كتاب ومقالات

الرجل هو المعيار!

أفياء

عزيزة المانع

كلما أراد احد أن يثني على ما تكتبه المرأة، لم يجد ثناء أفضل من قول: «إن الأدب الذي تكتبه المرأة صار مرادفا للأدب الذي يكتبه الرجل»، أو «إن المرأة بلغت مستوى في الكتابة يضع ما تكتبه جنبا إلى جنب مع ما يكتبه الرجل»، أي أن سقف التميز في كتابة المرأة هو بلوغ مستوى ما يكتبه الرجل!

ما يكتبه الرجل هو المعيار، وكلما حققت المرأة بلوغ ذلك المعيار، دللت على تميزها! هذا يعني أن على المرأة، أن تحصر طموحها في نطاق بلوغ مستوى كتابة الرجل، وليس بلوغ مستوى أعلى من الجودة!

بل حتى هذه، هناك من لا يزال يجادل في أن المرأة لا يمكن أن (تجاري) الرجل في مستوى إبداعه وتميزه، وأنها مهما أبدعت وأجادت، لا يمكن ان يرقى أداؤها إلى مستوى أداء الرجل.

وهذه الفكرة ترتبط بالنظرة التقليدية المتوارثة، التي تفترض (جازمة) أن قدرات المرأة الفطرية أقل وأضعف من قدرات الرجل، وأنه لذلك من المستبعد نجاح المرأة في أمر يصعب على الرجل النجاح فيه، وكم تردد على أسماعنا قول (هذا أمر صعب على الرجال، فما بالك بالنساء)! فالقاعدة هي أن تكون قدرة الرجل مرجعا لقياس قدرة المرأة!

تقدم المرأة وتميزها في أي مجال يقاس مقارنة بما لدى الرجل، سواء في الفكر، أو الأدب، أو إتقان العمل، أو في سمات الشحصية كالثبات والشجاعة والصبر، أو القدرة على المحاجة أو حمل المسؤولية، ومن هنا يتكرر عند الثناء على المرأة قول (امرأة بألف رجل)، أو (في جوفها قلب رجل) عند وصفها بالشجاعة أو الفصاحة. أما قمة الثناء على المرأة فتتجسد في قول (إن المرأة وصلت إلى ما وصل إليه الرجل)!

السؤال المهم، ما أثر هذا الثناء المبني على المقارنة بالرجل، على تقدم المرأة؟ في الغالب نجد النساء في رد فعلهن تجاه ذلك ينقسمن إلى فريقين: أحدهما يسر بمثل هذا الثناء، ويرى فيه دليلا وإقرارا بتميز المرأة، فتجعل المرأة همها مواكبة ما ينتجه الرجل وتقنع أو تفخر بأنها بلغت مبلغه في جودة الأداء.

والفريق الآخر، يسوءه مثل هذا القول، ويرى فيه انتقاصا لقدرات المرأة أن يربط سقف قدراتها بقدرات الرجل، ومتى تجاوزت جودة أدائها تلك القدرات، نظر إليها كأعجوبة تثير الدهشة!

لم لا ينظر إلى المرأة على أنها بشر، تتجسد فيها القدرات الفطرية التي وهبها الخالق لخلقه؟