كتاب ومقالات

ملك الحزم والعلاقات الدولية

العميد الركن زابن عمر المرزوقي

يشهد العالم في الوقت الحاضر عدداً من التحولات الخطيرة في العلاقات والمصالح بين الدول؛ لأسباب سياسية واقتصادية، اتخذت من الأديان واختلاف المذاهب طريقا معقدا للوصول الى أهدافها ومطامعها المتعددة. وأصبح عدد من الدول المجاورة ضحية لتلك الأهداف والمطامع ذات النتائج الخطيرة والمؤلمة، إلا أن المملكة العربية السعودية استطاعت بقيادتها أن تتجاوز تلك المخاطر وتحافظ على علاقاتها الدولية المتوازنة مع الجميع بسبب حكمة وشجاعة القيادة وثبات مبادئها.

وتكتسب جولة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في عدد من دول شرق آسيا أهمية بالغة، وتعد دليلاً واضحاً على استقرار المملكة وقدرتها على تجاوز المحن والتغيرات التي تحيط بها، إذ أضحت سياسة حكومة خادم الحرمين الشريفين أنموذجاً في تنوع العلاقات الناجحة على جميع المستويات وفي المجالات كافة.

وللمملكة ثقل عقائدي مهم، فهي دولة شرفها الله بخدمة الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين، ولها أيضاً ثقل اقتصادي مهم، وثقل سياسي أهم بسبب حكمة قائدها (ملك الحزم والعزم) ونجاحاته المتتالية في التعاطي مع كافة القضايا الإقليمية والدولية، ومواجهة التحديات المحدقة بكل حزم وثقة.

وفي هذا الإطار، تأتي جولة خادم الحرمين الشريفين إلى دول شرق آسيا، التي استطاعت أن تلفت الأنظار إليها بما حققته من تطور هائل في مجالات العلم والاقتصاد، ومنها على سبيل المثال مملكة ماليزيا الاتحادية، فقبل عشرات السنين كان الماليزيون يعيشون في الغابات ويعملون في الزراعة وصيد الأسماك، ويعانون من الصراعـات الطائفيـة بين أتباع 18 ديانة ومذهبا. وكان متوسط دخل الفرد أقـل من 1000 دولار سنوياً.

واستطاع الدكتور مهاتير محمد عقب توليه مقاليد الحكم عـام 1981 أن يجعل ماليزيا دولة يشار إليها بالبنان، فخصص أكبر قسم في ميزانية الدولة لتدريب وتأهيل الحرفيين والمدارس ومحو الأمية وتعليم الإنجليزية والبحوث العلمية. وأرسل عشرات الآلاف من الطلاب في بعثات خارجية للدراسة في أفضل الجامعات الأجنبية. وزادت المخصصات المالية للتعليم لتصل إلى 24% من إجمالي النفقات الحكومية.

وفي قطاع الصناعة والاقتصاد وخلال سنوات قليلة وبالتحديد عام (1996)، حققت ماليزيا طفرة تجاوزت 46% عن العام السابق له، وذلك بفضل المنظومة الشاملة والقفزة الهائلة في تصنيـع الأجهزة الكهربائية، والحاسبات الإلكترونية، مما ساهم في تشغيل ملاييـن العاطليـن بالمصانـع بعد تأهيلهـم.

وفي قطـاع الاستثمـار، فتح الباب على مصراعيه بضوابط شفافة أمام الاستثمارات المحلية والأجنبية وفق قواعـد منضبطـة وناجحة.

وهذه ماليزيا اليوم في مصاف الدول المتقدمة اقتصادياً وثقافياً وسياسياً، محافظة على طابعها الإسلامي الفريد، وأصبحت الجنسية الماليزية ضمن أفضل 10 جنسيات عالمياً.

وينظر السعوديون إلى جولة خادم الحرمين الشريفين الآسيوية، بتفاؤل وثقة في البعد السياسي الحكيم لقائد الأمة، ما سيعود بالنفع بإذن الله على بلادنا التي نشعر بالفخر والاعتزاز بالانتماء إليها، كما نفخر بالتلاحم الرائع بين أبنائها قيادة وشعباً.

* طالب دكتوراه في كلية القانون بالجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا