أخبار

عهد جديد وأوروبا أكثر المتخوفين .. أردوغان يطوي صفحة أتاتورك

عبدالله الغضوي (إسطنبول)

طالما حاجج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الدول الأوروبية المتخوفة من عملية الانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، بقوله: في فرنسا نظام رئاسي وفي أمريكا نظام رئاسي، فلماذا حلال عليهم حرام على تركيا. إلا أن هذه الحجة لا تبدد مخاوف الدول الأوروبية من ظهور نظام سلطوي مجاور لها. القلق الأوروبي نابع من خشية ممارسة الرئيس السلطات التنفيذية بمفرده، ما يتيح له «في غياب أي رقابة تعيين أو إقالة الوزراء وكبار المسؤولين»، بل إن المخاوف تكمن في أن هذه التعديلات الدستورية ستمنح الرئيس سلطة حل البرلمان لأي ذريعة ستكون مناقضة للأنظمة الرئاسية الديموقراطية. وبالطبع مثل هذا النوع من الحكم سيلقي بظلاله على العلاقات التركية - الأوروبية على المستوى السياسي، في ما يتعلق بمشروع الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، أو على المستوى الاقتصادي فيما يتعلق بالتبادل التجاري الضخم مع أوروبا.

ولقد التفت وزير الخارجية التركي مولود أوغلو إلى القلق الأوروبي حول الاستفتاء، وقال في حشد جماهيري واسع في أنطاليا، إن تركيا صمام أمان أوروبا، لذا يجب أن ينظروا إلينا على أننا أصدقاء. وهو ذاته الوزير الذي قاد حملة التصعيد ضد ألمانيا وهولندا الشهر الماضي، حين رفضت تنظيما جماهيريا دعما للاستفتاء.

من الناحية السياسية العملية، أردوغان شخص لا يفضل العمل وفق الائتلافات السياسية، بل يهوى العمل وفق التفويض السياسي، وقد اعترف في أكثر من مرة أن مشكلة تركيا تكمن في الحكومات الائتلافية التي تعيق عمل الحكومات، وبالتالي النظام الرئاسي سيمنحها قدرة على القرار والاستقرار. إن دفع الرئيس التركي باتجاه النظام الرئاسي، سيفتح أبواب التحديات ضد تركيا الجديدة، ليس فقط في المواجهة مع أوروبا، بل حتى في الداخل التركي، ذلك أن أحد الانتقادات لهذا النظام هو عدم تأهيل المجتمع التركي لمثل هذا النوع من الحكم، الذي يشكل قطيعة مع التاريخ التركي الحديث من تأسيس الجمهورية العلمانية 1923 على يد مصطفى كمال أتاتورك.إن أكثر من 50% تكفي أردوغان لتشديد صلاحياته الرئاسية، وتحويل تركيا إلى عهد جديد يختلف تماما عن تركيا «الأتاتوركية». ففي تركيا اليوم الكل يتساءل؛ لو كان أتاتورك حيا هل سيصوت بـ«نعم» أم «لا»؟. ولعل هذا التساؤل من أكثر ما تواجهه الحياة السياسية التركية.