الناس

المصريون يأكلون نصف مليون طن فسيخ في شم النسيم!

أبناء الجالية المصرية يحتفون بدخول الربيع على استحياء

حدائق القناطر الخيرية تضج بالأسر المصرية احتفاء بشم النسيم.

حسام الشيخ (جدة)

hussamalshikh@

لم تمنع أحداث التفجيرات الأخيرة المصريين من الاحتفاء بشم النسيم منتصف الأسبوع الماضي، الموافق 17 أبريل من كل عام، رغم موجة ارتفاع الأسعار التي تجتاح المواد الغذائية، ما أدى إلى ارتفاع فاتورة استهلاك الفسيخ والرنجة والملوحة إلى نحو 40 مليون جنيه، في وقت وصل فيه سعر كيلو الفسيخ إلى 200 جنيه؛ ما يعني أن تكلفة وجبة واحدة تستنفد نحو ثلث راتب الموظف المصري.

وفي وقت احتفى فيه أبناء الجالية المصرية في المملكة بهذا اليوم بشراء كميات كبيرة من الأسماك المملحة (الفسيخ والرنجة) لارتباطها بدخول شهر الربيع، وآثروا أن يتناولوا هذه الوجبة داخل بيوتهم، حتى لا تعبق الأجواء برائحة الفسيخ المملح، أغلقت القنصلية المصرية بجدة أبوابها باعتباره يوم عطلة رسمية، فيما حرص المصريون في مختلف المحافظات المصرية على الخروج إلى الحدائق العامة والشواطئ للاستمتاع بالأجواء الربيعية، حاملين البيض الملون والفسيخ والرنجة والملانة (الحمص الأخضر)، بعدما ضخت وزارة التموين المصرية ما يزيد على 500 ألف طن أسماك مملحة، خلال اليومين الماضيين، في الأسواق المصرية لتلبية حاجات المصريين في شم النسيم، باعتباره إحدى العادات الفرعونية التي يزيد عمرها على 7 آلاف عام. ويوضح الخبير المصري الأثري عبدالرحيم ريحان أن الأسماك المملحة كانت غذاء تقليديا للمصريين القدماء، منذ عهد الأسرة الفرعونية الخامسة، لإيمانهم بأن الحياة على الأرض بدأت في الماء، ويعبر عنها بالسمك الذي تحمله مياه النيل، وقد ذكر المؤرخ الإغريقي هيرودوت أن قدماء المصريين يرون أن أكل السمك المملح مفيد في وقت معين من السنة، ما أدى إلى توارث المصريين هذه العادة على مر العصور. وقد كشفت دراسة حديثة أعدها خبير الإدارة العامة والمحلية استشاري تطوير المناطق العشوائية حمدي عرفة، أن حجم ما ينفقه المصريون سنويا على هذه الوجبات خلال فصل الربيع بصفة خاصة يراوح بين 15 و 18 مليار جنيه.

وأكد ريحان أن الاحتفال بشم النسيم لا علاقة له بأي دين، فهو تقليد مصري قديم احتفل به قدماء المصريين، حيث تتجدد الحياة، لاعتقادهم بأن هذا اليوم هو بدء خلق العالم، وقد سجل على جدران المعابد أن المعبود رع يقوم في ذلك اليوم بالمرور في سماء مصر داخل سفينته المقدسة ويرسو فوق قمة الهرم الأكبر وعند الغروب، يبدأ رحلته عائدا للأرض صابغا الأفق باللون الأحمر رمزا لدماء الحياة، مضيفا أن قدماء المصريين منذ عام 2700 قبل الميلاد، حددوا بداية الربيع بميعاد الانقلاب الربيعي، وهو اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار وقت حلول الشمس في برج الحمل.