كان يتخذ من هجائنا وسيلة مساومة أو استرزاق حتى جاء إلينا ورأى بعينه وسمع بأذنه وسار بقدميه فتغيرت قناعاته. وبالفعل مرت من هنا أكثر من ثلاثة آلاف شخصية عالمية وعربية وسعودية بحجم «الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا» ومحمد مهدي الجواهري. عبدالوهاب البياتي. أحمد عبدالمعطي حجازي. محمد الفيتوري. يوسف إدريس. الطيب صالح. والشاعر سليمان العيسى. وشوقي بزيع. ورضوان السيد. غازي القصيبي. محمد العلي. عبدالله الغذامي. عبدالله المعطاني. عبدالله العثيمين. سعد البازعي. أحمد راشد ثاني. محمد الرميحي. محمد المسفر. كما استضافت الجنادرية دولاً عربية وآسيوية في مهرجاناتها. وفي هذا العام تحل مصر الكنانة ضيف شرف للمهرجان. لتؤكد إدارة المهرجان بدءا من وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله. مروراً بمعاونيه ومساعديه وفرق العمل أن الجنادرية جغرافيا موغلة في التاريخ وحوار دائم بين ماض تليد وحاضر مجيد ومستقبل مشرق وليد. يرسم ملامح الأمل والمجد لعروبتنا وإسلامنا في ظل اختطاف الإسلام من جماعات لا تعرف من الإسلام إلا اسمه. وتمزق العروبة على رماح الطائفية والحزبية والتيارية. وستظل الجنادرية في عمرها المديد تفاخر بما حققه الملك المؤسس من وحدة عربية إسلامية بين أطراف وأجزاء قارة كبرى، ما عدّه المنصفون أنجح وحدة عربية شهدها القرن الماضي. ولن ننسى رموز الفن والإبداع ومشاركتهم في الأوبريتات السنوية من خلال الكلمة واللحن والأداء.