ثقافة وفن

«فورمالين» الفن.. حقن الصورة بأيقونة الخلود

تشي جيفارا من تصوير ألبرتو كوردا.

سعد الخشرمي (جدة)

salkhashrami@

يعزو أناس تخليد شخصيات عالمية إلى إنجازاتهم في مسيرتهم الحياتية فقط، إذ كافحوا من أجل فكرةٍ ما، وبذلوا النفيس في سبيل تحقيق ما يطمحون إليه، لكنّ قلة من يتبادر إلى أذهانهم أن فن التعامل مع صورة قد يخلّد الأشخاص، ويحيلهم إلى أيقونة تلتحم مع حالةٍ ما أو فكرةٍ محددة إلى الأبد.

اكتشف الأطباء مادة «فورمالين» التي تستخدم في حفظ الجثث من التحلل، لكن فكرة «فورمالين» تسللت إلى الفن كي تحفظ الشخصية من التلاشي، والاختباء في ما وراء النسيان. ما أحال شخصيات إلى أيقونات دائمة، ما إن يفكّر في حدثٍ ما حتى يستلهم تلك الشخصية الأيقونة، وهنا بطل حرب العصابات تشي جيفارا أنموذج لهذه الفكرة التي التحمت صورته في الثورة على الديكتاتورية، كون صورته تتصدر الصفوف الأولى من المسيرات في بلدان عدة.

تشي جيفارا، الذي أعدمه الجيش البوليفي في ستينات القرن الماضي، ونشرت صورته وهو مسجّىً بين الجنود، لا تلبث هذه الصورة التي أرادت أن تهشّم أسطوريته التي ألهمت الثوار في أمريكا الجنوبية، أن تتلاشى، وتذروها رياح النسيان، لتبزغ صورة أخرى صورها الفوتوغرافي الكوبي ألبرتو كوردا، لتشتعل صورته مجدداً، ثم يحقنها الفنان الإيرلندي جيمس باتريك بفكرة «فورمالينية» كي يبسّط البورتريه إلى أدنى درجة يمكن أن يبسطها، لأنّه يريد أن تتحول الصورة إلى أيقونة خالدة للثورات، إذ كان غارقاً في الثقافة الكاثوليكية، وقارئاً للفلسفة حينها، فأمست الصورة الأيقونة جيفارا معنىً رمزياً عندما تظهر في الصفوف الأولى للمسيرات المحتشدة المناوئة للدكتاتوريات في بلدان عديدة.