كتاب ومقالات

الناتج المحلي للقطاع الخاص

عيسى الحليان

يقسم نظام المحاسبة في وزارة المالية الناتج المحلي في المملكة إلى قسمين: الناتج المحلي الإجمالي للنفط والغاز، والناتج المحلي غير النفطي، وينطوي أسلوب احتساب الناتج المحلي للقطاع الخاص على جدل واسع، حيث يرى الدكتور عبدالعزيز الدخيل وكيل الوزارة السابق أن السبب وراء تبني وزارة المالية لهذا التصنيف المزدوج هو خلق صورة محسنة للناتج المحلي الإجمالي للقطاع الخاص، وذلك بإضافة الناتج الإجمالي الحكومي إلى الناتج المحلي للقطاع الخاص، إذا اعتبرنا أن إجمالي هذا الناتج الوطني يتكون أصلا من هذه الأضلاع الثلاثة، ويرى أن مثل هذا التصنيف «مضلل»؛ لأنه يعطي انطباعا بأن الاقتصاد قد حقق مستوى مرتفعا من التنوع، في حين أنه مايزال يعتمد على النفط بشكل متزايد، ويستشهد بذلك على التحليل الذي أجراه صندوق النقد الدولي، وتوصل من خلالها إلى أن زيادة 1% في إجمالي مصروفات الميزانية قد يحقق 0.5% زيادة في الناتج المحلي للقطاع الخاص (!!) كما يشير في دراسته إلى تقرير صندوق النقد الدولي الذي ربط العلاقة القوية بين المصروفات الحكومية والناتج المحلي للقطاع الخاص، وتوصل تبعا لذلك إلى نتيجة مؤداها أن 40% إلى 60% من الناتج المحلي الإجمالي للقطاع الخاص ناتج عن المصروفات الحكومية ذاتها، وهو ما ينبغي أصلا خصمه من الناتج المحلي الإجمالي للقطاع الخاص، وإضافته للناتج المحلي الحكومي، وفي مثل هذه الحسبة فإن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للقطاع الخاص سوف ينخفض هنا من 29.6%، كما جاء في حسابات وزارة المالية إلى 14.8% فقط في سنة مالية عشوائية (2010) والفارق في هذه الحالة ليس 5-10% وإنما يتعدى حاجز الـ100%، إضافة إلى ذلك، فإن الباحث يشير إلى أنه قام بتعديل الناتج المحلي الإجمالي للقطاع الحكومي بطرح مساهمة المصروفات الحكومية من الناتج المحلي الإجمالي للقطاع الخاص، وإضافتها إلى الناتج المحلي الإجمالي الحكومي، وهو ما كان يعني إضافة 50% للناتج المحلي الإجمالي الخاص في نفس السنة، وبالتالي تصبح نسبة الناتج المحلي الإجمالي الحكومي بعد التعديل 85.2% من الاقتصاد السعودي بدلا من 19.2، وهو الرقم الذي تشير إليه الجهات الحكومية وفقا للباحث، ومثل هذا المنحنى الحدي قد يعطي للرأي العام انطباعا خاطئا بأن السياسات الاقتصادية قد أحرزت خلال العقود الماضية تقدما في تطوير بنية القطاع الخاص خارج إطار الاقتصاد الحكومي، وأورد هذا النموذج كمثال على جملة من المعايير والمؤشرات الكثيرة التي تعتمدها الجهات الحكومية، لتحسين الصورة العامة في الوقت الذي تنطوي على جدل واسع في أساليب وطرق احتسابها.