كتاب ومقالات

مشروع القدية وبكائيات الشعبويين

مشراق

عبدالرحمن اللاحم

لا أحد يشكك في أن السكن من أهم الملفات الوطنية الملحة والإستراتيجية التي لابد أن تتصدى لها أجهزة الدولة بكل حزم لإنهاء هذا الملف الذي طال أمده دون حلول واضحة ومرضية للناس، لكن هذا لا يعني أن تربط أزمة السكن في المملكة مع كل مشروع تنموي الهدف منه جلب الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة مما ينعكس على تشغيل مجموعة من العاطلين والعاطلات عن العمل وتعزيز جودة الحياة في المملكة مثل المشاريع العملاقة التي تطلقها الدولة فيما يتعلق بالترفيه وتنوع مجالاته وخياراته، وكان آخر هذه المشاريع المشروع العملاق (القدّية) والذي أعلن عنه كأكبر مشروع ترفيهي في العالم ليحوي أنشطة ترفيهية ورياضية واجتماعية سيؤثر بشكل إيجابي على طبيعة الحياة الاجتماعية في المملكة وسيؤسس لصناعة الترفيه بشكل احترافي واستثماري، إلا أن البعض لا ينظرون إليه من زاوية استثمارية مدرة للدخل على الدولة وإنما يريد أن يربطه بملفات وطنية أخرى مثل السكن، فهناك شريحة من الناس هدفها إفشال أي مبادرة وطنية تنموية طموحه يستغل في ذلك عواطف الشعب من خلال ملامسته لملفات معينة لخلق حالة من التذمر التي تؤدي إلى الإحباط.

هدف تلك الشريحة هو استمرار حالة الإحباط والتذمر لأنهم لا يمكن أن يتنفسوا إلا في هذه الأجواء ولا يريدون لأي مشروع تنموي النجاح ويهدفون إلى بقائنا ندور في ذات الدائرة لا نخرج عنها، وهم في المقابل يعارضون فكرة الترفيه بشكل عام إلا أنهم لا يواجهونها بشكل مباشر وإنما يلتفون عليها من خلال خطاب شعبوي رديء، فذات الأصوات ترفع عقيرتها مع كل إعلان طموح لمشروع تنموي تعلنه القيادة في المملكة.

ودائما يصرون على حشر السكن في كل خطبهم وخطاباتهم وتغريداتهم والهدف دغدغة مشاعر الناس وإلا ما العلاقة بين ملف الإسكان وملف الاستثمارات في مجالات عدة منها الترفيه. لأنه لا يتصور أن تتوقف الحركة الاقتصادية عند تأمين السكن فقط وإنما هناك خطوط متوازية يفترض أن تسير بشكل متوازٍ إلا أنها لا يخلط بعضها ببعض فلكل منها مسار مستقل وآلية معالجة مختلفة ولكل منها جهاز إداري مختلف له صلاحيات وله فضاءات يدور من خلالها ويتحرك فيها.

إن مشروع (القدية) على سبيل المثال سيوفر آلاف الوظائف للناس وسيعطي السعودية وغيرها خيارات متعددة للترفيه وسيعيد ملايين الريالات التي كانت تهاجر في كل موسم سياحي إلى دول قريبة أو بعيدة، ستعود تلك الأموال لتدور في هذا الوطن دورة اقتصادية طبيعية كما يفعل كل البشر في هذا العالم، فاقتصادنا وأهل هذا البلد أولى بتلك الملايين من المؤسسات الأجنبية والجهات السياحية بالخارج. هذه هي المعادلة البسيطة التي لا يريد (الشعبويون) أن يفهموها أو أنهم يفهموها ولكنهم يريدون أن يستمروا في حملة تضليل ممنهجة الهدف منها هو هدف سياسي بالدرجة الأولى، والمصيبة أن نرى مثقفين ومفكرين ولغوا في تلك الدائرة واستجابوا لها دون أن يعلموا أنهم يضعون العصي في الدواليب ويعطلون مشاريع عملاقة ريعها سيكون لأبنائنا وأحفادنا.