منازل جديدة تعج بالتصدعات وتسقط في «اختبار المطر»!
«فلل الكراتين» و«عمائر البسكويت»
الاثنين / 13 / رجب / 1438 هـ الاثنين 10 أبريل 2017 02:48
محمد سعود (الرياض)، فاطمة آل دبيس (الدمام)، محمد الصبحي (جدة)
mohamdsaud@
fatimah_a_d@
mohammedalsobhi@
بدا أحد أحدث المواقع السكنية في جدة (شرق طريق الحرمين) الذي يشهد تنامياً كبيراً في عدد قاطنيه في العقد الأخير، مثيراً لقلق الراغبين في تملك الشقق والفلل الخاضعة للتمويل البنكي، إذ طرأت على بعض المباني تشققات وعيوب في التأسيس، حتى أن الدفاع المدني أخلى إحدى العمائر السكنية (7 طوابق) بشرق حي السامر بعد ظهور التصدعات على المبنى.
سبقت حادثة الإخلاء انتقادات واسعة في مجالس السعوديين لكفاءة العمائر والفلل المخصصة للبيع، حتى أنهم يتندرون على بعضها بوصفها «مهترئة»، وأطلق البعض الآخر عليها «بناء البسكويت» أو «فلل الكراتين».
التخوف لم يقف عند مدينة جدة، بل امتد إلى مدن عدة، حتى أن مواطنين تضرروا في فلل اكتشفوا بعد شرائها بوقت قصير رداءة مواد البناء وأساساتها الإنشائية.
ومع انخفاض وتيرة الإقبال على شراء العقار -بحسب مراقبين- يزيد التخوف من رداءة مواد تأسيس البناء واستخدام تجار لأرخص المواد ثمناً حتى يستطيعوا جني ربح معقول من بيع العقار، وساد اعتقاد محلي أن المنازل الجديدة ليست بمستوى كفاءة المنازل القديمة المبنية بعد الطفرة.
ويطالب مواطنون بضرورة فحص المباني الجديدة خصوصاً العمائر ذات الطوابق العدة، قبل عملية البيع، حتى لا يقع المشتري والذي عادة ما يكون قادماً من بوابة تمويل البنوك «المرهقة» في فخ المباني «الكرتونية».
ولم يدر في خلد المواطن الحميدي الثبيتي أن امتلاكه لمنزل العمر سيكون طريقاً جديداً للمشكلات غير المتوقعة في حياته، وسيطرق أبواباً عدة لإنهاء معاناته مع أزمة جديدة أجبرته على مغادرة مسكنه، والاستئجار مرة أخرى.
وظن الثبيتي أن امتلاكه منزل العمر في أحد أحياء الرياض سيكون المحطة الأخيرة في حياته من تأمين مسكن له ولعائلته، وإغلاق هذا الهاجس الكبير لدى المواطنين، لكنه في الحقيقة كان بداية لمأساة جديدة، وترك بيته الجديد لمدة تزيد على العامين.
يقول الحميدي لـ«عكاظ»: «اشتريت منزلا في الرياض من طريق أحد البنوك، وبدأت مشكلتي حينما سكنته، إذ ظهرت فيه تشققات وتصدعات أدت إلى انهيار جزء منه، ما أجبرني على الخروج منه والاستئجار في منزل آخر، وبعدها اتجهت إلى البنك الذي مولني مبلغ المنزل بحثاً عن حل لهذه المشكلة».
ويضيف أنه لم يجد حلولا لدى البنك، ما دفعه للتوجه إلى مؤسسة النقد السعودي، لإنهاء معاناته، ولكن من دون حل، ما أجبره إلى الذهاب للمحكمة للترافع، والمطالبة بتعويضه، وإصلاح الجزء المتضرر من منزله، لافتاً إلى أنه أمضى نحو عامين من الترافع لدى الجهات المختصة والمحاكم، وينتظر إنهاء قضيته وتعويضه في أسرع وقت ممكن للعودة إلى منزله.
وقامت «عكاظ» بجولة على أحد المشاريع الإسكانية في وسط الرياض بعد ورود شكاوى بوجود تشققات وتصدعات في بنيانها، إذ وقفت على المشروع الذي يضم مجموعة من الفلل، لكن أجزاء منها بدا عليها التضرر من التصدعات، إلا أنها خالية من السكان باستثناء مبنى واحد، فيما شاهدت عمالة يصلحون الأجزاء المتضررة من تلك المباني.
ويشتكي مواطنون عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين الفينة والأخرى من الفلل الرديئة، التي أطلقوا عليها مسمى «فلل الكراتين»، نسبة إلى ضعفها وتشققها وتصدعها، وضعف جودتها، الأمر الذي جعل عدداً منهم يطالب بمقاطعة تلك المنتجات السكنية، كونها لا تقاوم الأمطار.
وأنشأ مواطنون وسماً على مواقع التواصل لمقاطعة المنتجات الرديئة التي يسوق لها عدد من المطورين العقاريين، كونها غير مضمونة، وسعرها غالٍ جداً، ولا تستحق قيمتها، وتخر أثناء هطول الأمطار، محذرين من شرائها، لأن المشتري سيضطر بعد نحو عامين إلى ترميمها من جديد، ويتكبد خسائر أخرى غير قيمة المنزل.
وبعد ظهور تشققات وتصدعات في منازل سكنية تجارية جديدة بمدينة الرياض، أضحى المواطنون أكثر حرصاً عند شرائهم المنازل، من خلال الاستعانة بمكاتب هندسية ومعرفة تفاصيل المبنى، خشية الوقوع في دوامة تكبدهم الخسائر المادية والنفسية أسوة بغيرهم.
ولا يخفي أحمد عريشي الذي اشترى قبل أربعة أعوام شقة في حي السلامة (شمال جدة) تذمره من ظهور تصدعات في شقته الجديدة منذ شهر من سكنه فيها، مشيراً إلى أن «تشطيبات» الشقة رديئة، بعد اكتشاف رداءتها في الأشهر الأولى.
وقال عريشي لـ«عكاظ» إنه بات معتاداً على صبغ المنزل بشكل دوري، إضافة إلى معالجة تلك التشققات بشكل متكرر في العام، ورغم ارتفاع تكلفة منزله الذي حصل عليه بتمويل بنكي بلغ 530 ألف ريال مع عمولة مرتفعة للبنك، ما رفع إجمالي المبلغ الذي يدفعه كأقساط شهرية لمدة 15 عاما، أكثر من 900 ألف ريال.
ويشير ساخراً إلى واجهة عمارته التي بيعت كل الشقق فيها، قائلاً «حتى الواجهة بدأت بالسقوط والأرضيات بدأت بالتآكل، هذه العمارة بنيت في وقت قياسي وكان الهدف منها تجاريا، وللأسف سقطت في الفخ، وتورطت في المسألة، ولا أجد بدا من التعايش مع هذه المشكلة».
ويؤكد خبير التحكيم سعود الدلبحي في حديثه إلى «عكاظ» أن ما حدث في السابق في بعض المباني يعتبر غشاً تجارياً، مستدركاً «إلا أنه كان محدودا على عكس الوقت الراهن الذي أصبح البعض يمتهن في مهنة الغش فقد كانت كلفة البناء تعتبر منخفضة إلا أنهم كانوا يبيعون تلك المباني بأسعار عالية».
ويرجع الدلبحي التوسع في البناء الرديء إلى كثرة الأجانب الذين يمارسون الغش التجاري بالإضافة إلى بعض السعوديين، مضيفاً «من الأسباب التي أدت إلى زيادة العمائر أو المباني الهشة والضعيفة أن مهنة المقاولات في السابق كانت تحترم على عكس الوقت الراهن فكثر الدخلاء على المهنة».
«البلدية والقروية»: «الأمانات» تتدخل في حال الخطر!
أكد المتحدث باسم وزارة الشؤون البلدية والقروية حمد بن سعد العمر لـ«عكاظ» تدخل أمانات المناطق في حال وجد خطر يتعلق بسلامة المبنى، مشيراً إلى أن كود البناء السعودي يحكم جميع ما سبق وهو المرجع لأعمال التصميم والتنفيذ، وسيكون من إجراءات تطبيق الكود تشكيل لجان قضائية في الأمانات للفصل في هذه الحالات.
وأوضح العمر أن ثمة لجنة تعمل على إعداد اللائحة التنفيذية لتطبيق كود البناء من قبل اللجنة الوطنية لكود البناء السعودي، وأن الوزارة عضو في هذه اللجنة، وسيكون دورها، ممثلا بالأمانات بعد صدور اللائحة التنفيذية، هو تطبيق كود البناء مع الجهات ذات العلاقة.
من جهته، شدد أمين أمانة المنطقة الشرقية المهندس فهد الجبير لـ«عكاظ» على ضرورة درس طبيعة الأرض قبل البناء، كون كثير من الأراضي مردومة أو ذات تربة منتفخة بسبب الماء، مرجعاً تصدع المنازل إلى ما أسماه بـ«جهل المقاولين والملاك» في طبيعة التربة التي يبنى عليها.
وأوضح أن دور الأمانة يكمن في الجانب الوقائي بالنظر إلى مدى تطابق التصميم مع الأرض، إضافة إلى الإجراء العلاجي والقانوني، مضيفاً «ويصل دورنا إلى الطلب من الملاك إخلاء المنزل إذا كان التصدع من الدرجة الأولى، أما القانوني فيزود الملاك بتقرير فني متكامل من الأمانة ليمكنهم من المطالبة بحقهم قضائياً».
من جانبه، أكد القاضي السابق الدكتور يوسف الجبر أحقية المشتري الذي اكتشف عيوباً في المنزل مراجعة المسألة العقدية «كونه اشتراه بلا عيوب»، موضحاً أنه متى ما ثبت وجود هذه العيوب «فهذا عذر مشروع لفسخ العقد أو المطالبة بإصلاح هذه العيوب أو قيمة الإصلاح، وهذا الغش الواقع فترة البناء يجب أن يحاسب عليه مرتكبه، فقد أصبح الأمر ظاهرة لها آثارها السلبية مادياً ونفسياً».
«هيئة المهندسين»: «تدهور واهتراء» تهدد سلامة المبنى
أرجع المتحدث باسم الهيئة السعودية للمهندسين، المهندس عبدالناصر سيف العبداللطيف، ظهور التصدع أو التشقق إلى ما أسماه بـ«التدهور الذي يحصل في وضع البناء من تكسر أو اهتراء أو تآكل أو انخفاض في المتانة أو أي مظاهر الضعف الأخرى التي تهدد سلامة المبنى الإنشائية وصلاحيته»، موضحاً أن المباني السكنية أو التجارية تتعرض للتصدعات والتشققات بعد ساعات أو أيام أو أسابيع أو شهور من تنفيذ المبنى.
وقال العبداللطيف لـ«عكاظ» إن هناك تصدعات هيكلية ناتجة إما عن هبوط في التربة أو عجز أجزاء من الهيكل الإنشائي أو كلها عن حمل الأحمال الساقطة عليها، أو سوء في تركيب أو تصميم أو تنفيذ المباني المكونة للهيكل، كذلك هناك تصدعات قشرية غير هيكلية وتكون ناتجة إما عن عدم انسجام مواد البناء مع بعضها من ناحية التمدد والتقلص أو نتيجة لسوء مواد التشطيب مثل التلييس والبوية وغيرها.
ولخص ظواهر التشققات والتصدعات في المساكن في عدة جوانب قائلاً «منها التشققات الناتجة عن قوى شادة مطبقة على العنصر الإنشائي، والتشظي وهو تكسر يحصل في جزء من العنصر الإنشائي نتيجة تعرضه لقوى ضاغطة، والتحلل الكيميائي، أو التآكل، وهو تفتت يحصل في مادة العنصر الإنشائي نتيجة تفاعلها مع مواد كيماوية موجودة في الوسط المحيط بها، وترخيم كبير في العناصر الأفقية يجعل استعمالها غير ممكن، وميلان كبير في البناء يمنع استثماره بالشكل الأمثل، نتيجة انضغاط التربة تحت جهة من البناء أكثر من الجهة الأخرى بسبب عدم تجانس تربة التأسيس تحت البناء، أو بسبب عدم انتظام الإجهادات المطبقة على تربة التأسيس».
وأضاف «هناك أسباب ناتجة عن فكرة البناء وهي مجمل فكرة الإنشاء التي تقوم على الأحمال التي يتحملها البناء من نقطة تطبيقها حتى تربة التأسيس، ومن أشهر أخطاء التصميم عدم التقدير السليم للأحمال والقوى، وسوء تصميم مقاطع العناصر أو وصلاتها، وتفصيلات التصميم الضعيفة، وعدم توافق التصميم مع طبيعة تربة التأسيس، وهناك أسباب ناتجة عن خطأ في التنفيذ».
fatimah_a_d@
mohammedalsobhi@
بدا أحد أحدث المواقع السكنية في جدة (شرق طريق الحرمين) الذي يشهد تنامياً كبيراً في عدد قاطنيه في العقد الأخير، مثيراً لقلق الراغبين في تملك الشقق والفلل الخاضعة للتمويل البنكي، إذ طرأت على بعض المباني تشققات وعيوب في التأسيس، حتى أن الدفاع المدني أخلى إحدى العمائر السكنية (7 طوابق) بشرق حي السامر بعد ظهور التصدعات على المبنى.
سبقت حادثة الإخلاء انتقادات واسعة في مجالس السعوديين لكفاءة العمائر والفلل المخصصة للبيع، حتى أنهم يتندرون على بعضها بوصفها «مهترئة»، وأطلق البعض الآخر عليها «بناء البسكويت» أو «فلل الكراتين».
التخوف لم يقف عند مدينة جدة، بل امتد إلى مدن عدة، حتى أن مواطنين تضرروا في فلل اكتشفوا بعد شرائها بوقت قصير رداءة مواد البناء وأساساتها الإنشائية.
ومع انخفاض وتيرة الإقبال على شراء العقار -بحسب مراقبين- يزيد التخوف من رداءة مواد تأسيس البناء واستخدام تجار لأرخص المواد ثمناً حتى يستطيعوا جني ربح معقول من بيع العقار، وساد اعتقاد محلي أن المنازل الجديدة ليست بمستوى كفاءة المنازل القديمة المبنية بعد الطفرة.
ويطالب مواطنون بضرورة فحص المباني الجديدة خصوصاً العمائر ذات الطوابق العدة، قبل عملية البيع، حتى لا يقع المشتري والذي عادة ما يكون قادماً من بوابة تمويل البنوك «المرهقة» في فخ المباني «الكرتونية».
ولم يدر في خلد المواطن الحميدي الثبيتي أن امتلاكه لمنزل العمر سيكون طريقاً جديداً للمشكلات غير المتوقعة في حياته، وسيطرق أبواباً عدة لإنهاء معاناته مع أزمة جديدة أجبرته على مغادرة مسكنه، والاستئجار مرة أخرى.
وظن الثبيتي أن امتلاكه منزل العمر في أحد أحياء الرياض سيكون المحطة الأخيرة في حياته من تأمين مسكن له ولعائلته، وإغلاق هذا الهاجس الكبير لدى المواطنين، لكنه في الحقيقة كان بداية لمأساة جديدة، وترك بيته الجديد لمدة تزيد على العامين.
يقول الحميدي لـ«عكاظ»: «اشتريت منزلا في الرياض من طريق أحد البنوك، وبدأت مشكلتي حينما سكنته، إذ ظهرت فيه تشققات وتصدعات أدت إلى انهيار جزء منه، ما أجبرني على الخروج منه والاستئجار في منزل آخر، وبعدها اتجهت إلى البنك الذي مولني مبلغ المنزل بحثاً عن حل لهذه المشكلة».
ويضيف أنه لم يجد حلولا لدى البنك، ما دفعه للتوجه إلى مؤسسة النقد السعودي، لإنهاء معاناته، ولكن من دون حل، ما أجبره إلى الذهاب للمحكمة للترافع، والمطالبة بتعويضه، وإصلاح الجزء المتضرر من منزله، لافتاً إلى أنه أمضى نحو عامين من الترافع لدى الجهات المختصة والمحاكم، وينتظر إنهاء قضيته وتعويضه في أسرع وقت ممكن للعودة إلى منزله.
وقامت «عكاظ» بجولة على أحد المشاريع الإسكانية في وسط الرياض بعد ورود شكاوى بوجود تشققات وتصدعات في بنيانها، إذ وقفت على المشروع الذي يضم مجموعة من الفلل، لكن أجزاء منها بدا عليها التضرر من التصدعات، إلا أنها خالية من السكان باستثناء مبنى واحد، فيما شاهدت عمالة يصلحون الأجزاء المتضررة من تلك المباني.
ويشتكي مواطنون عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين الفينة والأخرى من الفلل الرديئة، التي أطلقوا عليها مسمى «فلل الكراتين»، نسبة إلى ضعفها وتشققها وتصدعها، وضعف جودتها، الأمر الذي جعل عدداً منهم يطالب بمقاطعة تلك المنتجات السكنية، كونها لا تقاوم الأمطار.
وأنشأ مواطنون وسماً على مواقع التواصل لمقاطعة المنتجات الرديئة التي يسوق لها عدد من المطورين العقاريين، كونها غير مضمونة، وسعرها غالٍ جداً، ولا تستحق قيمتها، وتخر أثناء هطول الأمطار، محذرين من شرائها، لأن المشتري سيضطر بعد نحو عامين إلى ترميمها من جديد، ويتكبد خسائر أخرى غير قيمة المنزل.
وبعد ظهور تشققات وتصدعات في منازل سكنية تجارية جديدة بمدينة الرياض، أضحى المواطنون أكثر حرصاً عند شرائهم المنازل، من خلال الاستعانة بمكاتب هندسية ومعرفة تفاصيل المبنى، خشية الوقوع في دوامة تكبدهم الخسائر المادية والنفسية أسوة بغيرهم.
ولا يخفي أحمد عريشي الذي اشترى قبل أربعة أعوام شقة في حي السلامة (شمال جدة) تذمره من ظهور تصدعات في شقته الجديدة منذ شهر من سكنه فيها، مشيراً إلى أن «تشطيبات» الشقة رديئة، بعد اكتشاف رداءتها في الأشهر الأولى.
وقال عريشي لـ«عكاظ» إنه بات معتاداً على صبغ المنزل بشكل دوري، إضافة إلى معالجة تلك التشققات بشكل متكرر في العام، ورغم ارتفاع تكلفة منزله الذي حصل عليه بتمويل بنكي بلغ 530 ألف ريال مع عمولة مرتفعة للبنك، ما رفع إجمالي المبلغ الذي يدفعه كأقساط شهرية لمدة 15 عاما، أكثر من 900 ألف ريال.
ويشير ساخراً إلى واجهة عمارته التي بيعت كل الشقق فيها، قائلاً «حتى الواجهة بدأت بالسقوط والأرضيات بدأت بالتآكل، هذه العمارة بنيت في وقت قياسي وكان الهدف منها تجاريا، وللأسف سقطت في الفخ، وتورطت في المسألة، ولا أجد بدا من التعايش مع هذه المشكلة».
ويؤكد خبير التحكيم سعود الدلبحي في حديثه إلى «عكاظ» أن ما حدث في السابق في بعض المباني يعتبر غشاً تجارياً، مستدركاً «إلا أنه كان محدودا على عكس الوقت الراهن الذي أصبح البعض يمتهن في مهنة الغش فقد كانت كلفة البناء تعتبر منخفضة إلا أنهم كانوا يبيعون تلك المباني بأسعار عالية».
ويرجع الدلبحي التوسع في البناء الرديء إلى كثرة الأجانب الذين يمارسون الغش التجاري بالإضافة إلى بعض السعوديين، مضيفاً «من الأسباب التي أدت إلى زيادة العمائر أو المباني الهشة والضعيفة أن مهنة المقاولات في السابق كانت تحترم على عكس الوقت الراهن فكثر الدخلاء على المهنة».
«البلدية والقروية»: «الأمانات» تتدخل في حال الخطر!
أكد المتحدث باسم وزارة الشؤون البلدية والقروية حمد بن سعد العمر لـ«عكاظ» تدخل أمانات المناطق في حال وجد خطر يتعلق بسلامة المبنى، مشيراً إلى أن كود البناء السعودي يحكم جميع ما سبق وهو المرجع لأعمال التصميم والتنفيذ، وسيكون من إجراءات تطبيق الكود تشكيل لجان قضائية في الأمانات للفصل في هذه الحالات.
وأوضح العمر أن ثمة لجنة تعمل على إعداد اللائحة التنفيذية لتطبيق كود البناء من قبل اللجنة الوطنية لكود البناء السعودي، وأن الوزارة عضو في هذه اللجنة، وسيكون دورها، ممثلا بالأمانات بعد صدور اللائحة التنفيذية، هو تطبيق كود البناء مع الجهات ذات العلاقة.
من جهته، شدد أمين أمانة المنطقة الشرقية المهندس فهد الجبير لـ«عكاظ» على ضرورة درس طبيعة الأرض قبل البناء، كون كثير من الأراضي مردومة أو ذات تربة منتفخة بسبب الماء، مرجعاً تصدع المنازل إلى ما أسماه بـ«جهل المقاولين والملاك» في طبيعة التربة التي يبنى عليها.
وأوضح أن دور الأمانة يكمن في الجانب الوقائي بالنظر إلى مدى تطابق التصميم مع الأرض، إضافة إلى الإجراء العلاجي والقانوني، مضيفاً «ويصل دورنا إلى الطلب من الملاك إخلاء المنزل إذا كان التصدع من الدرجة الأولى، أما القانوني فيزود الملاك بتقرير فني متكامل من الأمانة ليمكنهم من المطالبة بحقهم قضائياً».
من جانبه، أكد القاضي السابق الدكتور يوسف الجبر أحقية المشتري الذي اكتشف عيوباً في المنزل مراجعة المسألة العقدية «كونه اشتراه بلا عيوب»، موضحاً أنه متى ما ثبت وجود هذه العيوب «فهذا عذر مشروع لفسخ العقد أو المطالبة بإصلاح هذه العيوب أو قيمة الإصلاح، وهذا الغش الواقع فترة البناء يجب أن يحاسب عليه مرتكبه، فقد أصبح الأمر ظاهرة لها آثارها السلبية مادياً ونفسياً».
«هيئة المهندسين»: «تدهور واهتراء» تهدد سلامة المبنى
أرجع المتحدث باسم الهيئة السعودية للمهندسين، المهندس عبدالناصر سيف العبداللطيف، ظهور التصدع أو التشقق إلى ما أسماه بـ«التدهور الذي يحصل في وضع البناء من تكسر أو اهتراء أو تآكل أو انخفاض في المتانة أو أي مظاهر الضعف الأخرى التي تهدد سلامة المبنى الإنشائية وصلاحيته»، موضحاً أن المباني السكنية أو التجارية تتعرض للتصدعات والتشققات بعد ساعات أو أيام أو أسابيع أو شهور من تنفيذ المبنى.
وقال العبداللطيف لـ«عكاظ» إن هناك تصدعات هيكلية ناتجة إما عن هبوط في التربة أو عجز أجزاء من الهيكل الإنشائي أو كلها عن حمل الأحمال الساقطة عليها، أو سوء في تركيب أو تصميم أو تنفيذ المباني المكونة للهيكل، كذلك هناك تصدعات قشرية غير هيكلية وتكون ناتجة إما عن عدم انسجام مواد البناء مع بعضها من ناحية التمدد والتقلص أو نتيجة لسوء مواد التشطيب مثل التلييس والبوية وغيرها.
ولخص ظواهر التشققات والتصدعات في المساكن في عدة جوانب قائلاً «منها التشققات الناتجة عن قوى شادة مطبقة على العنصر الإنشائي، والتشظي وهو تكسر يحصل في جزء من العنصر الإنشائي نتيجة تعرضه لقوى ضاغطة، والتحلل الكيميائي، أو التآكل، وهو تفتت يحصل في مادة العنصر الإنشائي نتيجة تفاعلها مع مواد كيماوية موجودة في الوسط المحيط بها، وترخيم كبير في العناصر الأفقية يجعل استعمالها غير ممكن، وميلان كبير في البناء يمنع استثماره بالشكل الأمثل، نتيجة انضغاط التربة تحت جهة من البناء أكثر من الجهة الأخرى بسبب عدم تجانس تربة التأسيس تحت البناء، أو بسبب عدم انتظام الإجهادات المطبقة على تربة التأسيس».
وأضاف «هناك أسباب ناتجة عن فكرة البناء وهي مجمل فكرة الإنشاء التي تقوم على الأحمال التي يتحملها البناء من نقطة تطبيقها حتى تربة التأسيس، ومن أشهر أخطاء التصميم عدم التقدير السليم للأحمال والقوى، وسوء تصميم مقاطع العناصر أو وصلاتها، وتفصيلات التصميم الضعيفة، وعدم توافق التصميم مع طبيعة تربة التأسيس، وهناك أسباب ناتجة عن خطأ في التنفيذ».