نعمة لا نحدث عنها

جبير بن محمد بن جبير

وصلتني رسالة عبر الهاتف الجوال من احد الإخوة الذين حجوا هذا العام جاء فيها.. مسلم سويسري جديد يقول: لفت نظري أنه لا يوجد في الحج أماكن ترفية وألعاب مسلية،، ومع ذلك الكل بدا سعيداً. إن ما لفت انتباه الأخ السويسري أمر ليس بجديد أو غريب علينا، فالسعادة التي تحدث عنها ترتسم على أوجه الحجاج كل موسم، ولن يجد أيا منا صعوبة حين يتفحص تلك الأوجه المضيئة ليجد مسحة السعادة فيها وتقاسيم الفرحة بادية عليها، ولا مجال للتزييف في هذا الجانب، فالكل سعيد بنعمة الله عليه في ما أنجزه من نسك وأعمال فريضة الحج.
الحج بالنسبة للفرد المسلم جزء من حياته، ومشروع كبير جدا، وأمنية تراوده طيلة عمره إلى أن يحققها.. فالنتيجة الحتمية لذلك هي السعادة على كل حال، ولكن أكثر ما يثير تساؤلي وأعجب له في الحج السكينة والطمأنينة التي تغشى نفوس قلوب الحجيج رغم مشقة أداء فريضة الحج في كل الأحوال والظروف، منذ ساعة البدء بعقد نية الحج حتى الخلوص من طواف الوداع. أخونا في الإسلام الحاج السويسري لم يبرر لنا سر هذه السعادة ولكنه عبر عما شاهده مرسوما على الوجوه في رسالة بسيطة التكوين عظيمة الأثر.
أنا بدوري أعرف حاجا أمريكيا وابنه أديا فريضة حج هذا العام وعادا بانطباع ممتاز جدا عن تلك الرحلة الروحية، وعبرا عن فرحتهما «ببساطة» أنهما يتمنيان تكرار الحج العام القادم، في حين كانا قبلها في حالة من التردد والخشية من إتيان الركن الخامس.
ما يقوله المسلم الأوروبي والأمريكي في هذا الصدد ونتناقله نحن بسرور في ما بيننا ليس امتدادا لإعجابنا بكل ما له صله بالغرب، وليس لإخواننا الغربيين من المسلمين امتياز عن بقية إخوانهم المسلمين، ولكن من المهم أن نتوجه لهم وأن يتوجهوا لنا، لان الفجوة التي بيننا وبين بلدانهم عميقة وأمثال هؤلاء المسلمين سوف يسهمون بفعالية في ردمها.