كتاب ومقالات

حديث MBS.. والانحياز للناس !

محمد الساعد

بعد أقل من يومين على الحوار المطول الذي أدلى به مهندس الإصلاحات الاقتصادية في السعودية، ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تعلن المملكة بالخط العريض، عن تجاوز أزمتها الاقتصادية الخانقة، التي استمرت أقل من عامين عبر حزمة من القرارات الجريئة.

وهي التي توقع خبراء الاقتصاد، خاصة في البنك الدولي، استمرارها لعشر سنوات قادمة، مع مؤشرات تفاؤل ضئيلة، ستبقي الإصلاحات الاقتصادية في السعودية مطلبا ملحا، ولن تستطيع الرياض تجاوز أية أزمات قادمة ما لم تكمل برنامجها للتحول الوطني ورؤية 2030، هذا أمر مفروغ منه ويجب على الجميع تقبله، فمستقبل الوطن أهم من كل الأوجاع.

في الحديث غير المرتب للصحفي «ديفيد إيغناتيوس» في الواشنطن بوست، الذي كان مرافقا لوزير الدفاع الأمريكي خلال زيارته للمملكة الأسبوع الماضي؛ قال الأمير محمد بن سلمان، والذي يختصر اسمه في الإعلام الغربي بـ«MBS».

«إن الشرط الأساسي والجوهري للإصلاح هو رغبة الشعب في التغيير»، مضيفا: «الأمر الأكثر إثارة للقلق هو إذا ما كان الشعب السعودي غير مقتنع، وفي حال كان الشعب السعودي مقتنعا فعنان السماء هو الحد الأقصى للطموحات».

الأوامر الملكية التي صدرت عشية أمس الأول (السبت) فعلت ما قاله الأمير تماما، فهي انحازت بالكامل للناس، وأكدت أن الدولة عندما تحسن الاقتصاد، لامست أهلها وشعبها، بقي فقط أن ينحاز المواطن هو الآخر لكل البرامج الإصلاحية، التي ستقوده لعنان السماء كما وعد الأمير.

الأمير محمد بن سلمان، كان قد قال قبل أسابيع إن حزمة من المشاريع الضخمة سيتم إطلاقها نهاية العام، وهي أيضا قادرة على التأثير عميقا في السوق.

الوصفة الاقتصادية قامت على ثلاثة محاور؛ شد الحزام حتى نتجاوز الأزمة، ضخ الأموال في جيوب السعوديين من جديد مع أول تحسن في الإيرادات، وإطلاق المشاريع التي ستعيد الاقتصاد لحالة التوازن.

قبل أشهر فقط، أثار مناضلو الغبار، وفواتير المياه، ومدعو «الحكوكية» الرأي العام، ضد برامج الإصلاحات، ودفعوا به إلى أقصى درجات الخوف.

ولنتعرف عليهم أكثر، فهم مجموعة من الاقتصاديين الجدد، الذين يعتقدون أن الاقتصاد هو جلسة عصر في مقهى، يتم خلالها تبادل تغريدات نقد برامج الإنقاذ، لتحقيق شعبية على حساب الوطن، وزيادة عدد المتابعين في وسائل التواصل.

المناضلون إياهم، لم يتركوا برنامجا، ولا قرارا، ولا مشروعا، ولا خطة، إلا وشككوا بها، فدفعوا الناس دفعا، لأخذ موقف معاد وسلبي منها.

هم إما مفصولون من أعمالهم، وبالتالي أصبح هدفهم الحقيقي الانتقام، ليس من الشركة أو الهيئة التي استغنت عن خدماتهم، بل من الوطن كله، وآخرون هم في الأساس حركيون ينفذون أجندات أجنبية دولية لتنظيم يعادي المملكة، والآخرون شعبويون يبحثون فقط عن الإثارة وصدقوا أنفسهم أنهم مناضلون وحكوكيون.

لقد عانى الشعب من ويلاتهم لمدة سنتين وأكثر، ودفعوا بالناس إلى أقصى درجات الإحباط، والخوف، مع اليقين أنهم أخذوا كل تحليلاتهم البائسة، وتحريضهم من مستويات متدنية من المعرفة، فسهل جدا أن تهاجم وتتهم، سيتحقق لك شعبية بلا شك لكنها شعبية بلا ضمير.

حري بالناس أن لا يصدقوهم مرة أخرى، فالوطن وقادته أبقى من قليل من الآلام التي تصادف الأمم، والسعودية مثلها مثل غيرها معرضة لهزات اقتصادية، وأمنية لن تتجاوزها إلا بالحكمة والثقة المتبادلة.