ثقافة وفن

هيلين سيكسوس تشيد مكتبة بابل

غلاف الكتاب

سعيد بوكرامي (الدارالبيضاء)

منذ الصفحات الأولى نحس بأطياف ميلفيل وكافكا ودريدا ونيتشه وريلكه وهي تنتشر بين الكلمات وتحوم حول الدلالات. وكأن هيلين سيكسوس تشيد برجا بابليا داخليا يهجن التعابير إلى خميرة من لغات متعددة. تغلبت هيلين منذ أمد بعيد على حيل الوجود والغياب. ولهذا تعتبر كتابتها سعيا نحو تجميع أجزاء الأدب المكتوب سلفا وتنصيبا لأدب مستقبلي وبالتالي، فهي ليست كتابة أنطولوجية تقارب الوجود الذاتي، فحسب بل تتناثر كلماتها من الرفوف المفقودة في مكتبة بورخيس، كأنها لسان جمعي للغات متعددة. ومع ذلك، فهي لا تسعى لرسم كلمات رنانة أو مضاهاة عمالقة الأدب. بل إنها تعمل كصانع للفخار تعجن الكلمات لتخلق عوالم من الحروف والأصوات المفتوحة على قراء عشاق للكلمات الاستثنائية والدلالات المفاجئة. في كتابها الأخير الصادر عن دار غاليلي بفرنسا في 2017 نتوقف عند عنوانه «مراسلات مع الجدار» يرافق العمل بلوحات للفنان عادل عبدالصمد. تستكشف وتخترع هيلين سيكسوس متاهة مرآوية أخاذة حيث الجدار، والأم، والحب، والأحلام، والحيوان. الصور تتجاور وتتبادل داخل عالم متأجج يكاد يصير واقعا حقيقيا مضمخا بسويداء لا يمكن أن يبددها لا وهج الشمس ولا ألوان الأفق. تقترح هيلين سيكسوس حصيلة عميقة من القراءة والكتابة والتجارب: حصيلة ذاكرة، حاضرة بقوة، ومنتشرة في كل مكان من الكتاب حيث النقل والحوار. مشروع حواري يتغلغل في الذكريات والعلامات والكلمات. ورغم ذلك فإن هناك شيئا راسخا في كتابة هيلين، نوعا من التركيب الشجري الذي ينتشر ببطء في الفضاء النصي كدينامية متعددة ومتشابكة من الافتتان والنبذ. للتذكير فهيلين سيكسوس ازدادت في الجزائر بوهران عام 1937. كاتبة مرموقة حصلت على جوائز عديدة كان آخرها جائزة مارغريت يورسونار 2016 عن كتابها «حوار مع الجدار». كما تكلل مجهودها الإبداعي بجوائز أخرى تذكر منها: جائزة ميديسيس 1969. جائزة النقد 1994. جائزة أحسن عرض مسرحي 2000 وجائزة اللغة الفرنسية 2014 وجائزة مارغريت دوراس 2014.

*كااتب مغربي