كأننا يا درعا «لا رحنا ولا جينا»..!
الأحد / 06 / جمادى الآخرة / 1438 هـ الاحد 05 مارس 2017 01:33
صدقة يحيى فاضل
كثيرا ما ينشغل العالم العربي، وبقية العالم، بما يجري من كوارث ونكبات في الدول العربية المضطربة في هذا الوقت بخاصة، وخلال غيره. ويقلق مما تعاني منه هذه الدول من فوضى أمنية، وسياسية.. ينتج عنها مقتل كثير من سكانها هدرا، وتدمير معظم معالمها وإمكاناتها. إضافة إلى ما يمثله تهاوي واضطراب هذه الدول من تهديد خطير على البلاد المجاورة وإنسانها، وعلى السلم الإقليمي والعالمي.
هذه المنطقة الهامة لا تخرج من حرب إلا وتقع في أخرى.. بسبب خلافات وصراعات لم تحسم بعد. ويبدو أنها لن تحسم قريبا. أهم ما جعلها أكثر مناطق العالم سخونة واضطرابا وعدم استقرار، هي عوامل ومسببات ذاتية، أبرزها: الطائفية، الاستبداد السياسي، المذهبية، سوء تفسير الدين الإسلامي (الإسلاموية). هذا، إضافة إلى المسببات الخارجية، المتمثلة في المخطط الصهيوني ــ الإمبريالي، وغيره، الرامي للهيمنة على هذه المنطقة، وتسيير الأحداث فيها وفق هواه، واستغلال إمكاناتها عبر تقسيمها وشرذمتها، ونشر الفوضى السياسية فيها، من حين لآخر.
وتتسارع الأطراف المعنية بما يجري في هذه البلاد للتعامل مع هذه المصائب والكوارث، بما يتوافق ومصالحها وأهدافها. وتستخدم القوى الكبرى منظمة الأمم المتحدة لتمرير خططها، وتحقيق رغباتها. الهدف الرئيسي المعلن لكل من هذه الأطراف هو: وضع نهاية لهذه المأساة أو تلك، وإعادة السلم والاستقرار لهذه الدول، رحمة بشعوبها، وحفظاً للأمن والسلم الإقليميين والدوليين. ولكن كل طرف يخفي ما لديه من نوايا حقيقية.. وجوهرها أن يتم التعامل مع ما يجري هذا بما يحقق له أكبر قدر ممكن من المكاسب، وأقل قدر من الخسائر. ودائما ما تكون مصائب هذه الدول العربية، فوائد كبرى لدى المعادين لهذه الأمة، وفى مقدمتهم إسرائيل.
****
وغالبا ما يتم إنهاء هذه المآسي المتكررة مؤقتا، وبمسكنات.. بعد أن تكون البلاد المضطربة قد أنهكت، وقتل منها من قتل، وجرح من جرح، وشرد من شرد، ودمر ما دمر، لتبدأ من جديد.. ضعيفة، مستضعفة، تتسول المساعدة من أي جهة كانت. وكثيرا ما تصاب فيما بعد، ومرة أخرى، بنفس المرض، وتعاني من ذات الأعراض.. وتبدأ رحلة العناء المأساوي من جديد، وإن بعد سنوات.
وتبعا لذلك، تتكرر إجراءات فترة النقاهة. خذ -مثلا- ما يسمى بعملية «إعادة الإعمار»، أي محاولة إعادة بناء ما تم تدميره.. أي السعي لبناء ما تم تشييده في سنوات، وما تم تدميره في أيام.. بحروب مجنونة، كان يمكن تجنبها لو كان هناك «نظام سياسي» منطقي قائم، يعطي كل ذي حق حقه، ويستوعب كل الخلافات والاختلافات البشرية المعهودة، كغيره من الأنظمة المشابهة، التي أقامت دولا حقيقية ومستقرة فعلا. ومصطلح إعادة الإعمار يتردد كثيرا في هذه المنطقة المبتلاة باضطراب مستدام، خاصة عندما يشرع في إعادة بناء ما تم تدميره، أو ما تمت إعادة بنائه قبل سنوات قليلة.. بسبب معاودة الاضطرابات، بسبب بقاء مسبباتها.
****
إنه الاستبداد.. وهو مرض سياسي خطير، بل لعله أخطر الأمراض السياسية.. إذ لا ينتج عنه، في المدى الطويل، سوى القتل والتدمير. ومن الطبيعي أن يعود المرض من جديد، إذا بقيت أسبابه، ولم يتم استئصالها، وكان العلاج الذي أعطي للدول المريضة علاجاً مسكناً ووقتياً، أو «أسبرينيا» -إن صح التعبير-. أهم أسباب الاضطراب وعدم الاستقرار (الذاتية والخارجية) الذي تعاني منه غالبية الدول العربية، لم يعالج حتى الآن، كما ينبغي.. أي بما يضمن إنهاءه تماما، أو وقف تأثيراته السلبية، عبر نظم وتنظيمات (مؤسسات) سياسية جديدة ومعاصرة، ومنطقية.. تتحسس المصلحة العامة للبلاد المعنية، لتخدمها، دون سواها من مصالح فئوية خاصة.
والمثال الذى يتبادر إلى الذهن الآن على ما نقول، هو مأساة/ نكبة سورية. فبعد ست سنوات من القتل والتدمير والتشريد، يعمل الذين يدعون السعي إلى «حل» وإنهاء المأساة على إعادة استنساخ «النظام» الطائفي الأسدي، وإن بقليل من التجميل. ومعنى ذلك أنهم يبقون المرض.. الذى كان وما زال -وقد يظل- المسبب الرئيس لهذه الكارثة العربية والإنسانية الكبرى. وكأننا يا «درعا» (مهد الثورة السورية الحالية) «لا رحنا، ولا جينا»..
****
ولهذا، فإن الاضطراب والفوضى وعدم الاستقرار سيعود لسورية وللدول المضطربة (لأنها غير مستقرة استقرارا حقيقيا أصلا) مرة أخرى، ومرات. كما أن بلادا عربية أخرى تأخذ دورها في الفوضى وسوء الحال، طالما كانت تحمل الفيروسات نفسها. وبالتالي، فإن سقوطها بنفس المرض، يحصل عاجلاً، أو آجلاً. وهكذا، دواليك... دوامة دموية مدمرة.
ويجب أن لا يستغرب بعد ذلك ما يجري في المنطقة العربية من اضطرابات، ولماذا أضحت هذه المنطقة أكثر مناطق العالم اضطرابا وعدم استقرار. فقط العلاج الجذري يضمن -بعد إرادة الله- الشفاء والصحة السياسية المستدامة لمعظم دول المنطقة غير المستقرة أصلا، ومن ثم للمنطقة ككل.
هذه المنطقة الهامة لا تخرج من حرب إلا وتقع في أخرى.. بسبب خلافات وصراعات لم تحسم بعد. ويبدو أنها لن تحسم قريبا. أهم ما جعلها أكثر مناطق العالم سخونة واضطرابا وعدم استقرار، هي عوامل ومسببات ذاتية، أبرزها: الطائفية، الاستبداد السياسي، المذهبية، سوء تفسير الدين الإسلامي (الإسلاموية). هذا، إضافة إلى المسببات الخارجية، المتمثلة في المخطط الصهيوني ــ الإمبريالي، وغيره، الرامي للهيمنة على هذه المنطقة، وتسيير الأحداث فيها وفق هواه، واستغلال إمكاناتها عبر تقسيمها وشرذمتها، ونشر الفوضى السياسية فيها، من حين لآخر.
وتتسارع الأطراف المعنية بما يجري في هذه البلاد للتعامل مع هذه المصائب والكوارث، بما يتوافق ومصالحها وأهدافها. وتستخدم القوى الكبرى منظمة الأمم المتحدة لتمرير خططها، وتحقيق رغباتها. الهدف الرئيسي المعلن لكل من هذه الأطراف هو: وضع نهاية لهذه المأساة أو تلك، وإعادة السلم والاستقرار لهذه الدول، رحمة بشعوبها، وحفظاً للأمن والسلم الإقليميين والدوليين. ولكن كل طرف يخفي ما لديه من نوايا حقيقية.. وجوهرها أن يتم التعامل مع ما يجري هذا بما يحقق له أكبر قدر ممكن من المكاسب، وأقل قدر من الخسائر. ودائما ما تكون مصائب هذه الدول العربية، فوائد كبرى لدى المعادين لهذه الأمة، وفى مقدمتهم إسرائيل.
****
وغالبا ما يتم إنهاء هذه المآسي المتكررة مؤقتا، وبمسكنات.. بعد أن تكون البلاد المضطربة قد أنهكت، وقتل منها من قتل، وجرح من جرح، وشرد من شرد، ودمر ما دمر، لتبدأ من جديد.. ضعيفة، مستضعفة، تتسول المساعدة من أي جهة كانت. وكثيرا ما تصاب فيما بعد، ومرة أخرى، بنفس المرض، وتعاني من ذات الأعراض.. وتبدأ رحلة العناء المأساوي من جديد، وإن بعد سنوات.
وتبعا لذلك، تتكرر إجراءات فترة النقاهة. خذ -مثلا- ما يسمى بعملية «إعادة الإعمار»، أي محاولة إعادة بناء ما تم تدميره.. أي السعي لبناء ما تم تشييده في سنوات، وما تم تدميره في أيام.. بحروب مجنونة، كان يمكن تجنبها لو كان هناك «نظام سياسي» منطقي قائم، يعطي كل ذي حق حقه، ويستوعب كل الخلافات والاختلافات البشرية المعهودة، كغيره من الأنظمة المشابهة، التي أقامت دولا حقيقية ومستقرة فعلا. ومصطلح إعادة الإعمار يتردد كثيرا في هذه المنطقة المبتلاة باضطراب مستدام، خاصة عندما يشرع في إعادة بناء ما تم تدميره، أو ما تمت إعادة بنائه قبل سنوات قليلة.. بسبب معاودة الاضطرابات، بسبب بقاء مسبباتها.
****
إنه الاستبداد.. وهو مرض سياسي خطير، بل لعله أخطر الأمراض السياسية.. إذ لا ينتج عنه، في المدى الطويل، سوى القتل والتدمير. ومن الطبيعي أن يعود المرض من جديد، إذا بقيت أسبابه، ولم يتم استئصالها، وكان العلاج الذي أعطي للدول المريضة علاجاً مسكناً ووقتياً، أو «أسبرينيا» -إن صح التعبير-. أهم أسباب الاضطراب وعدم الاستقرار (الذاتية والخارجية) الذي تعاني منه غالبية الدول العربية، لم يعالج حتى الآن، كما ينبغي.. أي بما يضمن إنهاءه تماما، أو وقف تأثيراته السلبية، عبر نظم وتنظيمات (مؤسسات) سياسية جديدة ومعاصرة، ومنطقية.. تتحسس المصلحة العامة للبلاد المعنية، لتخدمها، دون سواها من مصالح فئوية خاصة.
والمثال الذى يتبادر إلى الذهن الآن على ما نقول، هو مأساة/ نكبة سورية. فبعد ست سنوات من القتل والتدمير والتشريد، يعمل الذين يدعون السعي إلى «حل» وإنهاء المأساة على إعادة استنساخ «النظام» الطائفي الأسدي، وإن بقليل من التجميل. ومعنى ذلك أنهم يبقون المرض.. الذى كان وما زال -وقد يظل- المسبب الرئيس لهذه الكارثة العربية والإنسانية الكبرى. وكأننا يا «درعا» (مهد الثورة السورية الحالية) «لا رحنا، ولا جينا»..
****
ولهذا، فإن الاضطراب والفوضى وعدم الاستقرار سيعود لسورية وللدول المضطربة (لأنها غير مستقرة استقرارا حقيقيا أصلا) مرة أخرى، ومرات. كما أن بلادا عربية أخرى تأخذ دورها في الفوضى وسوء الحال، طالما كانت تحمل الفيروسات نفسها. وبالتالي، فإن سقوطها بنفس المرض، يحصل عاجلاً، أو آجلاً. وهكذا، دواليك... دوامة دموية مدمرة.
ويجب أن لا يستغرب بعد ذلك ما يجري في المنطقة العربية من اضطرابات، ولماذا أضحت هذه المنطقة أكثر مناطق العالم اضطرابا وعدم استقرار. فقط العلاج الجذري يضمن -بعد إرادة الله- الشفاء والصحة السياسية المستدامة لمعظم دول المنطقة غير المستقرة أصلا، ومن ثم للمنطقة ككل.