كتاب ومقالات

الأزمات الاقتصادية تواجه القمة العربية

عبدالله صادق دحلان

في الثالث والعشرين من هذا الأسبوع في عمّان الأردن تبدأ الفعاليات التحضيرية للقمة العربية في دورتها الثامنة والعشرين وسيعقد أول الاجتماعات التحضيرية يوم الخميس اجتماع كبار المسؤولين للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التحضيري لمجلس جامعة الدول العربية، وستعقد القمة بملوك ورؤساء الدول العربية يوم الأربعاء 29 مارس في العاصمة الأردنية عمان وسط أجواء ربيعية وعلاقات سياسية ساخنة وآمال شعوب عربية كبيرة في قياداتها لتحسين الوضع الاقتصادي المتدهور في معظم الدول العربية والذي أثر سلباً على جميع مناشط الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وينظر المثقفون والسياسيون والاقتصاديون إلى القادة العرب نظرة أمل وتفاؤل لمعالجة الأزمات السياسية وعودة العلاقات الحميمة العربية والعمل على توحيد الصفوف لمحاربة الإرهاب وتجاوز الآلام والجروح والعفو عن سقطات الاجتهادات غير الموفقة من البعض الآخر. وينظر الجميع للمملكة العربية السعودية أن تقود سياسة جمع الشمل وتجاوز الخلافات بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. ورغم أهمية الملفات السياسية إلا أن الملف الاقتصادي يمثل الملف الأهم للشعوب العربية. وكم كنت أتمنى أن يقدم للقادة في مؤتمر قمة عمّان تقرير عن نتائج اجتماعات القمة العالمية للحكومات التي عقدت في الشهر الماضي في دبي برعاية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وبمشاركة مجموعة متميزة من صناع القرار في العالم والمنظمات الدولية والخبراء الدوليين المتخصصين ومجموعة من قيادات القطاع الخاص والتي صدر عن هذه القمة تقرير مدعم بالأرقام والإحصائيات الصادمة والمحبطة عن وضع الدول العربية في مختلف القطاعات. والحقيقة لقد كنت من أوائل المصدومين بهذه المعلومات وسوف أتعرض لبعض منها، حيث ورد في التقرير أن (57) مليون عربي لا يقرأون ولا يكتبون وهناك (13.5) مليون طفل عربي لم يلتحقوا بالمدارس هذا العام (2017) لظروفهم الصعبة الاقتصادية والأمنية والمرضية. وهناك (30) مليون عربي يعيشون تحت خط الفقر وارتفعت نسبة الفقر بنسبة 8% عن العامين الماضيين، ووصلت تكلفة الفساد في العامين الماضية إلى تريليون دولار في العالم العربي. وصنفت (5) دول عربية في قائمة العشر دول الأكثر فسادا في العالم ورغم أن العالم العربي يمثل 5% من سكان العالم إلا أنه يعاني من 45% من الهجمات الإرهابية في العالم. وتقدر نسبة اللاجئين العرب بحوالى 75% من إجمالي اللاجئين في العالم. ويقدر نسبة 68% من وفيات الحروب في العالم هم من العرب وفي الجانب الثقافي تنتج 22 دولة عربية (20) ألف كتاب سنويا وتنتج رومانيا فقط 35 ألف كتاب وينتج (410) ملايين عربي (2900) براءة اختراع فقط بينما تنتج كوريا الجنوبية وعدد سكانها 50 مليون حوالى (20201) براءة اختراع. ومن عام (2011) إلى (2017) تم تشريد 14 مليون عربي ومن (2011) إلى (2017) وصلت أعداد الخسائر البشرية إلى (1.4) مليون قتيل وجريح ومن عام (2011) إلى عام (2017) تم تدمير بنية تحتية بقيمة (60) مليار دولار. ووصلت نسبة البطالة في بعض الدول العربية إلى 30%. هذه بعض المعلومات في مختلف المجالات توضح صورة الواقع العربي في الدول العربية. أتمنى أن تطلع عليها القمة العربية. وقد يتبرأ البعض من تبعية هذه الإحصائيات وانتمائها لأوطانهم، لكنها هي معلومات وإحصائيات لها مرجعية في كل وطن عربي. ويصعب إنكارها والأهم هو كيف نعيد بناء مجتمعاتنا واقتصادياتنا وكيف نبني تكتلا عربيا اقتصاديا قويا بعيدا عن الخلافات السياسية لنستطيع تجاوز أزماتنا الاقتصادية. إن ما ورد في تقرير قمة الحكومات في دبي يدفعنا إلى إعادة النظر في كثير من المواضيع التي ذكرت وعلى وجه الخصوص ارتفاع نسب الأمية وارتفاع نسب الفقر ومحاربة الإرهاب ووقف نزيف الهجرة واللجوء خارج الأوطان ودعم وتشجيع البحث العلمي والنشر الثقافي ورصد الميزانيات لدعم وإعادة بناء وترميم البنية التحتية والعمل على تكثيف الجهود لمحاربة الفساد الذي أصبح سمة من سمات الأعمال الحكومية وهو يمثل في الحقيقة هدرا لأموال الشعوب والأوطان. إن التعليم والصحة وتأمين الغذاء تعتبرعلى قمة الأولويات. فهل تؤكد على هذه القمة العربية القادمة وتضع الخطط الملزمة لتوفيرها؟.

* كاتب اقتصادي سعودي