بالله هذي كيف نبلعها: أمير وفنان؟!
الاثنين / 09 / جمادى الأولى / 1438 هـ الاثنين 06 فبراير 2017 01:25
إدريس الدريس
هل للإبداع والإمتاع علاقة بصفة الشخص الاجتماعية ومكانته؟ وهل العطاء الإبداعي يمتنع عن التدفق والتخلق على وجه التحديد عند ذوي الجاه والحسب والنسب؟ وهل بذرة الموهبة لا تتخلق حصرياً إلا في البيئة الفقيرة أو لدى الطبقة المتوسطة؟ وهل صحيح أن الإبداع لا يخرج إلا من رحم المعاناة، وإن كان ذلك صحيحاً بالفعل فهل تمتنع المعاناة عند من يكتسب صفة «الأمير»؟! وهل أصحاب السمو الأمراء محصنون ضد المعاناة أو أنهم يحملون في جيناتهم «بوليصة» تأمين ضد القلق وضد الخوف من المستقبل ومن المجهول ومن الحزن الذي هو نتاج الحاجة البشرية للمزيد دائماً حيث يتطلع الغني لأن يزداد ويرتفع في سلم الثراء ولهذا يعاني في سبيل ذلك وربما يحزن لرؤية من هو أغنى منه خاصة لو ظن أن هذا الثري أقل منه مكانة وذكاء.
وهل يكتفي الأمير بالمال والثروة والوجاهة فيتوقف طموحه عند ذلك الحد؟ أم تراه يبحث عن السلطة من خلال تقلده لمنصب ما في أي مجال؟
يجرني لمثل هذه التساؤلات استكثار البعض على بعض الأمراء أن يقولوا أو يبدعوا شعراً أو رسماً أو عزفاً أو لحناً موسيقياً، ومبرر استنكارهم واستكثارهم هو الربط اليساري المتجني للإبداع وجعله كما لو كان رهينة أو وديعة عند الطبقة الكادحة من البروليتاريا والمساكين، وجعل الحالة الاقتصادية هي وقود الإبداع والخلق والتجلي، وهذا إن صدق نسبياً إلا أن جعله قاعدةً عامة فيه الكثير من مجافاة الحقيقة، لكن هذا الفهم الخاطئ هو الذي يدفع بعضنا للتشكيك في قدرة الأمير الشاعر «فلان» أو في موهبة الأمير الرسام «فلان» أو الرفض لاستساغة أن تلك الأغنية الطربية الجميلة هي من ألحان الأمير «فلان» أو من كلماته أو ربما من ألحانه وكلماته.
ولو جادلت أحد هؤلاء المشككين وقلت له إنك بهكذا نفي فإنك تخلع على الأمير جبةً وهالة من الفرادة والخصوصية التي تجعله في خانةٍ مغايرة لسائر البشر، بما يعبر عن عدم الإدراك بأن الناس مهما علوا أو انخفضوا في الثراء والمقام والسلطة فإنهم جميعاً (في كبد) دائم، وأن المعاناة والتقلبات المزاجية والعوارض النفسية تمر بالغني والفقير وبالعادي والأمير، وأن التفاوت الإبداعي يحدث لدى كل الأعراق والأطياف وعند كل القبائل والمجاميع وفي كل العوائل، ولهذا فليس كل الأمراء شعراء أو رسامين أو موسيقيين أو لاعبي كرة، وستجد أن فيهم الحكيم وغيره وخفيف الدم وثقيل الطينة والمؤدب وعكسه والمحظوظ والمنحوس والغني جداً والأقل والمتسلط والمتسامح والكريم والبخيل، وبعد ذلك فستجد بالتالي أن منهم من لا يستطيع أن ينظم شطراً من بيت شعر ومن لا يجيد الإمساك بريشة الألوان، أما الموهوبون موسيقياً فقليل ما هم.
أقول قولي هذا وأنا الذي أعرف بعضهم وقد مزج ألوانه وغمر لوحته التشكيلية برؤيته الفنية، مثلما يسعني أن أقول إنني سمعت أحدهم وهو (صادق وشاعر) يعزف أمامي آخر ألحانه، أما الشعر فهو سليقة فطرية يتوارثها بعضهم وتتعزز بمداومة سماع القصائد التي تلقى أمامهم من بعض الشعراء الذين يرتادون ويخاوون عليهم، وبموالاة الاستماع فإن أذن الأمير الصغير تتربى على الوزن وعلى تركيب الجمل والصور والأخيلة الشعرية ثم بالدربة تكتسب الموهبة وتنمو.
لا أعرف لماذا احتجت أن أقول هذا الكلام؟! ربما لأنني ضد إسباغ الهالة المتضخمة على الشعر وعلى كتابة القصيدة كما لو أنها صناعة لمركبة فضائية أو اختراقٌ لكوكب دري أو اكتشافٌ طبي خارق، كما أنني ضد عزل الأمراء وإخراجهم من ساحة العاديين، وبالتالي تنزيههم عن ساحة الإبداع بمجرد الإحساس الخاطئ بأنهم لا يعانون، كما أنني أريد التأكيد على أن الموهبة والإبداع ليسا حكراً على وطن أو على عرق أو على جنسٍ بعينه، لتكون خلاصة المقال أن الأمراء كباقي مخلوقات الله لهم ما لهم وعليهم ما عليهم.
وهل يكتفي الأمير بالمال والثروة والوجاهة فيتوقف طموحه عند ذلك الحد؟ أم تراه يبحث عن السلطة من خلال تقلده لمنصب ما في أي مجال؟
يجرني لمثل هذه التساؤلات استكثار البعض على بعض الأمراء أن يقولوا أو يبدعوا شعراً أو رسماً أو عزفاً أو لحناً موسيقياً، ومبرر استنكارهم واستكثارهم هو الربط اليساري المتجني للإبداع وجعله كما لو كان رهينة أو وديعة عند الطبقة الكادحة من البروليتاريا والمساكين، وجعل الحالة الاقتصادية هي وقود الإبداع والخلق والتجلي، وهذا إن صدق نسبياً إلا أن جعله قاعدةً عامة فيه الكثير من مجافاة الحقيقة، لكن هذا الفهم الخاطئ هو الذي يدفع بعضنا للتشكيك في قدرة الأمير الشاعر «فلان» أو في موهبة الأمير الرسام «فلان» أو الرفض لاستساغة أن تلك الأغنية الطربية الجميلة هي من ألحان الأمير «فلان» أو من كلماته أو ربما من ألحانه وكلماته.
ولو جادلت أحد هؤلاء المشككين وقلت له إنك بهكذا نفي فإنك تخلع على الأمير جبةً وهالة من الفرادة والخصوصية التي تجعله في خانةٍ مغايرة لسائر البشر، بما يعبر عن عدم الإدراك بأن الناس مهما علوا أو انخفضوا في الثراء والمقام والسلطة فإنهم جميعاً (في كبد) دائم، وأن المعاناة والتقلبات المزاجية والعوارض النفسية تمر بالغني والفقير وبالعادي والأمير، وأن التفاوت الإبداعي يحدث لدى كل الأعراق والأطياف وعند كل القبائل والمجاميع وفي كل العوائل، ولهذا فليس كل الأمراء شعراء أو رسامين أو موسيقيين أو لاعبي كرة، وستجد أن فيهم الحكيم وغيره وخفيف الدم وثقيل الطينة والمؤدب وعكسه والمحظوظ والمنحوس والغني جداً والأقل والمتسلط والمتسامح والكريم والبخيل، وبعد ذلك فستجد بالتالي أن منهم من لا يستطيع أن ينظم شطراً من بيت شعر ومن لا يجيد الإمساك بريشة الألوان، أما الموهوبون موسيقياً فقليل ما هم.
أقول قولي هذا وأنا الذي أعرف بعضهم وقد مزج ألوانه وغمر لوحته التشكيلية برؤيته الفنية، مثلما يسعني أن أقول إنني سمعت أحدهم وهو (صادق وشاعر) يعزف أمامي آخر ألحانه، أما الشعر فهو سليقة فطرية يتوارثها بعضهم وتتعزز بمداومة سماع القصائد التي تلقى أمامهم من بعض الشعراء الذين يرتادون ويخاوون عليهم، وبموالاة الاستماع فإن أذن الأمير الصغير تتربى على الوزن وعلى تركيب الجمل والصور والأخيلة الشعرية ثم بالدربة تكتسب الموهبة وتنمو.
لا أعرف لماذا احتجت أن أقول هذا الكلام؟! ربما لأنني ضد إسباغ الهالة المتضخمة على الشعر وعلى كتابة القصيدة كما لو أنها صناعة لمركبة فضائية أو اختراقٌ لكوكب دري أو اكتشافٌ طبي خارق، كما أنني ضد عزل الأمراء وإخراجهم من ساحة العاديين، وبالتالي تنزيههم عن ساحة الإبداع بمجرد الإحساس الخاطئ بأنهم لا يعانون، كما أنني أريد التأكيد على أن الموهبة والإبداع ليسا حكراً على وطن أو على عرق أو على جنسٍ بعينه، لتكون خلاصة المقال أن الأمراء كباقي مخلوقات الله لهم ما لهم وعليهم ما عليهم.