كتاب ومقالات

ليته قال شيئا آخر!

أفياء

عزيزة المانع

تناول بعض البرلمانيين النرويجيين، وضع المرأة في المملكة بالانتقاد، مركزين على أمرين بارزين: كون المرأة تعيش تحت ظل سلطة الرجل باسم (الولاية)، وكونها تُمنع من قيادة السيارة. وذلك في نظرهم كافٍ للتعبير عن اضطهاد المرأة في المملكة وحرمانها من حقوقها المشروعة عالميا.

كانت الادعاءات النرويجية ضد وضع المرأة في المملكة حادة، وفيها تجاوز كبير للحقيقة، فهي وإن اعتمدت على بعض الحقائق، إلا أنها انطلقت بعيدا عنها لتتجاوز الواقع الفعلي لأسلوب حياة المرأة في المملكة، مما دعا السفير في النرويج إلى نشر مقال له في صحيفة نرويجية يرد فيه على تلك الادعاءات، ويوضح موقف المملكة من حقوق المرأة.

لكني لا أظن أن سعادة السفير وفق في صياغة رده على تلك الادعاءات، فأهم عوامل الرد الناجح أن يكون الخطاب مقنعا للعقول، منطقيا في حججه التي يوردها، لكن رد السفير لم يكن كذلك!

وما أراه أضعف رد السفير وقوعه في أمرين: أحدهما ربطه بين أسلوب حياة المرأة في المملكة والدين الإسلامي، وذلك بالقول إن «وضع المرأة ينطلق من رؤية إسلامية»، فهذا الربط يشوه صورة الإسلام، لأننا جميعا نعرف أن أغلب ما تتعرض له المرأة في المجتمع من أوضاع التضييق والحجر، ناجم عن الثقافة المجتمعية وليس عن الأحكام الشرعية، لذا يكون ربطه بالدين فيه تشويه له لا يليق بنا.

والأمر الآخر، هو ابتعاد الرد عن التعامل مع الوقائع كما هي، وميله إلى التمويه، كالقول إن (ولاية الرجل هي لحماية المرأة من العناصر السيئة وليس لسلب حريتها)! أو قول «إذا لم تستطع المرأة القيادة فإن لها الحق في أن تستعين بسائق خاص»!

ومثل هذه الأقوال، إن اقتنع بها بعض الناس في مجتمعنا، فإنها من المستبعد أن تقنع قراء الصحيفة النرويجية، الذين يهدف الرد إلى إقناعهم، فمن المهم مخاطبتهم حسب مفهومهم للحقوق والحريات للوصول إلى رد مقنع.

ولعله من نافلة القول، أن ليس أفضل للإقناع من عرض الواقع برمته كما هو، فمن الحقائق التي لا تنكر وليس فيها تجاوز على الإطلاق، أن المرأة في المملكة حققت في السنوات الأخيرة إنجازات عريضة على مستوى التعليم والعمل والإسهام في الحياة العامة، وصارت الآن تحتل مناصب قيادية عليا ترأس فيها الرجال، ومناصب سياسية تشارك فيها في وضع التوصيات، وكل ذلك ثمرة الإصلاحات الأخيرة التي حصلت عليها المرأة، وما زالت هناك إصلاحات أخرى كثيرة تنتظر المرأة طرحها خلال الأيام القادمة، ومنها النظر في هاتين المشكلتين المتعلقتين بولاية الرجل على المرأة وقيادة السيارة.

ليس عيبا أن تعترف المملكة بوجود هاتين المشكلتين الاجتماعيتين المتعلقتين بحقوق المرأة، ولا يضيرها في شيء أن تشير إلى أنها تدرس سبل إيجاد حل لهما.

ليس أجدر بكسب الثقة من الاعتراف بالحقائق وعدم التهرب منها بالنفي والإنكار أو التمويه.