محطة أخيرة

«البلدوزر» قينان الغامدي.. رئيس الـ3.. بجرأة وثبات

عاد للتغريد بذات اللحن الذي غيبه

قينان الغامدي

خالد الجارالله (جدة)

kjrallah@

يتعدى مفهوم الصحافة لدى الإعلامي القدير قينان الغامدي حدود سلطتها التقليدية في تعميم المعرفة وتمثيل الرأي العام، إلى نحو جعلها في رأيه أكبر من ذلك بكثير، فهي بالنسبة له فرض أخلاقي لتقويم الأفكار وعقيدة إنسانية لصلاح المجتمعات، قوامه فيها المهنية الشجاعة والمكاشفة الصادقة مع كائن من كان وفي كل زمان ومكان.

فلم تأخذه في المهنية لَوْمَةُ لائمٍ، كان يجوب أزقة الحواري الضيقة وطرق القرى المتعرجة طيلة مشواره الصحفي محررا ورئيسا للتحرير، بذات الخطوات التي مشى بها على السجاجيد المخملية والممرات الفاخرة، حتى أن لغته الناقدة لطالما حركت الساكن هنا وأنطقت الصامت هناك، كونه لم يكن ليتورع عن سبر الدهاليز المغلقة صحفيا والبوح برأيه الصريح كاتبا، لأي سبب وتحت أي ظرف.

قينان الغامدي الذي عاد للتغريد من جديد وبذات اللحن الذي غيبه، احتفى زملاء قلم عاصروا تجربته وتلاميذ مهنة تعلموا على يديه بهذه العودة، في وقت يتأهب فيه «الصحفي الأستاذ» للمضي إلى محطة جديدة أكثر عصرية ومواكبة للإعلام الجديد.

مسيرة قينان الغامدي الإعلامية، غنية وثرية إلى حد أن الوقوف عندها يتطلب ثباتا خاصا ومرتقى عاليا، لملامسة سقف الإنصاف الذي يتماثل وسقف مهنيته الذي كان لا يقبل النزول عنه.

استقال وأُقيل وتوقف وأُوقف، لكنه بين هذا وذاك لم يكن الغياب يعرف طريقا إليه، وظل صامدا متواجدا على المشهد الإعلامي وحاضرا في كل تفاصيله وأحداثه.

واليوم لا يمكن أن يأتي الحديث على الصحافة الخليجية ورونقها العصري، دون أن نجيء على ذكر الصحفي العريق قينان الغامدي، فعلاوة على أنه عاصر حقبا صحفية متابينة الظروف والطرائق والأساليب، لم يكن ليبرح محطة مر عبرها دون أن يرسخ بصمته الخاصة وعلى طريقته التي أضحت مدرسة خاصة ينتمي لها كثيرون.

«أبو عبدالله» كان من المؤسسين لهيئة الصحفيين السعوديين والشاهدين على ميلاد فكرتها، وهو عضو اللجنة التأسيسية لها وعضو مجلس إدارتها في دورتيها الأولى والثالثة، يجير له الفضل في انطلاقة صحيفتين كبيرتين هما الوطن والشرق، والمساهمة في تأسيس بعض المشاريع الإعلامية الأخرى على مستوى الصحافة المكتوبة والمرئية.

وبحسب «ويكيبيديا» بدأ مشواره الصحفي عام 1980، مراسلا لصحيفة «عكاظ» في مكتبها في مدينة الطائف وتدرج في المناصب التحريرية حتى بات واحدا من ثلاثة نواب لرئيس التحرير، قبل أن يتسلم رئاسة تحرير صحيفة البلاد لمدة عامين ويحدث نقلة نوعية فيها، واختير ليكون أول رئيس تحرير لصحيفة الوطن وبقي فيها نحو 4 أعوام، ثم عين رئيسا لتحرير صحيفة «الشرق» ليتفرغ بعدها للكتابة الصحفية.

خاض قينان ولا يزال في كتاباته، معارك فكرية وإعلامية مع تيارات يرى أنها سبب للكثير من المشاكل في المجتمع، ومعطل أساسي لتقدمه وتطوره، متهما من استغلوا «الصحوة» بأنهم وراء كل ذلك، ولم يقف حدود جدله معهم عند مقالاته المكتوبة، بل وعبر حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي.