أخبار

الأسودي لـ «عكاظ»: «الحزم» أفشلت مشروع إيران وأنقذت اليمن

وزير الإدارة المحلية قال إن الميليشيات نهبت المواد الإغاثية وحولتها إلى مجهود حربي

حوار: أحمد الشميري (جدة)

a_shmeri@

الاستجابة السريعة التي وجدها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي من الأشقاء في الخليج العربي، خصوصا المملكة، انتصرت لإرادة الشعب اليمني، إذ جاءت وفق مرجعيات دولية واضحة، فنجحت في مواجهة مطامع المخلوع والحوثي في العودة إلى حكم اليمن بقوة السلاح، وحجّمت الميليشيات، وأعادت أكثر من ثلثي الأراضي اليمنية للسلطة الشرعية، فيما أنقذ مركز الملك سلمان للإغاثة والمنظمات الخليجية الأخرى أبناء اليمن من مجاعة حقيقية.

هذا ما أكده وزير الإدارة المحلية رئيس اللجنة العليا للإغاثة في اليمن عبدالرقيب فتح الأسودي، في حواره مع «عكاظ»، مشيرا إلى أن عاصفة الحزم أفشلت المشروع الانقلابي المدعوم من طهران. خصوصا أنها استعادت ما نسبته 87% من الأراضي اليمنية من أيدي ميليشيات الانقلاب. وحمّل رئيس الانقلابيين مسؤولية المجاعة التي تشهدها العديد من المناطق التي ما زالت تحت سيطرته. وأبدى استعداده للوصول إلى المدنيين في أي مكان في بلاده، إن سمح له ذلك، مبيناً أن المخلوع طوال أيام حكمه صفى أكثر من 21 قيادياً من الحزب الناصري.. فإلى الحوار.

• بعد عامين من «عاصفة الحزم»، كيف تقيّم دورها في دعم الشرعية؟

•• كانت استجابة أشقائنا في دول الخليج لطلب الرئيس عبد ربه منصور هادي انتصاراً كبيراً لإرادة الشعب اليمني وللقرارات الدولية، خاصة القرار 2140 الذي يعطي الشرعية للتحالف ولـ"عاصفة الحزم"، ويعاقب كل من خرج عن الإجماع اليمني والوطني وتعارض مع توجيهات ديننا الإسلامي الذي يؤكد على الحوار والتسامح، لذا فإني أرى أن "عاصفة الحزم" جاءت وفق مرجعيات دولية واضحة، وواجهت مطامع المخلوع والحوثي في العودة إلى حكم اليمن بالقوة. مشكلتنا في اليمن ليست دينية أو طائفية أو حزبية وإنما سياسية بامتياز، هناك جيش تحول إلى عصابات، وهناك تدخل خارجي من طهران، إلا أن الأيام أثبتت أن هذه الميليشيات ليس لها أي حاضنة.

• تقصد أن "عاصفة الحزم" حجّمت الانقلابيين؟

•• نعم بالتأكيد، فالحوثيون اليوم في مساحة صغيرة من اليمن، بل وفي إقليم واحد، إذ تسيطر الشرعية على ما نسبته نحو 87% من الجغرافية اليمنية وسكانها، وهذه هي الصورة على أرض الواقع.

الصلح بالقسط

• وما موقفكم من محاولات التصالح مع الميليشيات الانقلابية؟

•• هذه فئة بغت سياسيا ودينينا، ما يوجب محاربتها حتى تفيء، وإن فاءت وجب الإصلاح بالقسط، وليس الإصلاح الذي تريده بعض الدول لتمنحهم نوعا من المكافأة. نحن نقول بصورة واضحة هناك رئيس منتخب وشرعية وطنية، وما حدث هو انقلاب من ميليشيات مسلحة، حاولت السيطرة على الحكم بقوة السلاح، رغم أننا دعوناها إلى الحوار كفئة سياسية، وحزب، لكنهم فضلوا الفوضى والقتل.

• برأيك، ما هي الأسباب الرئيسية وراء تردي الأوضاع الإنسانية في اليمن؟

•• لا أخفيكم أن بلادنا لم تكن تمتلك اقتصادا وبنى تحتية وتنمية بالمعنى المفهوم، فاقتصادنا استهلاكي، مبني على مراكز قوى تنهب وتسيطر منذ 33 سنة، والدليل على ذلك، نفاد الغذاء بعد ثلاثة أشهر من الأزمة، إلا أن مخازن السلاح لا تزال تغذي عدوانهم حتى الآن، وهذا يوضح أن المخلوع كان حريصا على بناء قوى عسكرية، تحولت إلى ميليشيات مسلحة، ما أدخل اليمن في مأساة كبيرة، فما بالكم بالوضع الحالي.

مركز «سلمان» منع المجاعة

• وما الدور الذي لعبته منظمات الإغاثة الخليجية، وخصوصا مركز الملك سلمان للإغاثة؟

•• للحق، لولا مركز الملك سلمان والهلال الأحمر الإماراتي والقطري والهيئة العليا الكويتية، لكان اليمنيون يعانون من مجاعة كبيرة جدا، وهنا وجب الشكر لكل من قدم يد العون لأبناء اليمن على جهودهم الحثيثة بعد مرور عامين على "عاصفة الحزم"، كما يجب علينا أن نوضح دور الأشقاء الذين قدموا كل ما بوسعهم في دعمنا وتجنيب شعبنا هذه المأساة، ويكفينا فخراً أن هذه المجاعة لم تحدث في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، إذ انحصرت في المحافظات التي تسيطر عليها الميليشيات الانقلابية، حيث ظهرت في مديرية التحيتا بالحديدة، على رغم أنها من أكبر المحافظات من ناحية الإيرادات، سواء في الجمارك، بامتلاكها أكبر ميناء، أو في الضرائب التجارية، فمعظم سفن الإغاثة التابعة للتحالف العربي أو الأمم المتحدة، اتجهت إلى ميناء الحديدة، بينما حين ظهرت المجاعة لم يتساءل العالم أو الأمم المتحدة عن مصير هذه المعونات الإغاثية.

• معنى هذا أنك تعتقد أن هناك حملة تجويع مقصودة؟

•• لا.. لم أقصد أنها حملة تجويع مقصودة، بل هي نهب للمواد الإغاثية والموارد، وتحويلها إلى صالح المجهود الحربي، سواء في الحديدة أو حجة أو إب، فهذه المحافظات الثلاث تعرضت لمجاعة حقيقية، رغم أنها زراعية وصناعية وتجارية.

• وهل لا تزال الميليشيات تمنع دخول المواد الإغاثية للمدن المحاصرة؟

•• بالتأكيد، فهناك نحو 63 باخرة إغاثية سيطرت عليها الميليشيات، إضافة إلى قطع الطريق على 223 ناقلة ونهبها، لدرجة أن أذاهم امتد لقطع السبل في المحافظات التي يسيطرون عليها، مثل حجة، وعمران، والمحويت، رغم أن اتفاقية جنيف تلزم أي صراع بأن يكون العمل الإنساني خارجا ومحايدا، إلا أن الانقلابيين لا يؤمنون بالعمل الإنساني، إذ إنهم يرتكبون حماقة ويمارسون أعمال نهب وسطو بشكل أسبوعي على المعونات الإغاثية.

• متى ستنتقل المكاتب الإغاثية والسفارات إلى عدن؟

•• طرحنا هذا الأمر على منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة استيفن أوبراين خلال زيارته إلى عدن، خصوصا أن القوانين الدولية تحتم أن تكون منظمات الإغاثة إلى جوار الرئيس الشرعي المعترف به، خصوصا أنها تتعرض لضغوط عديدة، إذ إن بقاء هذه المنظمات في بيئة غير مؤهلة، وفي منطقة تحتوي على وزارات محتلة من جانب ميليشيات مسلحة، علاوة على وجود نقاط في الشوارع خارجة عن الجيش الوطني، أمر يجب ألا يستمر، لا سيما أن الرئيس هادي طالب بضرورة نقل هذه المنظمات إلى جوار السلطة الشرعية، وأوضح ذلك للمنسق الأممي، كما قدمنا له مشروعاً مكتوباً، ولكن حتى الآن، قسمت الأمم المتحدة اليمن إلى خمسة مراكز إغاثية، وربطت إب وتعز بالمركز صنعاء، مع أن عدن هي الأقرب لهما. علاوة على أننا طلبنا ضرورة إيجاد مركز إغاثي في عدن، يغذي ست محافظات رئيسية، إضافة إلى المحافظات الأربع مضافا لها تعز وإب الأقرب جغرافيا، ومركز إغاثي في الحديدة، تنضم إليه حجة والمحويت وريمة، ومركز إغاثي آخر في مأرب يضم أيضا أربع محافظات، ومثله في حضرموت، ما يحقق العدالة في توزيع الإغاثات. وشددنا على ضرورة نقل إدارة الأعمال الإغاثية إلى عدن بدلا من صنعاء، لا سيما أن توجيهات الرئيس هادي تقضي بإيصال الإغاثة إلى جميع أبناء الشعب اليمني، بعيدا عن أي انتماءات حزبية أو سياسية، ولذا أوصلنا الإغاثة إلى الحديدة، وإلى مديريات عتمة في ذمار. ومن جهته، أوصل مركز الملك سلمان الإغاثة إلى صعدة حينما أتيحت الفرصة لذلك، فالإغاثة لا تستهدف منطقة بعينها، ولا يستطيع الانقلابيون المزايدة على الجانب الإنساني، إن أتيحت لنا الفرصة للوصول إلى كل محافظات الجمهورية، فالاستعداد للعمل متوفر لدينا، ولكن الإشكالية تظل في انتشاء الميليشيات المسلحة التي تقطع السبل على أي نوع من الإغاثة لنهب المواد الإغاثية ومنع وصول لقمة عيش أو أسطوانة أوكسجين للمدنيين.

انحياز أممي

• وما تعليقكم على زيارة ممثل الأمم المتحدة استيفن أوبراين إلى تعز عبر صنعاء لا عدن؟

•• نحن عرضنا على أوبراين الوصول إلى تعز عبر عدن، لكنه قال إن لديه ضمانات من المخلوع صالح والحوثيين للوصول إلى تعز عبر صنعاء، وقد حذرناه من عدم التزام هذه الفئة بالشرع أو القانون، بيد أنه أكد أنه منع في آخر نقطة مؤدية إلى تعز، وهي نقطة الحوبان التي تقع تحت سيطرة الحوثيين، وهي المنفذ الذي يحاصر تعز. وأدرك: رب ضارة نافعة.

• وكيف تفسرون التقارير المغلوطة المقدمة من مسؤولي الأمم المتحدة ممن يتخذون صنعاء مقرا لهم؟

•• الرئيس هادي قال لمنسق الشؤون الإنسانية المتواجد في صنعاء جيمي ميكبرك وبشكل واضح: أنت تتلقى تقاريرك وما يملى عليك من الحوثيين، كما أن ممثل الشؤون الإنسانية لم يزر الرئيس الشرعي ولو مرة واحدة، رغم أنه يلبي دعوات قياديي القوى الانقلابية. وللحق، فلا توجد مواقف شخصية ضد أي موظف أممي، فنحن هنا نقيم ونحاسب على الممارس فقط، والسيد جيمي وجد كل الدعم حينما جاء إلى عدن، برفقة استيفن أوبراين، كما أنه زار كل المديريات دون مرافقتنا وبحرية كاملة، وهو ما لم يستطع فعله في مناطق الانقلابيين.

• ما السبب وراء عدم نقل مقرات المنظمات الدولية إلى عدن؟

•• في الحقيقة، تحمي قبعات الأمم المتحدة أي موظف أممي للتحرك داخل اليمن، ولكن يبدو أنهم مضطرون للإقامة الجبرية داخل صنعاء، ولا يستطيعون التحرك مطلقاً، فالأمم المتحدة ملزمة أن تتواجد في تعز، سنة وثمانية أشهر لم يقدموا شيئا، ولولا الإنزال الذي قام به مركز الملك سلمان للإغاثة لكانت تعز في حالة كارثية، ومع هذا نحن ندعم الأمم المتحدة ونؤكد أننا مستعدون لنوفر لها الحماية، وإن حدث أي قطع لسبلهم من جانبنا، فليدينوننا.

• ولماذا لم يعلنوا عن الجهة المعرقلة لجهودكم؟

•• برنامج الغذاء العالمي يعد أكبر منظمة دولية تتلقى الدعم من مركز الملك سلمان للإغاثة، بل من معظم دول العالم، وقد بلغ مخصصها نحو 161 مليون دولار من مركز الملك سلمان، سواء من المكرمة الـ274 مليون دولار أو المشاريع الأخرى، وأعتقد أن على الجهة التي واجهت المنع أن تبين سبب وجهة منعها، إلا أن هذا لم يحدث.

جرائم المخلوع

• هل لديكم فكرة عن عدد قيادات الحزب الناصري التي تم تصفيتها من جانب المخلوع؟

•• الرقم المعن عنه هو 21 قياديا دفعة واحدة، تلتها الاغتيالات والقتل غير الواضح، فالقضية لم تحسب بالعدد، ولكن قتل النفس محرم شرعا.

• وما موقف الحكومة من الإنزال العسكري الأمريكي على «القاعدة» في أبين وحضرموت؟

•• لا شك أن الإرهاب مرفوض بكل أشكاله وبصورة عامة، وجميع دول العالم تصنف أي فئة تمارس القتل بأنها إرهابية، ولكن يبقى السؤال الأهم لو تحدثنا عن «القاعدة»، لماذا هذه «القاعدة» لم تنفذ أعمالها في المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات الانقلابية، فبالتأكيد هناك عمل ممنهج ومسلح ينظمه المخلوع صالح وحلفاؤه الحوثيون، فـ«القاعدة» لا وجود لها وإنما هناك خلايا تستخدم من جانب صالح.

• في ظل دور بن عمر المشبوه، كيف تقيمون عمل مبعوث الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ؟

•• لست بصدد اتهام أي شخص أو الحكم عليه من خلال ممارساته، وبن عمر بذل جهودا كبيرة جداً لا أحد ينكرها، وقد وقع في خديعة كبيرة من جانب المخلوع والحوثيين، وانجر لبعض الأخطاء، لكنه في النهاية لم يستطع تمرير أي شيء إلا بموافقة القوى السياسية اليمنية. ونحن نؤكد دائما أننا ندعم كليا دور ممثل الأمين العام للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ، وفقاً للالتزام بالمرجعيات الثلاث الواضحة والممثلة بمخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية والقرارات الدولية لذات الصلة وبالذات القرار 2216، والدليل على ذلك موقف الرئيس هادي من مبادرة كيري، إذ قال: لا يمكن القبول سوى بحل ينهي القضية اليمنية وينهي الصراع، فالرئيس لديه قدرة كبيرة في التأثير على مجريات المستقبل من حيث الجغرافيا المسيطر عليها أو المرجعيات التي يتأكد كل يوم لأشقائنا أنها الحل للقضية اليمنية.

• وأخيرا.. هل ستقبلون بأي رأي على الطاولة بعد استعادة الدولة؟

•• بالتأكيد.. حتى الحوثيون يمكنهم ممارسة حياتهم السياسية، وفقا لقوانين مدنية، وليس وفقاً لشعاراتهم: أحكمك أو أقتلك.