ثقافة وفن

صحفيون: الحراك الثقافي يصنعه مجتمع وليست الصفحات الأدبية

أكدوا أنها تستمد قوتها من المشهد.. ورؤساء تحرير أحد أسباب تراجعها

عبدالله وافية

علي فايع (أبها)

alma3e@

تُتّهم صفحات الأدب والثقافة في الصحف السعودية بأنها السبب الرئيسي في تراجع مستوى الثقافة في السعودية، وأنّ المحررين الثقافيين في الصحف يتحملون الجزء الأكبر من هذا التراجع والتدنّي، إلاّ أنّ هناك محررين في صفحات الأدب يرون غير ذلك، ويؤمنون بأنّ لدينا مشكلات كبرى في الساحة الثقافية لا يمكن اختزالها في محرر أدبي أو ثقافي.

المحرر في الزميلة «الوطن» القاص والروائي محمود تراوري يرى أنّ المحرر الثقافي لا يتحمّل ركود الساحة الثقافية، لأنّ الحراك الثقافي يصنعه المجتمع بكل مؤسساته وأفراده. فيما يرى المحرر الثقافي في الزميلة «الحياة» عبدالله وافية أنّ الصفحة الثقافية هي انعكاس للمشهد الثقافي، فضعفها من ضعفه وقوّتها من قوّته، وأنّ حالة الركود تسببت فيها «حالة الإحباط» في الوسط الثقافي وانعزال المثقفين عن التفاعل مع متطلبات العصر والإسهام في إحداث حراك ثقافي كما كان في الثمانينات وفترة الحداثة التي شهدت فيها الصفحات الثقافية والملاحق حراكا قويا وصراع تيارات ترك أثره في المشهد الثقافي ليومنا هذا.

ويؤكد «وافية» أن الصحافة الورقية حالياً تعاني وليس فقط الصفحة الثقافية قي ظل ثورة وسائل التواصل الاجتماعي، إذ أصبح «تويتر» حلبة الحراك وقائد معركة الخبر، وحمّل وافية رؤساء التحرير الذين وصف معاناة صفحات الثقافة معهم بأنها خارج تفكير أغلب رؤساء التحرير، وأنها آخر اهتمامهم، وأول الصفحات الملغية في حضرة إعلان تجاري، لأنّها صفحة لا تدر أرباحا وجماهيريتها قليلة مقارنة بصفحات الرياضة والفن، وأضاف أنّ حراك الساحة الثقافية يتطلّب تحرك المثقف الحقيقي وليس الدخيل على الثقافة الذي صنعته دور النشر التجارية ومنصات التوقيع وفوضى الشهرة في «السناب» وهاشتاقات «التعزيز» في تويتر، إضافة إلى إيمان رئيس التحرير بالثقافة كمعرفة وليس بنظرية الربح والخسارة، واعتبر وافية غياب المحرر العاشق للأدب، المهتم بصنع أثر ثقافي ولديه القدرة على طرح أسئلة تفجر المشهد الثقافي سبباً من أسباب الانحسار، واشترط «وافية» لعودة الثقافة لدورها الحقيقي، ارتفاع السقف وتهيئة مساحة للحركة بمرونة والتنفس بسهولة.

المحرر الثقافي في صحيفة «مكة» الشاعر خالد قماش يرى أنّ لدينا ندرة في الصحافي المتخصص سواء كان في المجال الثقافي أو الاقتصادي أو الرياضي، ويضيف أنّ الحراك الثقافي في صحفنا لم يعد مغرياً للمثقف أو جذابا للمتلقي في ظل ثورة السوشل ميديا وانفجار التقنية الحديثة التي تجاوزت الطرح التقليدي للقضايا الثقافية في بعض صحفنا المحلية.

ويؤكد قماش على أنّ المحرر الثقافي ليس سبباً في الركود متى ما تناغم مع معطيات التقنية ونأى عن الطرح المستهلك للقضايا، متجاوزا الكثير مما يتم تداوله بشكل تقليدي وعادي، لكنه يعترف بأنّ هناك صحفاً ولوجود بعض المحررين المثقفين استطاعت أن تنهض بقضايا ثقافية وتحرك هذا الركود وسط عزوف الكثير من المثقفين عن التفاعل مع ما يطرح في الصحف وانحيازهم لوسائط أخرى كـ «تويتر وفيسبوك» لكنه يأخذ على الصفحات الثقافية أنّ بعضها مازال يعاني من إشكالية الطرح التقليدي، والحشو والتكرار والاستهلاك، ولم تعد في نظره مؤثرة كما كانت الملاحق الثقافية فترة الثمانينات والتسعينات الميلادية، ما لم تعد صياغة منهجها وتحديث أفكار محرريها بنحوٍ يلائم تطلعات القارئ الواعي الذي تجاوز صحفنا الورقية بمراحل، وأصبح لديه مصادر كثيرة للمعلومة وللمعرفة.