كتاب ومقالات

أوسكار أحمد الملّا

تلميح وتصريح

حمود أبو طالب

ثمة شيء جميل ومبهج ومهم يحدث في مكان ما في الوطن هذه الأيام، لكن الأخبار عنه والأضواء المتجهة إليه أقل كثيراً مما يستحق، كأننا نخجل من هذا الحدث أو نخشى أن يعرف عنه الآخرون، كأنه خطأ نحاول التكتم عليه حتى يمر بسلام، مع أنه تعبير رمزي عن فكر وإبداع وتفوق في مجال ليس لنا خبرة فيه، لكن أثبت الوعي أننا قادرون على تسجيل حضور لافت في التعامل معه.

عندما تم الإعلان عن مهرجان الفيلم السعودي هاتفت الصديق أحمد الملا المشرف على فرع جمعية الثقافة والفنون بالدمام لأستفسر منه عن موعد المهرجان وأؤكد له حرصي على حضوره. شعور مثير ونادر أنه لا توجد قاعة سينما في الوطن لكنك تحضر مهرجانا للأفلام بدلا من مشاهدة فيلم، وكلها تحمل الدمغة السعودية في جميع مكوناتها، ولا بد من التنويه أن هذا المهرجان هو الرابع منذ أن بدأت الدورة الأولى في 2008 والحكاية كلها يقف خلفها وفي تفاصيلها أحمد الملا، وأحمد ليس شاعرا مختلفا فقط، بل مثقف شامل وتقدمي بأفكاره، وفنان تنويري يعبُر بالثقافة العميقة من خلال قنوات الفنون المختلفة، ومناضل جسور لم يداهمه اليأس من كثافة العوائق وشح الإمكانات والدعم واحتمالات التعطيل وربما المواجهة مع كثرة قوية لا ترى فيما يفعله خيرا. مضى بالفكرة في طريقها حتى نضجت وكبرت واتخذت موقعها كحقيقة ماثلة، ولتكون الدورة الحالية هي الرابعة من عمر المهرجان، ولكني للأسف لم أتمكن من حضوره رغم حرصي.

من يصدق أنه تمت المشاركة في المهرجان بأكثر من ١٣٦ فيلما سعودي الأصل والمنشأ والولادة، خضعت لتقييم دقيق من متخصصين اختاروا منها ٥٨ فيلما تميزت بمواصفات الإبداع والإبهار في كل مقوماتها. نحن إذاً نتحدث عن غزارة في الإنتاج تؤكد وجود مواهب ناضجة في كل عناصر الفيلم السينمائي، كنا نتحدث عن مخرجين متميزين كهيفاء المنصور ومحمود صباغ وغيرهما، لكنا نتحدث الآن عن صناعة متكاملة للفيلم السعودي كانت تحتاج الفرصة فقط لإثبات وجودها.

وعندما نتحدث عن السينما فإننا لا نتحدث فقط عن جانبها الترفيهي ومتعتها، وإنما نتحدث عن ثقافة وعن فن يجمع كل الفنون، وله قدرته الخاصة في معالجة قضايا الإنسان وإشكالات المجتمع بتوظيف كل الملكات والحواس والطاقات. هي فن متميز وقوة ناعمة وثقافة شاملة تستطيع برمزيتها التعبير عن المستوى الحضاري لأي مجتمع بما لا تستطيعه أي وسيلة إبداعية أخرى، ولهذا السبب يتكرر الحديث عن المطالبة بوجودها.

إنها مفارقة كبيرة عندما يوجد مهرجان للفيلم السعودي ولا توجد دار عرض في السعودية، فهل نتفاءل بأن المهرجان بإمكانه إنهاء التردد في السماح بدور السينما.