كتاب ومقالات

المادة (77) أم (88) بين التشريع والقضاء

ماجد قاروب

@majedgaroub

بطبيعة الحال المقصود هي المادة 77 الشهيرة من نظام العمل التي أصبحت حديث المجتمع على مختلف التوجهات، ومن وجهة نظري أصبح الحديث مقلوباً وعكسياً، لهذا جعلت رقم المادة 77 في العنوان مقلوباً 88 لبعدها عن منطق القانون والمؤسسات والسلطات، ورصدت عددا من اختلالات خطيرة أفرزتها المادة بحاجة إلى معالجات جذرية من خلال طرح شواهد ودلالات سريعة.

حادثة استثنائية هي قيام شركة بتسريح عدد كبير جداً من العاملين السعوديين بصورة جماعية نادرة الحدوث تطبيقا للمادة التي وإن كانت قد وضعت تحديدا لمقدار التعويض في حالة طبيعية هي إنهاء العقد لسبب غير مشروع كحق طبيعي لرب العمل أو العامل، إلا أن عليها ملاحظات عديدة.

والشركة التي قامت بهذا الفصل الجماعي يلزمها تعويض العمال المتضررين من قرار الفصل ولم يسأل أحد أو يناقش لماذا كانت مستعدة لجميع تلك الأضرار؟ هل هي تتخلص من عمالة سعودية وهمية، أم أن تكلفة الاستغناء مادياً وإدارياً عن السعودي أقل عن الأجنبي؟ ومؤكد أنها تعلم آثار قرارها على مزايا نطاقات ودعم هدف وغيرها من مزايا السعودة فلماذا لم تبال؟

وجميعها أسئلة لم تطرح ولم تناقش! ويبدو أن طرحها سيكشف عيوبا هيكلية ومؤسسية بوزارة العمل وبرامجها، مثل ساند، ونطاقات، وحتى صندوق تنمية الموارد البشرية الذي لم ينم إلا سعودة وهمية ولم يحقق تنمية بشرية.

ويطلب المجتمع معالجة الحادثة، ويريد أن يحجر على حق رب العمل في إنهاء عقد العامل، رغم أن المادة ساوت في مقدار التعويض بين هذا الحق وحق العامل في حالة الإنهاء لسبب غير مشروع، فالأمان الوظيفي مطلوب للطرفين، وإنهاء العلاقة التعاقدية حق مشروع لكل منهما وفق صحيح النظام والإجراءات التي تحفظ حقوقهما.

ولم يناقش المجتمع الأدوار السلبية لهدف وساند للتدخل في مثل هذه الحالة، وهما المنوطان بالقيام بأدوار حفظ ودعم وتماسك سوق العمل، فأين هم خلال هذه الأزمة الاستثنائية.

والغرف التجارية ما زالت تؤكد بعدها عن قضايا الوسط الاقتصادي، فلم نجد لها رأي معلن عن هذه المادة كما هو الحال في قضايا الشركات العائلية وحماية المستهلك والغش والتستر التجاري وغيرها من المواضيع التي تتشابك فيها مصالح الوطن والاقتصاد.

إن مكمن الخلل في المادة 77 هو تحديد التعويض بصورة حصرية ومحددة على صاحب العمل والعامل، وهذا فساد تشريعي خطير، وكان من الأولى أن يرد بالمادة الحد الأدنى لمقدار التعويض وأن يطلق مقدار التعويض وفق كل حالة على حدة، يراعى فيها القضاء العمالي ما لحق الطرف المتضرر من إنهاء العقد من أضرار مادية وأدبية حالة واحتمالية وظروف الإنهاء.