ثقافة وفن

الرفاعي.. بعض «الجنون» مربك في «وماذا بعد؟»

الأمير بندر بن ناصر بن عبدالعزيز مفتتحا المعرض. (تصوير: عبدالله أمين)

طالب بن محفوظ (جدة)

okaz_culture@

عندما بدأت التشكيلية السعودية سلوى الرفاعي، في تكوين معرضها الشخصي «وماذا بعد؟» (يقام حاليا بصالة «جاليري R» بجدة)، وعدت بأن يكون مفاجأة للساحة الفنية التشكيلية؛ وكان لها ذلك، بشهادة كبار الفنانين التشكيليين السعوديين والعرب، ممن شهدوا حفلة الافتتاح بحضور الأمير بندر بن ناصر بن عبدالعزيز، تناولت فيه 30 عملا فنيا مختلفا في الطرح والتكوين.

استطاعت الرفاعي في معرضها «وماذا بعد؟» أن تحاور الألوان متجاوزة تيارات الفن، بذاكرة بصرية، و«خضرمة» في مجال التشكيل، وخبرة في المجال التدريبي التشكيلي، متوغلة بذلك في أعماق النفس البشرية، لتبوح بالضوء المشع تارة والمنكسر تارة أخرى، في تجربة فنية مشعبة بعدة مدارس فنية، خصوصا «التجريدية» منها، مؤسسة بذلك أسلوبا فنيا أكثر تناولا وجرأة.

ولذا، ارتشفت الرفاعي في لوحاتها الجديدة بالمعرض (2017)، الجنون من في «الصمت» لتمنح «الإنصات» جواز سفر نحو الحلم، لتؤكد أن «بعض الجنون مربك»، وترسم حلما يقتل المغيب، في محاولة لأن تكون أو لا تكون، وتعلن الانتماء الروحي إلى آخر مدى.

وكأن سلوى الرفاعي تحاول أن تصيغ فكرة أن «الفن هو ممارسة أقصى مستويات الحرية بكل مضامينها الإنسانية والأخلاقية»، معتبرة أن «الحرية» فكر يتحرر من قيود الرتابة في الفن التشكيلي، تساعده على إخراج توترات «الوجودية» وقلقه وضيقه الفكري، ليظل التعبير عن «الحرية» أسلوبا لها كفنانة تشكيلية.

أرادت أن تراهن على أسرار حاولت أن تخبئها خلف لوحاتها، وإن استطاعت ذلك نوعا ما، إلا أن نغمات الألوان فضحت بعضا مما كانت تخبئه من أسرار، لتثبت بريشتها السحرية أن الخيالات التصويرية بإحساس الفنان المخضرم، بعبق لوني موسيقي لترسم حلما متوهجا بألوان طيف باردة، لتدخل في عالم الألوان على أعتاب حلم، فكان لها علامة وبصمة في هذا المعرض.

ولذا كانت، دائما، ما تؤكد أن لغة التواصل بين المتلقي واللوحة تختلف باختلاف المدارس الفنية المطروحة ودرجة ثقافة كل من الفنان والمتلقي وبراعة كل منهما في أن يكون فاعلا ومتواصلا.

ومن ذلك كله، بدأت الرفاعي التعريف بمعرضها في كتيب المناسبة بالجملة «ذابلة خطواتنا.. شيء لا يساوي، كيف نغدو لإصباح جديد وأمسنا على ذات الموعد ينتظر؟، وماذا بعد؟!!، لنهب اللون الأخير فرصة للشروق.. حيث المدى بين تراتيل الحلم يومض عزفا.. دعونا نقبل وجه الشمس وإن كانت حارقة.. ونبتهل بالماء بعض شفيف الرواء وإن جف، دعونا فقط وللحظة نعتنق اللون.. حتى نفسح دربا للانعتاق.. نحو فضاء يعانق الأجمل».