أخبار

الحوثيون اختاروا لغة السلاح وأفشلوا الحوار

أكد أن «الحزم» أجهضت مخططات إيران.. السفير آل جابر لـ«عكاظ»:

السفير محمد سعيد آل الجابر

حاوره: فهيم الحامد (جدة) AlFaheem@

أكد السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر أن التحالف العربي أطلق «عاصفة الحزم» استجابة لطلب الرئيس اليمني عبدربه هادي ، وليس استهدافا لجماعة أو فكر محدد، لافتا إلى أن المملكة ستظل بجانب اليمن وشعبه حتى يستعيد عافيته، وأشار السفير آل جابر في حوار أجرته «عكاظ» أن الانقلابيين اختاروا لغة السلاح على الحوار وأفشلوا كل جولات المفاوضات، مضيفا أن الشعب اليمني هو من سيقرر مصير تلك الميليشيات الانقلابية. وأكد أن اليمن سينهض مجددًا بعد أن تقبل الميليشيات بالحل السياسي وفق المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني اليمني والقرار 2216. وهنا نص الحوار:

دعم الشرعية في اليمن

• بداية.. مع مرور عامين على عاصفة الحزم والأمل، من وجهة نظركم ما هي الإنجازات العسكرية التي تحققت لمصلحة دعم الشرعية واجتثاث الفكر الطائفي من اليمن؟

•• أولا يجب التأكيد على أن التحالف العربي حين أطلق عملية «عاصفة الحزم» كان بهدف إعادة الشرعية وتلبية لطلب الرئيس اليمني هادي، ولم يذهب التحالف لمحاربة جماعة بعينها أو استهدافا لفكر محدد على الإطلاق، فالهدف كان ولايزال إعادة الشرعية التي انقلبت عليها ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح بدعم من إيران وحماية الشعب اليمني من جرائم تلك الميليشيات، وقد تحققت غالبية أهداف عمليتي «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل».

نشر القتل والدمار

• كيف تنظرون إلى مستقبل اليمن وما مصير العملية السياسية في ظل استمرار الميليشيات الانقلابية في عرقلة السلام؟

•• اليمن شعب عريق، والمملكة كانت وستظل بجانب اليمن وشعبه حتى يستعيد عافيته، ليعود اليمن سعيدا كما كان قبل أن تفرض ميليشيات الحوثي وصالح هذه الحرب على اليمنيين، وتنشر القتل والدمار.

وأؤكد أن اليمن سينهض مجددا بعد أن تقبل الميليشيات بالحل السياسي وفق المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني اليمني والقرار 2216، وقد بدأت مخرجات عملية «إعادة الأمل» تؤتي ثمارها في المحافظات والمناطق التي عادت لحضن الشرعية من خلال المشاريع التنموية التي تدعمها المملكة ودول التحالف.

• الحوثيون أفشلوا محادثات الكويت ويرفضون عودة لجنة مراقبة وقف إطلاق النار إلى ظهران الجنوب ولم يلتزموا بقرارات الشرعية الدولية... هل الحل العسكري هو الوحيد لهذه الأزمة اليمنية؟

•• الحوثيون لم يفشلوا محادثات الكويت فحسب، بل سبق لهم أن أفشلوا محادثات جنيف، وقبل ذلك انقلبوا على مخرجات الحوار الوطني الذي شاركت فيه مختلف الأطراف اليمنية بمن فيهم الحوثيون أنفسهم، بما حمله من مضامين وطنية تكرس لدولة النظام والقانون، لكنهم انقلبوا على الشرعية بالتحالف مع صالح وبدعم إيراني، واختاروا لغة السلاح على لغة الحوار، والتوصل للحل السياسي وفق المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني والقرار 2216، يعني انتهاء الأسباب التي دعت الحكومة اليمنية لمواجهة الميليشيات واستعادة الدولة ومؤسساتها.

مجازر الانقلابيين

• الميليشيات الانقلابية وقوات مرتزقة صالح استهدفت المدنيين، كما استهدفت أطهر بقاع الأرض مكة المكرمة وهدمت المساجد والبنية التحتية في المدن. ما المطلوب من المجتمع الدولي لِلَجْم الانقلابيين وتقديمهم للمحاكمة الدولية بسبب ارتكابهم جرائم حرب ضد الشعب اليمني؟

•• الجرائم التي ارتكبتها ميليشيات الحوثي وصالح كثيرة، وما رصدته المنظمات المدنية والحقوقية العاملة في اليمن، بشقيها المحلي والدولي، كفيل بأن يصيبك بالصدمة لهول الجرائم التي ترتكب في حق الشعب اليمني، الذي سيقرر مصير تلك الميليشيات الانقلابية، ولا شك أن المجتمع الدولي على اطلاع بما ترتكبه تلك الميليشيات في حق اليمنيين من مجازر مروعة، وهناك إجماع دولي على إدانة جرائم الميليشيات، سواء في ما ترتكبه بحق الشعب اليمني أو توجيهها للمقذوفات على المدنيين في المناطق الحدودية وقد أجمع العالم باستثناء إيران على إدانة استهداف الميليشيات الحوثية وصالح لمكة المكرمة وأصدرت بيانات شديدة اللهجة تدينهم.

تـنـفيذ قرار 2216

• كيف تقرأون الموقف الدولي من الأزمة اليمنية وأهمية دعمه لجهود التحالف العربي؟

•• الموقف الدولي مما يجري في اليمن واضح ولا لبس فيه، فقد أصدر مجلس الأمن الدولي القرار 2216 الذي أيد ضمنيا عمليات التحالف لإعادة الشرعية وحماية الشعب اليمني، وطالب الحوثيين -فورًا- بالكف عن استخدام العنف، وسحب قواتهم من جميع المناطق التي استولوا عليها بما في ذلك العاصمة صنعاء، والتخلي عن الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية، والتوقف عن جميع الأعمال التي تندرج ضمن نطاق الحكومة الشرعية، والامتناع عن الإتيان بأي استفزازات أو تهديدات للدول المجاورة، والإفراج عن السجناء والمعتقلين، كما أكد القرار الدولي ضرورة استئناف عملية الانتقال السياسي بمشاركة جميع الأطراف اليمنية وفقا للمبادرة الخليجية، إلا أن الانقلابيين لم ينفذوا أيا من تلك القرارات وفضلوا الحرب على السلام وكان ذهابهم لجنيف ثم الكويت بدافع المماطلة لإطالة أمد الحرب والتوسع على الأرض.

• اجتمعت اللجنة الرباعية وعمان في لندن أخيرا، هل بالإمكان أن توضحوا الدور المنوط باللجنة ونتائج لقاءاتها وماهو المأمول منها مستقبلا؟

•• تهدف الرباعية إلى دعم الأمم المتحدة وجهود مبعوث الأمين العام لليمن إسماعيل ولد الشيخ وتحريك مسار العملية السياسية وتوحيد الجهود لإقناع وحث الأطراف اليمنية للانخراط في الحل السياسي، وقد أثمرت اجتماعاتها عن موقف موحد يدعم الشرعية اليمنية ويؤكد دعم الحل السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة.

إعمار اليمن ضرورة

• السعودية حريصة على إعمار اليمن، ولقد أعلن الرئيس هادي أخيرا دعما بمبلغ 10 مليارات دولار لإعادة الإعمار ودعم البنك المركزي، هل هناك خطط سعودية مستقبلية لإعمار اليمن؟

•• سبق أن أشرت إلى أن المملكة كانت وستظل حريصة على اليمن، ومثلما قدمت المملكة لتنمية اليمن وإعماره عشرات المليارات في العقود السابقة مساعدات اقتصادية وإنسانية، فإنها ستظل حكومة وشعبا إلى جانب اليمن واليمنيين، وقد بدأت فعليا بتشكيل مكتب لإعادة الإعمار كما أن هناك عددا من الخطط التي من شأنها تسريع عملية التنمية في اليمن على مختلف الأصعدة.

• نجحت الدبلوماسية السعودية في كشف خطط ملالي قم وتورطهم في دعم الانقلابيين في اليمن، هل تعتقدون أن إيران لم يعد بوسعها مد الحوثيين بالسلاح بعد تضييق الخناق عليهم؟

•• ظلت إيران تحضر لما يجري الآن منذ سنوات وتمد ميليشيا الحوثي بالمال والسلاح والدعم اللوجستي، وعلى رغم النجاح الذي حققته قوات التحالف العربي في منع وصول الأسلحة التي ترسلها إيران إلى اليمن، وكذا تمكنها من إيقاف شحنات الأسلحة المرسلة للحوثيين من إيران في المياه الدولية واليمنية، إلا أن السلاح لا يزال يصل إلى ميليشيا الحوثي عن طريق التهريب فلدى اليمن شريط ساحلي طويل.

قاهر الانقلابيين.. بدبلوماسية الهدوء

في أحلك الظروف وأشدها، مارس السفير جابر مهماته باقتدار وامتياز، وأثبت أنه الرجل المناسب في المكان الأنسب، لما يمتلكه من رؤية إستراتيجية سياسية وأمنية وعسكرية، وإلمام متكامل بالجغرافيا السياسية والإستراتيجية للوضع اليمني، وقضاياه التراكمية. آل جابر دبلوماسي، يعمل بهدوء، بعيدا عن الأضواء، ويؤمن بتحقيق الإنجاز على الأرض، من خلال حراكه المؤثر وأطروحاته الواقعية التي أماطت اللثام عن جرائم ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح، وخططهم لتدمير اليمن وتعطيل العملية السياسية ورفضهم للحلول المطروحة، فضلا عن إظهار الوجه الطائفي الحقيقي لميليشيات الحوثي ومرتزقة صالح التي ضربت بعرض الحائط كل الجهود السياسية للوصول إلى السلام الذي تنشده السعودية والتحالف العربي والمجتمع الدولي.

آل جابر أظهر قدرات فائقة في التعامل مع الأحداث، سواء قبيل انقلاب الحوثي على الشرعية، أو في مرحلة ما بعد الانقلاب، التي كانت أعتى وأشق كثيرا من المرحلة التي قبلها. تعامل بمرونة مع جميع الأطراف في محاولة لإصلاح ذات البين لوقف نزيف الدم، ودعم جهود الشرعية اليمنية، وقهر ميليشيات الحوثي وقوات صالح بذكائه السياسي. وبعد الانقلاب ظل يواجه المشروع الإيراني بشجاعة وإقدام، متسلحا بسياسة المملكة الداعمة للشرعية والرافضة لطائفية ملالي قم وخططها في اليمن.

حظي آل جابر باحترام كل السياسيين اليمنيين والمثقفين وكان قريباً من الجميع في فترة وصفها مراقبون يمنيون بأنها أثرى أيام العمل الدبلوماسي، ولم يقتصر عمله على الجانب الدبلوماسي بل إنه وضع برنامجاً إنسانيا استطاع من خلاله إغاثة الكثير من الأسر في العديد من المحافظات اليمنية.

لقد عكس النشاط الدبلوماسي الفعال والنشط للسفير آل جابر حرص السعودية على أمن واستقرار اليمن، ودعمها للشرعية اليمنية، فضلا عن شرحه لحقيقة الأوضاع التي يعيشها الشعب على الأرض، مع استمرار الميليشيات الانقلابية وقوات المخلوع صالح في ارتكاب المجازر وتدمير البنية التحتية، ونشر الفكر الإيراني الطائفي ودعم المنظمات الإرهابية، لتحويل اليمن إلى بؤرة إرهاب خدمة لمشاريع ملالي قم.

التحالف العربي.. ولجم ملالي قم

أكد السفير محمد آل جابر أن مركز الملك سلمان للإغاثة لعب دورا كبيرا في إيصال المعونات الإنسانية والغذائية للشعب اليمني رغم الحصار الذي فرضته ميليشيات الحوثي على بعض المدن.

وأشار إلى أن مركز الملك سلمان قدم في أقل من عامين ١٨٦ مشروعا في مختلف المجالات بقيمة أكثر من ٧٠٠ مليون دولار أمريكي وعمل بالشراكة مع العديد من منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية والمحلية والمركز مستمر في هذا المجال تنفيذا لسياسة المملكة لمساعدة الأشقاء في اليمن.

وحول أسباب إخفاق المنظمات الإغاثية العالمية في تقديم العون للشعب اليمني، قال إن العمل الإغاثي خلال الفترة الماضية واجه صعوبات كبيرة بسبب تعنت ميليشيا الحوثي التي أقدمت على نهب معظم المساعدات المقدمة من المنظمات الإغاثية الدولية وتحويلها لصالح مقاتليها في الجبهات. وتابع قائلا «هناك تقارير صدرت عن منظمات تؤكد ذلك، وربما يكون لهذه التصرفات العدوانية والإنسانية دور كبير في إخفاق بعض المنظمات الدولية الإغاثية، بعكس المناطق المحررة فقد وصلت مساعدات مركز الملك سلمان بالتعاون مع المنظمات الدولية والمحلية إلى كل مركز».

وفي ما يتعلق بدور التحالف العربي لدعم الشرعية والحيلولة دون استمرار المشروع الإيراني الطائفي في التغلغل في اليمن، قال إن التحالف العربي لدعم الشرعية لم يحقق فقط تطلعات الشعب اليمني، بل نجح باقتدار في استعادة مؤسسات الدولة اليمنية الشرعية، ولجم المخطط الإيراني التآمري ضد اليمن وأسهم بشكل فعال في دعم الشرعية اليمنية لتحقيق الأمن والاستقرار.

وزاد «لقد أعاد التحالف العربي بقيادة المملكة لليمن مكانته العربية حيث جسد التحالف روح التضامن مع الشرعية اليمنية واستجابت دول التحالف لطلب الشرعية اليمنية بدعمها ضد الانقلابيين مجسدين روح التلاحم والتآزر مع الشعب اليمني الأصيل مؤكدين المصير اليمني والخليجي والعربي المشترك».