كتاب ومقالات

رؤية طموحة وواقع تقليدي!

أفياء

عزيزة المانع

من بين شروط وزارة الثقافة والإعلام للمشاركة في جائزتها السنوية للكتاب، اشتراط أن يكون الكتاب (مفسوحا منها)!

هذا الشرط الذي تضعه الوزارة يوحي بأنها لا تثق في أحكام المحكمين الذين تختارهم لتحكيم الكتب المرشحة، وأنها تخشى أن لا يحسنوا الحكم، فيرشحوا للفوز كتابا لا يصلح لنيل الجائزة.

هناك كتب كثيرة جيدة لكنها غير مفسوحة من الوزارة، ووجود شرط كهذا يبعدها عن الترشح للجائزة، فيبقى مجال الفوز متاحا لكتب أقل جودة، لمجرد أنها مفسوحة من وزارة الثقافة والإعلام!

إن مما يقلل من قيمة الجائزة أن تستبعد كتبا جيدة لمجرد أنها غير مفسوحة من وزارة الثقافة والإعلام، فبعض الأحيان يكون عدم الفسح مبنيا على مجرد رأي شخصي للموظف المسؤول عن فسح الكتب، وليس بناء على تقييم صحيح للكتاب، وهناك كثير من الكتب التي كانت وزارة الثقافة والإعلام تحظر دخولها، ثم بعد سنوات غيرت رأيها وسمحت لها بالدخول، مما يدل على أن الحظر السابق لم يكن مبنيا على قاعدة علمية صحيحة أو مبدأ واضح ومحدد.

وطالما أن الكتب ستعرض على لجنة تحكيم كفؤ ومؤهلة للتمييز بين ما هو جيد وما هو رديء، فإنه لا يليق بوزارة الثقافة والإعلام الإبقاء على هذا الشرط.

كما أني لا أدري إلى أي مدى يتلاءم هذا الشرط مع أهداف الرؤية الوطنية 2030 للثقافة، فهذه الرؤية الطموحة لديها مشاريع كبرى للتطوير الثقافي مثل إنشاء مجمع ملكي وأكاديمية للفنون، وتأسيس مراكز حاضنة للإبداع، وتوفير منصات للمبدعين للتعبير عن أفكارهم، وخلق صناعة ثقافية تعنى بالفن والمسرح والسينما، فهل يمكن لمثل هذه المشاريع الثقافية الكبيرة أن تتحقق وأن تزدهر ووزارة الثقافة والإعلام تشترط مثل هذا الشرط المقيد لحرية الفكر والإبداع؟

لعله آن الأوان أن ننهض بثقافتنا نهضة حقيقية، تجعلها تعايش العصر وترتبط بمؤثراته ارتباطا وثيقا.

إن أهم عوامل النهوض، إحياء العقل، وحرية التفكير والتعبير، لكن ذلك لن يتحقق إلا متى وجد وسط ثقافي يسود فيه التسامح والمرونة والتقبل للغريب والمختلف، أما إن استمرت القيود التقليدية تخنق فضاء الثقافة بسمومها، فإنه لا أمل في حدوث تغير ولا رجاء في ازدهار ثقافي.

azman3075@gmail.com