«ثاج».. كنوز أثرية تجثم على صدور ساكنيها
أهاليها أكدوا أنها تفتقد لأبسط الخدمات وتمنوا أن تصبح مزاراً سياحياً
الخميس / 26 / جمادى الأولى / 1438 هـ الخميس 23 فبراير 2017 02:58
عبدالله الحكمي (الدمام، ثاج)
aah0041@
تعد قرية «ثاج» من أهم المواقع الأثرية في المنطقة الشرقية، بل والمملكة، إذ تقع في الجزء الشرقي من وادي المياه، وعلى طريق القوافل التجارية القديمة المتجه جنوبا إلى اليمامة والأفلاج، ومنها إلى وادي الدواسر، ثم قرية الفاو ونجران. اكتسبت «ثاج» أهمية بارزة في توفير الخدمات اللازمة لتجارة العبور، وربما كانت إحدى أهم محطات ذلك الطريق، وتشغل مساحة 20 كيلو مترا مربعا، منها أربعة كيلو مترات مربعة هي المواقع الأثرية كمدينة أثرية متكاملة يحيطها سور خارجي، وخارجه توجد مبانٍ أثرية. وهي مملكة ومستوطنة قديمة، كانت زاخرة بالحياة، ومن الدول الغنية جدا، وهذا ما تم اكتشافه؛ ففيها كنوز كبيرة، وما كشف عنه هو القليل، وهذا القليل لم يستثمر ولم يستفد منه.
يقول مبارك راشد الملعبي أحد أعيان المنطقة «ننام على كنوز تفوق الخيال، ولكن تلك كانت مدينة في العهد الغابر والآن هي قرية تفتقد لكل الخدمات». ويضيف قائلا: أملنا في «رؤية 2030» أن تكون الآثار العظيمة الموجودة في قريتنا مصدر خير، عكس ما حدث لنا طوال السنوات الماضية التي عانينا فيها الكثير، نتمنى أن يتم التنقيب واكتشاف باقي الآثار، لتكون ثاج مزارا أثريا للسياح، ليستفيد المواطن من هذا الإرث الذي يفوق عمره أربعة آلاف عام.
عن المواقع الأثرية يتحدث أحد سكان قرية «ثاج» سعد فهد العازمي، موضحا أنه منذ سنوات طويلة نُقِّبتَ عن آثار قرية «ثاج»، وبعد اكتشافها مُنع البناء فيها، ثم وضعت عليها حواجز «شبك» حول المواقع الأثرية.
وأضاف: نحن سكان ثاج عانينا كثيرا بسبب الآثار، وبدلا من أن تكون خيرا وفائدة ومصدرا للرزق والخير للبلدة أصبحت كابوسا، فقد منع البناء في قريتنا، حتى الخدمات جميعها معدومة تماما، تم نقل القرية وإعطاء السكان مخططا صغيرا إلى جانب القرية ولم يكن حلا، فلا استثناءات ولا خدمات.
أما عايض فهد العازمي، فيقول: «بلدتنا تفتقد لكل الخدمات، فلا مدارس سوى الابتدائي للبنين والبنات فقط، وبعدها الأهالي مخيرون بين ذهاب أبنائهم وبناتهم لمدارس القرى المجاورة أو الاكتفاء بالابتدائية، وهما أمران أحلاهما مر».
وأضاف: «القرية تفتقد لأبسط الخدمات، فلا سفلتة ولا إنارة إلا القليل في شوارع بسيطة في المخطط الجديد الذي انتقل إليه السكان، أما القرية القديمة فقد هجرها السكان ولم يبق فيها سوى منزل أو منزلين يسكنها أهلها والبقية انتقلوا إلى الموقع الجديد أو رحلوا إلى القرى المجاورة، نحن نأمل أن تكون هذه الكنوز والآثار في ثاج سببا في أن تصبح قريتنا مدينة مكتملة الخدمات».
المواطنون في ثاج متفائلون بـ«رؤية 2030»، وتمنوا أن يتحول الحال وتكون هذه القرية في يوم من الأيام وخلال الأعوام القريبة القادمة مدينة عظيمة يزورها السياح من أنحاء العالم، لما لا وفيها إرث تاريخي يفوق كثيرا من دول العالم، بل إن ثاج تعتبر من الأوائل على مستوى العالم تاريخيا، ولو حظيت بالاهتمام ستكون رافدا اقتصــــــــــاديا للوطن.
«الجرهاء» تاريخ يمشي على قدميه
تقع قرية ثاج التاريخية على بعد 95 كيلومترا عن مدينة الجبيل، وعلى بعد 150 كيلومترا تقريبا إلى الشمال الغربي عن مدينة الظهران، وعلى بعد 300 كيلومتر عن مدينة الدمام.
من جانب آخر، أشارت بحوث أجرتها البعثة الدنماركية عام 1388، إلى أن حضارة إنسانية عريقة لا تزال رابضة تحت خرائب «ثاج» تنتظر مكانها في الدراسات والبحوث، وإلى الآن لم يكتشف من هذه الآثار سوى نسبة قليلة ما بين 1 - 2 % فقط.
وتعد واحدة من أهم مراكز العمران في الأزمنة السابقة على ظهور الإسلام لأسباب عدة، أهمها: غناء البيئة المحيطة بها بالمياه الموسمية والجوفية، ووفرة المراعي لقطعان الماشية.
وتتمركز في قلب صحراء عبورها أمر لا بد منه لمن يريد شرقي الجزيرة العربية من وسطها أو من يريد وسطها من شرقيها، إذ كانت تجارة الخليج العربي سواء مع الهضبة الإيرانية أو شبه القارة الهندية أو غيرها تفرغ في موانئ الخليج العربي كالدفي في الجبيل، ثم تنقل برا في اتجاهات متعددة منها ثاج.
وتتبين ضخامة الدور الذي لعبته مستوطنة ثاج بين سكان الزمن الذي عاصرته مما وجد فيها من مادة أثرية كثيرة كقطع العملة التي يعود بعضها إلى مصادر يونانية ورومانية وسلوقية وغيرها، فضلا عن المجسمات الفخارية التي أثبتت الدراسات أنها ذات أصول مختلفة منها ما هو متأثر بما كان يوجد في بلاد الرافدين وشمال غربي الجزيرة، ويضاف إلى تنوع المادة الفخارية احتواؤها على ما هو مستورد من مراكز حضارية كاليونان.
يقول جفري بيبي عند زيارته لثاج: سبق لي أن رأيت صوراً جوية لثاج وبالتالي كنت أعرف ماذا عليّ أن أتوقع، ولكن لم أكن متوقعا ذلك الحجم، فتحتي مدينة كبيرة، وبدت جدرانها الدفاعية على هيئة متوازي الأضلاع واضحة المعالم، وامتدت حولها حقول المدافن، وشكلت بعض الآكام على نحو دائري غريب حيث يقوم سور دائري تتوسطه حفرة.
وذهب كثير من الباحثين إلى أن ثاج هي الجرهاء، وربما كانت عاصمة لكيان سياسي قوي فكان دخلها الاقتصادي منبته قوتها العسكرية وسيطرتها على طرق المواصلات والحماية التي توفرها للقوافل التجارية وإنشاء بورصة للتداول، وبناء على المادة الأثرية المتوافرة على سطحها نعرف أهميتها.
وتعتبر من موارد المياه القديمة حيث تتوافر فيها مياه كثيرة وتم حصر 15 بئرا داخل السور الأثري، وسبع آبار تقع في محيط ثاج الأثري خارج السور الأثري في الجهة الجنوبية والشرقية منها وهي مطوية بالأحجار.
وتدل الدلائل على أن الآثار في ثاج قديمة، إذ سكنت خلال عصور ما قبل التاريخ، واستمر ذلك خلال الفترة الأشورية والبابلية المتأخرة، وفي الفترة الممتدة من سقوط الدولة البابلية الثانية حتى ظهور الإسكندر الأكبر في الشرق عام 332 قبل الميلاد، وخلال الفترة الهلينستية.
وتعتبر هذه الفترة أغنى الفترات في المخلفات الأثرية وأهمها، واستمر السكن في هذه الأرض حنى الفترة البارثية والساسانية والتي تمتد من القرن الأول الميلادي تقريبا حتى القضاء على الدولة الساسانية عام 640.
الحلقة القادمة:
سوق سمك القطيف.. باعة ينتقدون والبلدية ترد
تعد قرية «ثاج» من أهم المواقع الأثرية في المنطقة الشرقية، بل والمملكة، إذ تقع في الجزء الشرقي من وادي المياه، وعلى طريق القوافل التجارية القديمة المتجه جنوبا إلى اليمامة والأفلاج، ومنها إلى وادي الدواسر، ثم قرية الفاو ونجران. اكتسبت «ثاج» أهمية بارزة في توفير الخدمات اللازمة لتجارة العبور، وربما كانت إحدى أهم محطات ذلك الطريق، وتشغل مساحة 20 كيلو مترا مربعا، منها أربعة كيلو مترات مربعة هي المواقع الأثرية كمدينة أثرية متكاملة يحيطها سور خارجي، وخارجه توجد مبانٍ أثرية. وهي مملكة ومستوطنة قديمة، كانت زاخرة بالحياة، ومن الدول الغنية جدا، وهذا ما تم اكتشافه؛ ففيها كنوز كبيرة، وما كشف عنه هو القليل، وهذا القليل لم يستثمر ولم يستفد منه.
يقول مبارك راشد الملعبي أحد أعيان المنطقة «ننام على كنوز تفوق الخيال، ولكن تلك كانت مدينة في العهد الغابر والآن هي قرية تفتقد لكل الخدمات». ويضيف قائلا: أملنا في «رؤية 2030» أن تكون الآثار العظيمة الموجودة في قريتنا مصدر خير، عكس ما حدث لنا طوال السنوات الماضية التي عانينا فيها الكثير، نتمنى أن يتم التنقيب واكتشاف باقي الآثار، لتكون ثاج مزارا أثريا للسياح، ليستفيد المواطن من هذا الإرث الذي يفوق عمره أربعة آلاف عام.
عن المواقع الأثرية يتحدث أحد سكان قرية «ثاج» سعد فهد العازمي، موضحا أنه منذ سنوات طويلة نُقِّبتَ عن آثار قرية «ثاج»، وبعد اكتشافها مُنع البناء فيها، ثم وضعت عليها حواجز «شبك» حول المواقع الأثرية.
وأضاف: نحن سكان ثاج عانينا كثيرا بسبب الآثار، وبدلا من أن تكون خيرا وفائدة ومصدرا للرزق والخير للبلدة أصبحت كابوسا، فقد منع البناء في قريتنا، حتى الخدمات جميعها معدومة تماما، تم نقل القرية وإعطاء السكان مخططا صغيرا إلى جانب القرية ولم يكن حلا، فلا استثناءات ولا خدمات.
أما عايض فهد العازمي، فيقول: «بلدتنا تفتقد لكل الخدمات، فلا مدارس سوى الابتدائي للبنين والبنات فقط، وبعدها الأهالي مخيرون بين ذهاب أبنائهم وبناتهم لمدارس القرى المجاورة أو الاكتفاء بالابتدائية، وهما أمران أحلاهما مر».
وأضاف: «القرية تفتقد لأبسط الخدمات، فلا سفلتة ولا إنارة إلا القليل في شوارع بسيطة في المخطط الجديد الذي انتقل إليه السكان، أما القرية القديمة فقد هجرها السكان ولم يبق فيها سوى منزل أو منزلين يسكنها أهلها والبقية انتقلوا إلى الموقع الجديد أو رحلوا إلى القرى المجاورة، نحن نأمل أن تكون هذه الكنوز والآثار في ثاج سببا في أن تصبح قريتنا مدينة مكتملة الخدمات».
المواطنون في ثاج متفائلون بـ«رؤية 2030»، وتمنوا أن يتحول الحال وتكون هذه القرية في يوم من الأيام وخلال الأعوام القريبة القادمة مدينة عظيمة يزورها السياح من أنحاء العالم، لما لا وفيها إرث تاريخي يفوق كثيرا من دول العالم، بل إن ثاج تعتبر من الأوائل على مستوى العالم تاريخيا، ولو حظيت بالاهتمام ستكون رافدا اقتصــــــــــاديا للوطن.
«الجرهاء» تاريخ يمشي على قدميه
تقع قرية ثاج التاريخية على بعد 95 كيلومترا عن مدينة الجبيل، وعلى بعد 150 كيلومترا تقريبا إلى الشمال الغربي عن مدينة الظهران، وعلى بعد 300 كيلومتر عن مدينة الدمام.
من جانب آخر، أشارت بحوث أجرتها البعثة الدنماركية عام 1388، إلى أن حضارة إنسانية عريقة لا تزال رابضة تحت خرائب «ثاج» تنتظر مكانها في الدراسات والبحوث، وإلى الآن لم يكتشف من هذه الآثار سوى نسبة قليلة ما بين 1 - 2 % فقط.
وتعد واحدة من أهم مراكز العمران في الأزمنة السابقة على ظهور الإسلام لأسباب عدة، أهمها: غناء البيئة المحيطة بها بالمياه الموسمية والجوفية، ووفرة المراعي لقطعان الماشية.
وتتمركز في قلب صحراء عبورها أمر لا بد منه لمن يريد شرقي الجزيرة العربية من وسطها أو من يريد وسطها من شرقيها، إذ كانت تجارة الخليج العربي سواء مع الهضبة الإيرانية أو شبه القارة الهندية أو غيرها تفرغ في موانئ الخليج العربي كالدفي في الجبيل، ثم تنقل برا في اتجاهات متعددة منها ثاج.
وتتبين ضخامة الدور الذي لعبته مستوطنة ثاج بين سكان الزمن الذي عاصرته مما وجد فيها من مادة أثرية كثيرة كقطع العملة التي يعود بعضها إلى مصادر يونانية ورومانية وسلوقية وغيرها، فضلا عن المجسمات الفخارية التي أثبتت الدراسات أنها ذات أصول مختلفة منها ما هو متأثر بما كان يوجد في بلاد الرافدين وشمال غربي الجزيرة، ويضاف إلى تنوع المادة الفخارية احتواؤها على ما هو مستورد من مراكز حضارية كاليونان.
يقول جفري بيبي عند زيارته لثاج: سبق لي أن رأيت صوراً جوية لثاج وبالتالي كنت أعرف ماذا عليّ أن أتوقع، ولكن لم أكن متوقعا ذلك الحجم، فتحتي مدينة كبيرة، وبدت جدرانها الدفاعية على هيئة متوازي الأضلاع واضحة المعالم، وامتدت حولها حقول المدافن، وشكلت بعض الآكام على نحو دائري غريب حيث يقوم سور دائري تتوسطه حفرة.
وذهب كثير من الباحثين إلى أن ثاج هي الجرهاء، وربما كانت عاصمة لكيان سياسي قوي فكان دخلها الاقتصادي منبته قوتها العسكرية وسيطرتها على طرق المواصلات والحماية التي توفرها للقوافل التجارية وإنشاء بورصة للتداول، وبناء على المادة الأثرية المتوافرة على سطحها نعرف أهميتها.
وتعتبر من موارد المياه القديمة حيث تتوافر فيها مياه كثيرة وتم حصر 15 بئرا داخل السور الأثري، وسبع آبار تقع في محيط ثاج الأثري خارج السور الأثري في الجهة الجنوبية والشرقية منها وهي مطوية بالأحجار.
وتدل الدلائل على أن الآثار في ثاج قديمة، إذ سكنت خلال عصور ما قبل التاريخ، واستمر ذلك خلال الفترة الأشورية والبابلية المتأخرة، وفي الفترة الممتدة من سقوط الدولة البابلية الثانية حتى ظهور الإسكندر الأكبر في الشرق عام 332 قبل الميلاد، وخلال الفترة الهلينستية.
وتعتبر هذه الفترة أغنى الفترات في المخلفات الأثرية وأهمها، واستمر السكن في هذه الأرض حنى الفترة البارثية والساسانية والتي تمتد من القرن الأول الميلادي تقريبا حتى القضاء على الدولة الساسانية عام 640.
الحلقة القادمة:
سوق سمك القطيف.. باعة ينتقدون والبلدية ترد