فلول (1979) وشيطنة «الترفيه»
الجمعة / 09 / شعبان / 1438 هـ الجمعة 05 مايو 2017 01:33
خالد عباس طاشكندي
@khalid_tashkndi
لم تهدأ الجلبة والحملات «التويترية» وعبر «الواتساب» وغيرها من وسائل التواصل الافتراضي ضد «هيئة الترفيه» والواضح فيها أنها مفتعلة عن عمد وإصرار وترصد منذ نشأتها في مايو 2016 وحتى اللقاء الأخير لرئيس الهيئة مع وكالة رويترز، إذ يبدو جلياً أن هذه الزوبعة تسعى بشكل دؤوب إلى تشويه أهداف الهيئة ورسالتها ورؤيتها، لأسباب ومبررات خبيثة تحركها على الأرجح معاول هدم خارجية، والغرض والغاية والأهداف هي حجب هذه الأنشطة الترفيهية وبالتالي ضرب الجهود القائمة لتحقيق الأهداف التنموية لرؤية المملكة 2030 والتي يعد قطاع الترفيه إحدى ركائزها.
القضية في ظاهرها، توحي بأن هناك فئات من المجتمع لديها نزعة فطرية نحو «مقاومة التغيير»، وهي ذات الفئات التي قاومت دخول الأطباق اللاقطة وكاميرا الجوال ووقفت ضد تأنيث المحلات النسائية وعمل المرأة بشكل عام، وما إلى ذلك من قضايا وظروف معاصرة تفرض وتستوجب علينا مجاراة متطلبات الزمن الذي نعيشه، ومن بين هؤلاء من يروج لمبررات وآراء متشددة بالغة التطرف وهي متجذرة داخل مفاصل المجتمع السعودي على مدى العقود الأربعة الماضية ومتفرعة من منهجية الجماعة السلفية المحتسبة «الجهيمانية» التي تطورت أفعالها الإجرامية والإرهابية وأفضت إلى احتلال الحرم المكي كرد فعل على اندلاع شرارة «الثورة الخمينية» عام 1979 وأفرزت لنا جهيمان وزمرته الباغية التي قضي على أفرادها وظلت أفكارهم المتطرفة جاثمة على المجتمع في ظل وجود حواضن بيئية واجتماعية تبقي الروح في هذه الأمراض الفكرية وتعيد إنتاجها لنا من حين إلى آخر، مثل البطالة والفساد والمخدرات والتأجيج الطائفي وضعف هيكل البناء الثقافي والتفكك الأسري والفقر والغلاء المعيشي.. إلخ.
ولهذا السبب نجد أن الادعاءات المغرضة حول مفهوم «الترفيه» بأنه في مجمله يثير الشبهات وسوف يكون مدخلاً لإفساد مجتمعنا المحافظ، كانت الطريقة السحرية التي تستخدمها بعض الجهات المجهولة في الفضاء الافتراضي لتجييش الكثير من العوام واقتيادهم لشن حملات إلكترونية خصوصاً في «تويتر» لمهاجمة هيئة الترفيه وأنشطتها وتأجيج الرأي العام ضدها من خلال هذه التصورات والانطباعات الخاطئة والمغلوطة عن الأنشطة الترفيهية، والتي من المحتمل أن بعض الجهات الخارجية تروج لها عن عمد وتنجرف خلفها فئات من المجتمع التي لديها جاهزية لتقبل هذه الطروحات الكاذبة بحماس دون أدنى إلمام وتقبل لسماحة الدين الإسلامي الذي يبيح الترفيه، فالإسلام شرع مبدأ الترويح عن النفس تخفيفاً لما تتحمله من تكاليف ومشاق ومراعاة لفطرة النفس البشرية التي تصاب بالملل والفتور وتحتاج إلى الترويح والترفيه لتستعيد نشاطها، ولهذه الأسباب لم يستطع هؤلاء القلة الذين يريدون فرض وصايتهم على المجتمع صد الأغلبية عن السفر إلى الخارج للترويح عن أنفسهم، حيث بلغ عدد السعوديين الذين قضوا إجازتهم في الخارج وفقاً لآخر الإحصائيات أكثر من 4 ملايين وأنفقوا 74 مليار ريال، وبلغ المتوسط السنوي لإنفاق السعوديين على السفر في الخارج 20 مليار دولار سنوياً، كما توقعت دراسة قامت بها شركة متخصصة في مجال السفر أن عدد المسافرين السعوديين إلى الخارج سوف يزداد بواقع ستة أضعاف عن الأعداد الحالية في العام 2030، أي ما يعني نحو 20 مليون شخص، وهو ما يؤكد واقعياً صحة ودقة مؤشرات قياس الرأي العام التي تحدث عنها الأمير محمد بن سلمان في لقائه مع ديفيد أغناتيوس في صحيفة «واشنطن بوست» الشهر الماضي، إذ ذكر أن مؤشرات مركز قياس الرأي العام أوضحت أن 82% من المواطنين يفضلون العروض الترفيهية في التجمعات العامة.
هذه الأرقام والإحصاءات لا تكذب، وتعكس الواقع الحقيقي للأكثرية المعتدلة في المجتمع السعودي التي تقبل بشراهة على الترفيه، وليس المؤشرات المغلوطة ومحاولات التأثير على الرأي العام في وسائل التواصل التي باتت ساحة للتآمر وتسطيح عقول النشء من خلال نشر الأكاذيب والشائعات والمعلومات الخاطئة والمحاولات البائسة لتضليل المجتمع وتجهيله وإثارة الفتن، مثل حساب «مجتهد» في تويتر الذي أصبح يتبعه قرابة 2 مليون متابع يتناقلون شائعاته وأكاذيبه المضللة دون معرفة من هي هذه الشخصية الوهمية ومن يقف خلفها، أما الحملات ضد الترفيه في «تويتر» فهي بالغة السطحية ومن الشواهد على ذلك، التساؤلات الساذجة التي أثارها البعض حول المقصد من التصريحات الإعلامية التي أدلى بها رئيس هيئة الترفيه لوكالة رويترز بأن الهيئة تسعى إلى توفير ترفيه مشابه بنسبة 99% لما يحدث في لندن ونيويورك، فهؤلاء إما فقدوا الثقة في الدولة أو يسعون عبثا إلى شيطنة «الترفيه» وفقاً لخيالاتهم وتأويلاتهم المريضة بأن الترفيه سيفضي إلى تقديم أنشطة محرمة، وهذا استخفاف بعقول البشر.
ولذلك.. ما يحاك ضد «الترفيه» يعطي دلالات بأنه جزء من مؤامرات خارجية وداخلية تسعى إلى تعطيل مشاريع الترفيه، وهذا يعني أن الدولة سوف تخسر استثمارات مشروعة تفوق عوائدها المتوقعة عشرات المليارات سنوياً في المستقبل القريب وآلاف الوظائف الكفيلة بالقضاء على البطالة والتخلص من قوقعة الاقتصاد الريعي والانطلاق نحو التنمية المستدامة.
ktashkandi@okaz.com.sa
لم تهدأ الجلبة والحملات «التويترية» وعبر «الواتساب» وغيرها من وسائل التواصل الافتراضي ضد «هيئة الترفيه» والواضح فيها أنها مفتعلة عن عمد وإصرار وترصد منذ نشأتها في مايو 2016 وحتى اللقاء الأخير لرئيس الهيئة مع وكالة رويترز، إذ يبدو جلياً أن هذه الزوبعة تسعى بشكل دؤوب إلى تشويه أهداف الهيئة ورسالتها ورؤيتها، لأسباب ومبررات خبيثة تحركها على الأرجح معاول هدم خارجية، والغرض والغاية والأهداف هي حجب هذه الأنشطة الترفيهية وبالتالي ضرب الجهود القائمة لتحقيق الأهداف التنموية لرؤية المملكة 2030 والتي يعد قطاع الترفيه إحدى ركائزها.
القضية في ظاهرها، توحي بأن هناك فئات من المجتمع لديها نزعة فطرية نحو «مقاومة التغيير»، وهي ذات الفئات التي قاومت دخول الأطباق اللاقطة وكاميرا الجوال ووقفت ضد تأنيث المحلات النسائية وعمل المرأة بشكل عام، وما إلى ذلك من قضايا وظروف معاصرة تفرض وتستوجب علينا مجاراة متطلبات الزمن الذي نعيشه، ومن بين هؤلاء من يروج لمبررات وآراء متشددة بالغة التطرف وهي متجذرة داخل مفاصل المجتمع السعودي على مدى العقود الأربعة الماضية ومتفرعة من منهجية الجماعة السلفية المحتسبة «الجهيمانية» التي تطورت أفعالها الإجرامية والإرهابية وأفضت إلى احتلال الحرم المكي كرد فعل على اندلاع شرارة «الثورة الخمينية» عام 1979 وأفرزت لنا جهيمان وزمرته الباغية التي قضي على أفرادها وظلت أفكارهم المتطرفة جاثمة على المجتمع في ظل وجود حواضن بيئية واجتماعية تبقي الروح في هذه الأمراض الفكرية وتعيد إنتاجها لنا من حين إلى آخر، مثل البطالة والفساد والمخدرات والتأجيج الطائفي وضعف هيكل البناء الثقافي والتفكك الأسري والفقر والغلاء المعيشي.. إلخ.
ولهذا السبب نجد أن الادعاءات المغرضة حول مفهوم «الترفيه» بأنه في مجمله يثير الشبهات وسوف يكون مدخلاً لإفساد مجتمعنا المحافظ، كانت الطريقة السحرية التي تستخدمها بعض الجهات المجهولة في الفضاء الافتراضي لتجييش الكثير من العوام واقتيادهم لشن حملات إلكترونية خصوصاً في «تويتر» لمهاجمة هيئة الترفيه وأنشطتها وتأجيج الرأي العام ضدها من خلال هذه التصورات والانطباعات الخاطئة والمغلوطة عن الأنشطة الترفيهية، والتي من المحتمل أن بعض الجهات الخارجية تروج لها عن عمد وتنجرف خلفها فئات من المجتمع التي لديها جاهزية لتقبل هذه الطروحات الكاذبة بحماس دون أدنى إلمام وتقبل لسماحة الدين الإسلامي الذي يبيح الترفيه، فالإسلام شرع مبدأ الترويح عن النفس تخفيفاً لما تتحمله من تكاليف ومشاق ومراعاة لفطرة النفس البشرية التي تصاب بالملل والفتور وتحتاج إلى الترويح والترفيه لتستعيد نشاطها، ولهذه الأسباب لم يستطع هؤلاء القلة الذين يريدون فرض وصايتهم على المجتمع صد الأغلبية عن السفر إلى الخارج للترويح عن أنفسهم، حيث بلغ عدد السعوديين الذين قضوا إجازتهم في الخارج وفقاً لآخر الإحصائيات أكثر من 4 ملايين وأنفقوا 74 مليار ريال، وبلغ المتوسط السنوي لإنفاق السعوديين على السفر في الخارج 20 مليار دولار سنوياً، كما توقعت دراسة قامت بها شركة متخصصة في مجال السفر أن عدد المسافرين السعوديين إلى الخارج سوف يزداد بواقع ستة أضعاف عن الأعداد الحالية في العام 2030، أي ما يعني نحو 20 مليون شخص، وهو ما يؤكد واقعياً صحة ودقة مؤشرات قياس الرأي العام التي تحدث عنها الأمير محمد بن سلمان في لقائه مع ديفيد أغناتيوس في صحيفة «واشنطن بوست» الشهر الماضي، إذ ذكر أن مؤشرات مركز قياس الرأي العام أوضحت أن 82% من المواطنين يفضلون العروض الترفيهية في التجمعات العامة.
هذه الأرقام والإحصاءات لا تكذب، وتعكس الواقع الحقيقي للأكثرية المعتدلة في المجتمع السعودي التي تقبل بشراهة على الترفيه، وليس المؤشرات المغلوطة ومحاولات التأثير على الرأي العام في وسائل التواصل التي باتت ساحة للتآمر وتسطيح عقول النشء من خلال نشر الأكاذيب والشائعات والمعلومات الخاطئة والمحاولات البائسة لتضليل المجتمع وتجهيله وإثارة الفتن، مثل حساب «مجتهد» في تويتر الذي أصبح يتبعه قرابة 2 مليون متابع يتناقلون شائعاته وأكاذيبه المضللة دون معرفة من هي هذه الشخصية الوهمية ومن يقف خلفها، أما الحملات ضد الترفيه في «تويتر» فهي بالغة السطحية ومن الشواهد على ذلك، التساؤلات الساذجة التي أثارها البعض حول المقصد من التصريحات الإعلامية التي أدلى بها رئيس هيئة الترفيه لوكالة رويترز بأن الهيئة تسعى إلى توفير ترفيه مشابه بنسبة 99% لما يحدث في لندن ونيويورك، فهؤلاء إما فقدوا الثقة في الدولة أو يسعون عبثا إلى شيطنة «الترفيه» وفقاً لخيالاتهم وتأويلاتهم المريضة بأن الترفيه سيفضي إلى تقديم أنشطة محرمة، وهذا استخفاف بعقول البشر.
ولذلك.. ما يحاك ضد «الترفيه» يعطي دلالات بأنه جزء من مؤامرات خارجية وداخلية تسعى إلى تعطيل مشاريع الترفيه، وهذا يعني أن الدولة سوف تخسر استثمارات مشروعة تفوق عوائدها المتوقعة عشرات المليارات سنوياً في المستقبل القريب وآلاف الوظائف الكفيلة بالقضاء على البطالة والتخلص من قوقعة الاقتصاد الريعي والانطلاق نحو التنمية المستدامة.
ktashkandi@okaz.com.sa