كتاب ومقالات

المرأة تعيل أسرتها

أشواك

عبده خال

كل يوم وكل حين تثبت الوقائع أن تنظيرات المتشددين حول قضايا المجتمع هي نظرة خاطئة لا تقوم على دراية أو فهم بمجريات الأمور، وكم من قضية اجتماعية وقف أمام تنفيذها مجموعة من المحتسبين على أنهم حراس الفضيلة.. ومن القضايا التي وقفوا منها موقف المتعنت المستبد قضية عمل المرأة.. فخلال السنوات الماضية دارت حروب لفظية بين المؤيد لعمل المرأة والرافض له، وصل الأمر لتنادي وإدخال شخصيات اعتبارية وعظية لتسفيه حجج ضرورة عمل المرأة، والتي قالت إن مناصري عمل المرأة لا يريدون إلا إخراجها من بيتها.

وتعبنا ونحن نقول لهؤلاء إن متغيرات الزمن اختلفت وإن الكثير من السيدات أصبحن (العائل الوحيد) في الأسرة، فهي المنفقة والتفضيل قائم على من ينفق (وهذه مسألة أخرى)، وأمام هذه الحجة نهض أحد الدعاة مخاطبا الدولة أن تقوم بالإنفاق على أي امرأة بدل خروجها للعمل، هذا الرأي المضلل لا يعي أي مفهوم اقتصادي أو إسلامي (وهو المجال الذي يتحدث فيه) ومثله الكثيرون، وقد نهض الرافضون لعمل المرأة من باب الحمية والتقاليد المحصورة في زمنية ما، إذ إن التاريخ سجل عمل المرأة، وقصة سيدتنا خديجة رضي الله عنها ليست بعيدة.

ولأننا نعيش في غياب المعلومة فلم تكن هناك بيانات وافية عن عمل المرأة لكي يمكن تحليلها ودراستها، إلا أن الواقع والاحتياج جعل المرأة ساعية للعمل بأي صورة كانت، متخطية الآراء التي تناديها بالمكوث في بيتها، ولأن (الجوع كافر) خرجت السيدات بحثا عما يقيهن تصغير وجوههن بمد اليد أو الاشتغال بما يدمر الأخلاق.

وجاء تصريح المشرف العام على برنامج حساب المواطن أن نسبة السيدات اللاتي سجلن أنفسهن بأنهن يتولين مسؤولية الإنفاق في الأسرة 28%، وهي نسبة مرتفعة، فلو بقيت هؤلاء السيدات في بيوتهن لما التفت إليهن أحد حتى أولئك الذين خاضوا حروبا من أجل بقائها لن يستطيع الواحد منهم مد يد العون لهن.

ولأنه من الطبيعي أن تتوافر أعمال في حقل واحد ولأن الكفاءات والتهيئة مختلفة كانت هناك أعمال متواضعة تتناسب مع اللاتي لا يحملن المؤهل المطلوب، فاشتغلت المرأة في متاجر الملابس النسائية وفي (الكاشير) صالات الاستقبال ومجيبة للنداء (السنترال) وغير ذلك. والغاية من العمل تكون غاية ذاتية في محورها الأول وغاية تالية هي التنمية الاقتصادية للبلد، والإحصائيات تنص على أن نسبة الإناث تفوق الذكور، هذا هو الواقع الذي دفع بالسيدات لأن يدخلن إلى مجال العمل بقوة وكفاءة.. مرة أخرى الحياة توجد لنفسها ظرفا يفوق أي معوقات.