«توفيق» (التجارة) هل سيـلازم معـاليه في (الصحة)؟!
السبت / 28 / جمادى الأولى / 1438 هـ السبت 25 فبراير 2017 01:15
غسان بادكوك
gbadkook@
قبل الدخول في مقال اليوم سأروي قصة لها صلة بالموضوع، فعندما تعطل جهاز جوالي قبل 3 أشهر قال لي موظف وكالة الصيانة بأنهم سيستبدلونه (مجاناً!) بآخر جديد؛ شكرته بالطبع ولكنه فاجأني بقوله: يجب أن تشكر الدكتور توفيق الربيعة!، علّقت مستغرباً: وما علاقة وزير الصحة بجوّالي؟!، أجابني متحمِّساً بأن الوزير له الفضل في تغيير جهازي!؛ رغم مرور 20 شهراً على شرائه، سألته: وكيف ذلك؟، فقال: بأن (الربيعة) عندما كان وزيراً للتجارة أصدر قراراً ألزم بموجبه جميع وكلاء الأجهزة الإلكترونية بتمديد فترة ضمانها من سنة إلى سنتين، ولولا ذلك لاضطررت لدفع تكلفة الصيانة إضافة لقيمة قطع الغيار.
القصة السابقة تُلخِّص كيف يمكن أن تؤثر علينا قرارات الوزراء؛ فرغم انتقال الوزير لموقع مسؤولية آخر إلّا أن قراره بقي سارياً، وهذا ما رفع سقف توقعاتنا كمواطنين في قدرة الوزير على معالجة اختلالات (الصحة)؛ كما فعل في (التجارة)؛ بوقوفه إلى جانب المستهلك، لذلك فبمجرد تعيين معاليه وزيراً للصحة في7 مايو 2016، تفاءلنا به خيراً؛ وأرجو أن نظل كذلك لأننا اليوم وبعد مضي 10 أشهر على التعيين، لم نلمس (مؤشرات) إيجابية قويّة على قرب تحسين الوضع؛ خصوصا بعد قيام الوزير مؤخراً بمبادرة (مستغربة) بدعوته المواطنين للمشاركة في استبيان حول مستوى الخدمات الصحية بالمملكة، وكأنَّ معاليه لا يعيش بيننا ولا يدرك مستوى خدماتنا الصحية!
أقول ذلك رغم معرفتي بالقدرات الاستثنائية لمعالي د. الربيعة، ولكن (الصحة) غير (التجارة) كون تحديات القطاع الصحي أكثر تشعُّباً وتعقيداً، ولا أبالغ إذا ما ذكرت أنه ليست هناك وزارة أكثر تغييراً لوزرائها من وزارة الصحة بعد أن استعصى (علاج أوجاعها المزمنة) على وزرائها السابقين؛ فرغم مئات المليارات التي خصصتها الدولة لها على مدى عقود، بقيت خدماتها دون مستوى التوقعات بكثير.
يؤكد ما سبق حاجة المواطن للانتظار شهوراً قبل إمكانية إجراء جراحة (عاجلة!) في مستشفى حكومي، أو الحصول على موعد لمقابلة طبيب، ناهيك عن صعوبة توفُّر سرير لتنويم حالة (طارئة)، أو إجراء أشعة ضرورية لتشخيص مرض عضال، هذا غير التباطؤ الملحوظ في السيطرة على الأوبئة، وضعف الطب الوقائي، ووجود ضرورة لـ(ضبط) توريد الأدوية والمستلزمات الطبية، يضاف لذلك أهمية إعادة النظر في الإجراءات (غير المرنة) للعلاج في الخارج، ونقص الكوادر الطبية (الوطنية)، وتسرُّب الكثير منها للقطاع الخاص.
ندرك طبعاً أن المصاعب السابقة هي نتاج تراكمات بيروقراطية متعاقبة؛ استمرت عقوداً، ولكن ما يقلقنا كمجتمع هو إمكانية استمرارها إن لم يبادر الوزير للإعلان عن رؤية صحية وطنية؛ تتسم بالوضوح والشمولية؛ تمنع استمرار العشوائية والاجتهادات الفردية، وتُؤدي لتأصيل العمل المؤسسي و(الجماعي) في الوزارة.
لكل ما تقدم، أتوجّه اليوم لمعالي وزير الصحة راجياً إفصاحه (قريباً) عن الإستراتيجية التي يعتزم انتهاجها؟، وكم سيستغرق تنفيذها؟ وما هي أبرز أهدافها؟؛ لأننا نريد أن نطمئن على صحتنا بوصفنا المستهدفين أساساً بخدمات الوزارة، وأي تطوُّر أو تدهور عليها، سيؤثر علينا مباشرة؛ إن بالسلب أو الإيجاب.
ولا تكتمل (صورة) مستقبلنا الصحي بدون أن نعرف مرئيات معالي وزير الصحة حول عدد من التساؤلات التي تؤرِّقنا (صحيّاً) كسعوديين؛ من أبرزها:
1. هل ثمّة تصوّر لتحفيز القطاع الخاص كي يضخ المزيد من الاستثمارات في إنشاء مستشفيات جديدة بالشراكة مع الوزارة؟
2. أين وصل مشروع التأمين الطبي على المواطنين؟ وهل هناك مستجدات أو تطورات وشيكة على هذا الملف الشائك؟
3. كيف ستتعامل الوزارة مع التأخير الملحوظ في تنفيذ الكثير من مشاريع المرافق الصحية الجاري تنفيذها؟
4. إلى متى ستظل إشكالية ضعف بنية المراكز الصحية قائمة؟ ومتى يتم الربط الآلي بين جميع المرافق الصحية؛ الحكومية والخاصة؟
5. ما هو الجديد في تطوير الكادر الخاص بالأطباء والممارسين الصحيين السعوديين؟ وكيف يمكن زيادة أعدادهم؟، وتشغيل العاطلين منهم؟
6. هل هناك خطة لدى الوزارة لتقليل الأخطاء الطبية، وسرعة البت في قضاياها، ورفع قيمة التعويضات؟
7. لماذا لا يبادر الوزير باقتراح إنشاء جهة مستقلة تكون مهمتها مراقبة وتقويم وتنظيم قطاع الصحة أسوة بباقي أجهزة الخدمات؟
8. ما إمكانية تخفيف المركزية الشديدة في الوزارة؟ بدلا عن رئاسة الوزير حاليا للعديد من الأجهزة كهيئة الغذاء والدواء، والمجلس الصحي، والهلال الأحمر، وهيئة التخصصات الصحية، ومؤسسة مستشفى الملك فيصل التخصصي!؟
9. هل التوقيت مناسب لخصخصة بعض الخدمات الطبية التي أعلنها الوزير مؤخراً؟، خصوصاُ أنها ستؤدي لزيادة الأعباء المالية على المواطنين.
ختاماً نعلم أن تحدياتنا الصحية كبيرة، ولكن ثقتنا في الوزير أكبر، وحتى مع معرفتنا بأن المهمة صعبة إلا أنها ليست مستحيلة؛ خصوصا بوجود مسؤول كفؤ مثله، مع تمنياتي لمعاليه باستمرار التوفيق الذي لازمه في (التجارة)، عند تعامله مع ملفاتنا الصحية المُتخَمة والمتراكمة.
gbadkook@yahoo.com
قبل الدخول في مقال اليوم سأروي قصة لها صلة بالموضوع، فعندما تعطل جهاز جوالي قبل 3 أشهر قال لي موظف وكالة الصيانة بأنهم سيستبدلونه (مجاناً!) بآخر جديد؛ شكرته بالطبع ولكنه فاجأني بقوله: يجب أن تشكر الدكتور توفيق الربيعة!، علّقت مستغرباً: وما علاقة وزير الصحة بجوّالي؟!، أجابني متحمِّساً بأن الوزير له الفضل في تغيير جهازي!؛ رغم مرور 20 شهراً على شرائه، سألته: وكيف ذلك؟، فقال: بأن (الربيعة) عندما كان وزيراً للتجارة أصدر قراراً ألزم بموجبه جميع وكلاء الأجهزة الإلكترونية بتمديد فترة ضمانها من سنة إلى سنتين، ولولا ذلك لاضطررت لدفع تكلفة الصيانة إضافة لقيمة قطع الغيار.
القصة السابقة تُلخِّص كيف يمكن أن تؤثر علينا قرارات الوزراء؛ فرغم انتقال الوزير لموقع مسؤولية آخر إلّا أن قراره بقي سارياً، وهذا ما رفع سقف توقعاتنا كمواطنين في قدرة الوزير على معالجة اختلالات (الصحة)؛ كما فعل في (التجارة)؛ بوقوفه إلى جانب المستهلك، لذلك فبمجرد تعيين معاليه وزيراً للصحة في7 مايو 2016، تفاءلنا به خيراً؛ وأرجو أن نظل كذلك لأننا اليوم وبعد مضي 10 أشهر على التعيين، لم نلمس (مؤشرات) إيجابية قويّة على قرب تحسين الوضع؛ خصوصا بعد قيام الوزير مؤخراً بمبادرة (مستغربة) بدعوته المواطنين للمشاركة في استبيان حول مستوى الخدمات الصحية بالمملكة، وكأنَّ معاليه لا يعيش بيننا ولا يدرك مستوى خدماتنا الصحية!
أقول ذلك رغم معرفتي بالقدرات الاستثنائية لمعالي د. الربيعة، ولكن (الصحة) غير (التجارة) كون تحديات القطاع الصحي أكثر تشعُّباً وتعقيداً، ولا أبالغ إذا ما ذكرت أنه ليست هناك وزارة أكثر تغييراً لوزرائها من وزارة الصحة بعد أن استعصى (علاج أوجاعها المزمنة) على وزرائها السابقين؛ فرغم مئات المليارات التي خصصتها الدولة لها على مدى عقود، بقيت خدماتها دون مستوى التوقعات بكثير.
يؤكد ما سبق حاجة المواطن للانتظار شهوراً قبل إمكانية إجراء جراحة (عاجلة!) في مستشفى حكومي، أو الحصول على موعد لمقابلة طبيب، ناهيك عن صعوبة توفُّر سرير لتنويم حالة (طارئة)، أو إجراء أشعة ضرورية لتشخيص مرض عضال، هذا غير التباطؤ الملحوظ في السيطرة على الأوبئة، وضعف الطب الوقائي، ووجود ضرورة لـ(ضبط) توريد الأدوية والمستلزمات الطبية، يضاف لذلك أهمية إعادة النظر في الإجراءات (غير المرنة) للعلاج في الخارج، ونقص الكوادر الطبية (الوطنية)، وتسرُّب الكثير منها للقطاع الخاص.
ندرك طبعاً أن المصاعب السابقة هي نتاج تراكمات بيروقراطية متعاقبة؛ استمرت عقوداً، ولكن ما يقلقنا كمجتمع هو إمكانية استمرارها إن لم يبادر الوزير للإعلان عن رؤية صحية وطنية؛ تتسم بالوضوح والشمولية؛ تمنع استمرار العشوائية والاجتهادات الفردية، وتُؤدي لتأصيل العمل المؤسسي و(الجماعي) في الوزارة.
لكل ما تقدم، أتوجّه اليوم لمعالي وزير الصحة راجياً إفصاحه (قريباً) عن الإستراتيجية التي يعتزم انتهاجها؟، وكم سيستغرق تنفيذها؟ وما هي أبرز أهدافها؟؛ لأننا نريد أن نطمئن على صحتنا بوصفنا المستهدفين أساساً بخدمات الوزارة، وأي تطوُّر أو تدهور عليها، سيؤثر علينا مباشرة؛ إن بالسلب أو الإيجاب.
ولا تكتمل (صورة) مستقبلنا الصحي بدون أن نعرف مرئيات معالي وزير الصحة حول عدد من التساؤلات التي تؤرِّقنا (صحيّاً) كسعوديين؛ من أبرزها:
1. هل ثمّة تصوّر لتحفيز القطاع الخاص كي يضخ المزيد من الاستثمارات في إنشاء مستشفيات جديدة بالشراكة مع الوزارة؟
2. أين وصل مشروع التأمين الطبي على المواطنين؟ وهل هناك مستجدات أو تطورات وشيكة على هذا الملف الشائك؟
3. كيف ستتعامل الوزارة مع التأخير الملحوظ في تنفيذ الكثير من مشاريع المرافق الصحية الجاري تنفيذها؟
4. إلى متى ستظل إشكالية ضعف بنية المراكز الصحية قائمة؟ ومتى يتم الربط الآلي بين جميع المرافق الصحية؛ الحكومية والخاصة؟
5. ما هو الجديد في تطوير الكادر الخاص بالأطباء والممارسين الصحيين السعوديين؟ وكيف يمكن زيادة أعدادهم؟، وتشغيل العاطلين منهم؟
6. هل هناك خطة لدى الوزارة لتقليل الأخطاء الطبية، وسرعة البت في قضاياها، ورفع قيمة التعويضات؟
7. لماذا لا يبادر الوزير باقتراح إنشاء جهة مستقلة تكون مهمتها مراقبة وتقويم وتنظيم قطاع الصحة أسوة بباقي أجهزة الخدمات؟
8. ما إمكانية تخفيف المركزية الشديدة في الوزارة؟ بدلا عن رئاسة الوزير حاليا للعديد من الأجهزة كهيئة الغذاء والدواء، والمجلس الصحي، والهلال الأحمر، وهيئة التخصصات الصحية، ومؤسسة مستشفى الملك فيصل التخصصي!؟
9. هل التوقيت مناسب لخصخصة بعض الخدمات الطبية التي أعلنها الوزير مؤخراً؟، خصوصاُ أنها ستؤدي لزيادة الأعباء المالية على المواطنين.
ختاماً نعلم أن تحدياتنا الصحية كبيرة، ولكن ثقتنا في الوزير أكبر، وحتى مع معرفتنا بأن المهمة صعبة إلا أنها ليست مستحيلة؛ خصوصا بوجود مسؤول كفؤ مثله، مع تمنياتي لمعاليه باستمرار التوفيق الذي لازمه في (التجارة)، عند تعامله مع ملفاتنا الصحية المُتخَمة والمتراكمة.
gbadkook@yahoo.com