«قمة» أم «عتمة»؟!
جدار الماء
الخميس / 24 / جمادى الآخرة / 1438 هـ الخميس 23 مارس 2017 01:27
جميل الذيابي
هل ستكون قمة شاطئ البحر الميت التي تستضيفها المملكة الأردنية نهاية مارس الجاري «عتمة عربية» أخرى، كما درجت على وصفها على مدى السنوات الماضية في مقالات عدة؟
شخصيا، لا أعتقد أنها ستختلف عن سابقاتها، والمؤشرات تؤكد ذلك. ففي ظل اهتزاز النظام السوري، وتضييق المعارضة الخناق عليه، بوصولهم إلى العاصمة دمشق، فوجئ المتطلعون للقمة بنشر أعلام النظام السوري من مطار الملكة علياء حتى مقر القمة المطل على البحر الميت!
والأنكى من ذلك الكشف عن وجود وفد من ميليشيا الحوثي الإرهابية في عمّان، والمشاريع التي تقدمت بها الجماعة المحسوبة عربيا على إيران. ولم يخف على أحد أن الأردن لديه ما يقوله ويقاوم به، ولكن الأشقاء العُمانيين، والعراقيين قاموا بتكثيف الجهود لإعادة نظام بشار الأسد إلى الجامعة العربية، على رغم أن النظام السوري يواجه عزلة متزايدة، بل إن دوي الانفجارات أضحى يسمع في قلب دمشق مثلما في حماة، ودير الزور، وحمص.
وتتحول «القمة» إلى «عتمة» وغُمة حين تغرد بعض الأصوات خارج السرب العربي، للالتفاف على الإجماع العربي حول الوقوف مع الشرعية في اليمن، وهي شرعية تؤيدها الأمم المتحدة والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وقرارات الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي. ومع ذلك لن تعدم من يسرب أنباء لتبرير وجود وفد حوثي في عمّان بدعوى السعي إلى تقريب المواقف بين الشرعية والانقلابيين استنادا إلى المرجعيات. وهو حديث مردود عليه بأن إحلال تسوية في اليمن يتولاه المبعوث الأممي إلى اليمن، ولم تعرف للجامعة العربية محاولة وساطة بهذا الشأن، بل جهد خليجي وأممي. ويتولى التحالف العربي الذي تقوده السعودية حماية الشرعية، لإعادة الأمن والاستقرار لليمن بعيدا عن إملاءات وجرائم ميليشيات إيران.
أما الدعوات إلى «حوار مع دول الجوار» فهي لا تعدو أن تكون محاولة يائسة لإحداث ثغرة في حائط الصد العربي ضد إيران. ذلك أن إيران ليست مجرد «دولة جوار»، بل هي بوجودها في اليمن، وتسليحها جماعة الحوثي الانقلابية الإرهابية لشن الهجمات الصاروخية، والدفع بالمتسللين لعبور الحدود الجنوبية السعودية، أضحت خطرا يهدد العرب بتدخلاتها في شؤونهم الداخلية.
ولم تعد الأجندات الإيرانية التوسعية، ومحاولاتها للهيمنة على عواصم عربية تحتاج إلى مناظير لرؤيتها، بل هي واضحة للعين المجردة. فسورية التي ترفرف أعلامها في عمّان هذه الأيام لم تعد سورية التي نعرفها فقد أضحت محمية إيرانية، ومستعمرة روسية، والقرار في دمشق ليس بيد النظام ولا المعارضة، بل بيد قاسم سليماني، وعلي خامنئي، وحسن نصر الله، وموسكو.
أما في اليمن فإن الحوثي ليس سوى واجهة نتنة لإيران ومطامعها في المنطقة العربية. وميليشيا الحوثي هي أحد عملاء إيران بالوكالة، لأنه ثبت أن معركتهم واغتصاب السلطة في اليمن، من أجل زعزعة استقرار السعودية وأمنها، واستنزافها من خاصرتها الجنوبية، وضرب المقدسات الإسلامية التي تسهر على ضمان أن تكون مزودة بكل المنشآت والإجراءات التي تضمن لمسلمي العالم حجاً آمناً وميسراً، وللمعتمرين والزوار أجواء روحانية تعينهم على قضاء مناسكهم.
أشرت في صدر مقالي إلى أني دأبت على وصف القمة «عتمة عربية»، لأنها منذ سنوات ما إن تبدأ حتى تصبح منبرا للردح ورفع الشعارات الكاذبة، وخطابات التشفي، وتصفية الحسابات، دون أن تتخذ قرارا واحدا في مصلحة الشعوب العربية.
تُرى هل يعي الزعماء العرب هذه المرة حجم التحديات وما وصل إليه حال شعوبهم من فقر وقهر وإحباط؟ هل سيشعرون هذه المرة بأن المخاطر أضحت وجودية، وليست أزمات عابرة أو سحابة صيف كما كانت الحال في عقود مضت؟
أي حوار مطلوب إجراؤه مع إيران وهي صانعة الإجرام في بغداد، وبيروت، ودمشق، وصنعاء؟ وهل ستقبل إيران بشروط الحوار (الذي هو في حقيقته تحسن العلاقات) المتمثلة في التخلي عن تدخلاتها في شؤون الدول العربية، وتأكيد الالتزام بموجبات حسن الجوار؟
أرجو ألا يصدق تشاؤمي حيال القمة، وألا تدخل في عداد قمم «العتمة» و«الغُمة». وهو مطلب عزيز وغالٍ لن يحققه سوى التجرد من المصالح الضيقة، وتغليب مصلحة الأمة العربية وضرورة رص الصف لمواجهة المخاطر والتحديات المتزايدة. أشك في ذلك!.
jameelth@gmail.com
شخصيا، لا أعتقد أنها ستختلف عن سابقاتها، والمؤشرات تؤكد ذلك. ففي ظل اهتزاز النظام السوري، وتضييق المعارضة الخناق عليه، بوصولهم إلى العاصمة دمشق، فوجئ المتطلعون للقمة بنشر أعلام النظام السوري من مطار الملكة علياء حتى مقر القمة المطل على البحر الميت!
والأنكى من ذلك الكشف عن وجود وفد من ميليشيا الحوثي الإرهابية في عمّان، والمشاريع التي تقدمت بها الجماعة المحسوبة عربيا على إيران. ولم يخف على أحد أن الأردن لديه ما يقوله ويقاوم به، ولكن الأشقاء العُمانيين، والعراقيين قاموا بتكثيف الجهود لإعادة نظام بشار الأسد إلى الجامعة العربية، على رغم أن النظام السوري يواجه عزلة متزايدة، بل إن دوي الانفجارات أضحى يسمع في قلب دمشق مثلما في حماة، ودير الزور، وحمص.
وتتحول «القمة» إلى «عتمة» وغُمة حين تغرد بعض الأصوات خارج السرب العربي، للالتفاف على الإجماع العربي حول الوقوف مع الشرعية في اليمن، وهي شرعية تؤيدها الأمم المتحدة والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وقرارات الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي. ومع ذلك لن تعدم من يسرب أنباء لتبرير وجود وفد حوثي في عمّان بدعوى السعي إلى تقريب المواقف بين الشرعية والانقلابيين استنادا إلى المرجعيات. وهو حديث مردود عليه بأن إحلال تسوية في اليمن يتولاه المبعوث الأممي إلى اليمن، ولم تعرف للجامعة العربية محاولة وساطة بهذا الشأن، بل جهد خليجي وأممي. ويتولى التحالف العربي الذي تقوده السعودية حماية الشرعية، لإعادة الأمن والاستقرار لليمن بعيدا عن إملاءات وجرائم ميليشيات إيران.
أما الدعوات إلى «حوار مع دول الجوار» فهي لا تعدو أن تكون محاولة يائسة لإحداث ثغرة في حائط الصد العربي ضد إيران. ذلك أن إيران ليست مجرد «دولة جوار»، بل هي بوجودها في اليمن، وتسليحها جماعة الحوثي الانقلابية الإرهابية لشن الهجمات الصاروخية، والدفع بالمتسللين لعبور الحدود الجنوبية السعودية، أضحت خطرا يهدد العرب بتدخلاتها في شؤونهم الداخلية.
ولم تعد الأجندات الإيرانية التوسعية، ومحاولاتها للهيمنة على عواصم عربية تحتاج إلى مناظير لرؤيتها، بل هي واضحة للعين المجردة. فسورية التي ترفرف أعلامها في عمّان هذه الأيام لم تعد سورية التي نعرفها فقد أضحت محمية إيرانية، ومستعمرة روسية، والقرار في دمشق ليس بيد النظام ولا المعارضة، بل بيد قاسم سليماني، وعلي خامنئي، وحسن نصر الله، وموسكو.
أما في اليمن فإن الحوثي ليس سوى واجهة نتنة لإيران ومطامعها في المنطقة العربية. وميليشيا الحوثي هي أحد عملاء إيران بالوكالة، لأنه ثبت أن معركتهم واغتصاب السلطة في اليمن، من أجل زعزعة استقرار السعودية وأمنها، واستنزافها من خاصرتها الجنوبية، وضرب المقدسات الإسلامية التي تسهر على ضمان أن تكون مزودة بكل المنشآت والإجراءات التي تضمن لمسلمي العالم حجاً آمناً وميسراً، وللمعتمرين والزوار أجواء روحانية تعينهم على قضاء مناسكهم.
أشرت في صدر مقالي إلى أني دأبت على وصف القمة «عتمة عربية»، لأنها منذ سنوات ما إن تبدأ حتى تصبح منبرا للردح ورفع الشعارات الكاذبة، وخطابات التشفي، وتصفية الحسابات، دون أن تتخذ قرارا واحدا في مصلحة الشعوب العربية.
تُرى هل يعي الزعماء العرب هذه المرة حجم التحديات وما وصل إليه حال شعوبهم من فقر وقهر وإحباط؟ هل سيشعرون هذه المرة بأن المخاطر أضحت وجودية، وليست أزمات عابرة أو سحابة صيف كما كانت الحال في عقود مضت؟
أي حوار مطلوب إجراؤه مع إيران وهي صانعة الإجرام في بغداد، وبيروت، ودمشق، وصنعاء؟ وهل ستقبل إيران بشروط الحوار (الذي هو في حقيقته تحسن العلاقات) المتمثلة في التخلي عن تدخلاتها في شؤون الدول العربية، وتأكيد الالتزام بموجبات حسن الجوار؟
أرجو ألا يصدق تشاؤمي حيال القمة، وألا تدخل في عداد قمم «العتمة» و«الغُمة». وهو مطلب عزيز وغالٍ لن يحققه سوى التجرد من المصالح الضيقة، وتغليب مصلحة الأمة العربية وضرورة رص الصف لمواجهة المخاطر والتحديات المتزايدة. أشك في ذلك!.
jameelth@gmail.com