أخبار

رئيس سيراليون لـ«عكاظ»: علينا إطفاء حرائق «التطرف» قبل أن تلتهم بيوتنا

أقول للسعوديين: شكرا ًلكم فأنتم الأصدقاء وقت الضيق

الرئيس السيراليوني في حوار مع الزميل جميل الذيابي في جدة أمس الأول. (تصوير: مديني عسيري)

حاوره في جدة: جميل الذيابي

أكد الرئيس السيراليوني آرنست باي كروما أن بلاده لا تدعم الأنظمة التي تدعي الشرعية بفوهات البنادق في اليمن. وشدد على أن علاقات سيراليون مع السعودية «في تقدم مستمر، وتشهد تطورات إيجابية». وقال -في مقابلة أجرتها معه «عكاظ» في جدة أمس الأول- إنه أكد لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، خلال قمتهما بجدة، حرص سيراليون على مكافحة الإرهاب، وتعزيز السلم العالمي. وزاد أن التعاون مع السعودية لمواجهة الإرهاب سيفتح صفحة جديدة لشراكة نوعية بين البلدين. وشدد على دور بلاده في التحالف العسكري الإسلامي لمكافحة الإرهاب، مؤكداً استعدادها للوقوف مع قوات التحالف لدعم الشرعية والاستقرار في اليمن. وأثنى على الدعم الاقتصادي السعودي السخي لبلاده، وقال: أثره واضح في كل مكان بسيراليون... إلى تفاصيل الحوار.

• كيف تصفون العلاقات السعودية-السيراليونية في ضوء زيارتكم ولقاءاتكم مع القيادة السعودية؟

•• العلاقات بين سيراليون والمملكة في حال تقدم مستمر، ظلت طوال العقود الماضية تشهد تطورات إيجابية. ونحن حريصون على تقويتها في جميع الميادين السياسية، والاقتصادية، والاسستثمارية. وخلال زيارتي الحالية للمملكة، أعربتُ عن شكري وتقديري لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، لدعمه المتواصل لسيراليون، حكومة وشعباً، ووقوفه معنا في الظروف الصعبة التي مررنا بها، خصوصاً مساعدتنا للتصدي لوباء الإيبولا. ونحن نشكر الحكومة السعودية على ما قدموه لنا، ونثمن وقوفهم معنا.

ديناميكية المتغيرات العالمية

• ما أبرز الملفات التي تم النقاش فيها مع المسؤولين السعوديين؟

•• تناقشنا حول ديناميكية المتغيرات العالمية في بعض المناطق المهمة. ونحن الآن نواجه بعض المشكلات التي ترتبط بالإرهاب، والتطرف، وانعدام الأمن والاستقرار في عدد من دول العالم. وأكدت للقيادة السعودية حرصنا على مكافحة الإرهاب والسعي لإحلال الأمن وتعزيز السلم العالمي. كما أننا لا نزال نتعامل مع مشكلات التنمية، والفقر، ومكافحة الأمراض في بلادنا. ونحتاج أكثر مما مضى إلى مزيد من التعاون، والمشاركة من الدول لنتمكن من القضاء على الأزمات التي نواجهها. وناقشنا أيضاً مع خادم الحرمين الشريفين إمكان تقديم مساعدات لنا من صندوق التنمية السعودي، والبنك الإسلامي للتنمية، ومنظمة التعاون الإسلامي، وتعزيز سبل التعاون والمشاركة في الاستثمارات في سيراليون. وقد أبدى السعوديون استعدادهم للمساعدة، ونحن متفائلون بهذا الدعم في المرحلة القادمة.

لقاء ودي وحميمي

• بعد لقائكم الملك سلمان، كيف تنظرون إلى آفاق التعاون بين البلدين؟

•• كان اللقاء بالملك سلمان غاية في المودة والحميمية. ونتطلع إلى تعزيز التعاون في المجالات الأمنية، ومكافحة الإرهاب. وكما تعلمون فإنني قادم من منطقة متأثرة بالحرب ضد الإرهاب. وأنتم لديكم في الجوار الأزمة اليمنية، وهي قضية خطيرة. وأؤكد أن البلدين سيتعاونان بشكل فعال للمشاركة في مواجهة تلك القضايا بقوة. صحيح أن بلادي ليست متأثرة بالإرهاب بطريقة مباشرة، لكن الإرهاب أصبح قضية دولية، ومنتشرا في كل مكان. ونحن على أتم الاستعداد للتعاون والمشاركة مع المملكة، والدول الأخرى في مواجهة تلك الآفة الخطيرة التي تهددنا جميعا. وعلاقتنا ممتازة مع السعودية، وسنفتح صفحة جديدة لعلاقة وشراكة نوعية أفضل مستقبلاً في جميع الميادين.

مواجهة «بوكو حرام»

• هل هناك أي وجود لعناصر تنظيم «بوكو حرام» الإرهابي في سيراليون؟

•• ليس بطريقة مباشرة. حركة بوكو حرام موجودة في مالي ونيجيريا. لكنكم تعلمون أن أفرادها يمكنهم الانتشار في أي مكان، ولهذا يجب علينا مواجهة هذه المشكلة دولياً، وليس فقط على نطاق جهوي. ولهذا ندعو جميع دول العالم للتكاتف لإيجاد طرق فعالة لمواجهة الإرهاب، والتطرف المتخفي أينما كان.

• هل واجهتم أي نوع من الإرهاب من قبل تنظيمات متطرفة في بلادكم؟

•• لا. حتى الآن، لكننا على أتم استعداد لمكافحة أي وجود للإرهاب والتطرف. لأنك عندما تجد منزل جارك يحترق، فعليك بالإسراع لإطفائه قبل أن تنتقل النيران إلى منزلك.

• ماهي الملفات التي بحثتموها مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز؟

•• ناقشنا مع الأمير محمد بن نايف عددا من القضايا الإقليمية والدولية التي تهم البلدين، وسبل الدعم والتعاون بيننا، والقضايا التي تهم سيراليون بالتحديد مكافحة الإرهاب، ودعم التنمية، ومكافحة الفقر، والتنمية الزراعية، والخدمات الاجتماعية، والاستثمار. ونحن نتطلع إلى تعزيز أنشطة القطاع الخاص، فسيراليون لديها إمكانات استثمارية هائلة في جميع القطاعات.

دعم التحالف العربي في اليمن

• هل تدعمون جهود قوات التحالف العربي في استعادة الشرعية لليمن؟ وما هو موقفكم من ميليشيات الحوثي؟

•• هذه إحدى القضايا التي ندعمها فعليا. وسيراليون عضو في التحالف العسكري الإسلامي لمحاربة الإرهاب. وأعلنا استعدادنا للمشاركة في إنهاء المشكلة في اليمن. ونحن ندعم الشرعية في اليمن، ولا ندعم السلطة التي تأتي بفوهات البنادق لزعزعة الأمن.

نرفض التدخلات الإيرانية

• إيران تتدخل دائما في شؤون البلدان الأخرى، خصوصا جيرانها. وتساهم في زعزعة الأمن والاستقرار أينما حلت. ما هو موقفكم منها؟

•• هناك بعض القضايا التي عادة ما تكون لها أبعاد دولية. فنحن كدولة صغيرة إذا واجهتنا مشكلة مثل تلك، لدينا محافل دولية نعمل من خلالها، خصوصا عندما تكون هناك مشكلة في محيطنا، فنحن نتوجه إلى المنصات الإقليمية، ومن ثم إلى القارية، وبعد ذلك نتوجه إلى الأمم المتحدة. ولكننا كدولة لها علاقات وطيدة وصداقة متينة مع المملكة، فإن موقفنا يحتم علينا مساندتها دولياً، والوقوف معها في مواجهة قضاياها. ونؤكد أن مواقفنا متطابقة مع المملكة، ونؤيد القرارات المنبثقة عن المنظمات الدولية كالأمم المتحدة، ومجلس الأمن، التي تدعم سياسات السعودية وتوجهاتها.

• زرتم القاهرة العام الماضي واجتمعتم بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي. ما أهم نتائج تلك الزيارة؟

•• كانت زيارة رائعة ومهمة. والعنوان الرئيسي للقاء كان تلخيصاً لانتداب اتحاد دول أفريقيا لي كرئيس لـ«لجنة العشرة الأفريقية» المعني بإصلاح الأمم المتحدة، وتمثيل عادل للقارة الأفريقية في مجلس الأمن، وإعادة التوازن للتمثيل الجغرافي بالمجلس، وألا يكون قرار الفيتو حصراً على الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن. وأيضاً تناول اللقاء مع الرئيس السيسي تعزيز العلاقات المشتركة بين البلدين.

حقبة الحرب الأهلية انتهت

• ماذا عن الحرب الأهلية التي عصفت بسيراليون سنوات؟ هل زالت تماماً أم لا تزال هناك بعض المشكلات في البلاد؟

•• أؤكد لك أن الحرب انتهت تماماً في بلادي، ولم يعد لها وجود على الإطلاق. وللأسف مررنا بفترة حرب أهلية لا معنى لها، وغير منطقية، لأنه في النهاية لم يتحقق شيء من تلك الحرب، سوى الدمار والتخريب. 11 عاماً من القتال منذ 1990 إلى 2002 كلفت البلاد الكثير من الأرواح والممتلكات، لكن البلاد سرعان ما استطاعت ترتيب أوضاعها الداخلية لتقف على أقدامها ثانية. ولمعلوماتكم ففي 2014 حصلنا على المركز الثاني كأسرع نمو اقتصادي، ولكن للأسف في العام نفسه انتشر وباء الإيبولا في البلاد، وعانينا من فترة عصيبة آنذاك. ونحن في الوقت الحاضر نتمتع ببيئة خالية تماماً من ذلك الوباء. واستطعنا تأهيل المستشفيات والمدارس من جديد بفضل الدعم الذي حصلنا عليه من قبل أصدقائنا من الدول وعلى رأسها السعودية. وأحد أهداف زيارتي طلب المزيد من الدعم لسيراليون بعد المعاناة التي مرت بها خلال تلك الحقبة.

• كيف كان الموقف السعودي من مطالبكم خلال هذه الزيارة؟

•• كما ذكرت فإن السعودية كانت ولا تزال تدعمنا من خلال مؤسساتها، التي تساهم في دعم اقتصادنا بشكل كبير. وتعتبر المملكة ثالث أكبر الدول الداعمة لنا. وهي داعم سخي لنا في التنمية في أرجاء البلاد، في مشاريع البنية التحتية، وقطاعات الخدمات الاجتماعية، والزراعية. والدعم السعودي واضح في كل مكان في سيراليون.

• هل توجد في سيراليون استثمارات سعودية؟

•• هذه هي إحدى القضايا التي تمت مناقشتها خلال زيارتي، ووجدت تجاوبا كبيرا من المسؤولين السعوديين. في الماضي عانينا من الحرب الأهلية، وبعدها انتشر مرض الإيبولا، لذلك لم يكن لدينا أي مستثمر سعودي للأسف. ونحن نتطلع للاستثمارات السعودية في بلادنا بشكل كبير. ففي بلادنا إمكانات استثمارية واعدة، ففي المجال الزراعي لدينا أراض خصبة، ووفرة في الأمطار على مدار العام. وتحتاج تلك الأراضي إلى استثمار مناسب. ولدينا مناطق سياحية جذابة، إضافة إلى ميزة الاستثمار في تكنولوجيا الاتصالات والمعلوماتية. ونحتاج أيضاً إلى مستثمرين في برامج البنية التحتية، والطاقة والمياه. وهذه كلها إمكانات متاحة للاستثمار لدينا. ولهذا السبب تواصلنا مع عدد من رجال الأعمال والغرف التجارية في المملكة، لزيارة سيراليون، من خلال إرسال وفد لاستكشاف المناطق المتاحة للاستثمار. وأنا متأكد أنه في نهاية الأمر ستكون هناك شراكة استثمارية.

• العالم الآن أصبح قرية صغيرة. والقضايا التي تؤثر على أي بلد، تتأثر بها البلدان الأخرى...

•• صحيح. العالم الآن أصبح أكثر ترابطاً مما مضى. وعلى سبيل المثال، عندما أصيبت دول غرب أفريقيا، ومن ضمنها سيراليون، بوباء الإيبولا، تأثرت سريعاً دول العالم الأخرى، بسبب سرعة تنقل الأشخاص بين دول العالم.

القضية السورية، وقضية بوكو حرام، وداعش، والقاعدة، تؤثر علينا بطريقة مباشرة وغير مباشرة.

ولذلك يجب علينا أن نعمل بجد لتعزيز العمل الجماعي، للتخفيف من تأثير تلك القضايا علينا جميعاً. وإلا فإن العالم كله سيكون في خطر، وسيؤثر ذلك على الجميع.

• كيف هي علاقتكم بالدول الأفريقية الأخرى خصوصاً جيرانكم مثل مالي ونيجيريا؟

•• علاقتنا ممتازة جداً، كأعضاء في الاتحاد الأفريقي، ولدينا علاقات مشتركة للتعاون في شتى المجالات وندعم بعضنا في القضايا التي تواجهنا. وقد دعمنا مالي بقوات لمساعدتها في حربها ضد الإرهاب. ولدينا عدد من الجنود أيضاً يشاركون ضمن قوات الأمم المتحدة الداعمة للسلام في الصومال، ولدينا جنود ضمن قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب لبنان.

زيارة ترمب للسعودية مهمة

• السعودية ستكون أول بلد يزوره الرئيس الأمريكي دونالد ترمب. كيف ترون هذه الزيارة؟

•• نحن كذلك نتطلع إلى لقاء الرئيس ترمب من خلال الدعوة التي وجهت إلينا للاجتماع معه في المملكة في القمة الإسلامية التي تضم قادة الدول الإسلامية. وسندعو خلال تلك القمة إلى تفعيل دور التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب. لأنه لا سبيل للتطور والتنمية في حالة عدم الاستقرار وعدم وجود الأمن.

• ما هو انطباعكم بعد فوز إيمانويل ماكرون بالرئاسة الفرنسية، وكونه أصغر رئيس فرنسي؟

•• نحن ندعم الإجراءات الديموقراطية. ونؤمن بأنها مسؤولية الشعب لتحديد مستقبله. الشعب الفرنسي قرر، وهذا القرار يجب أن يحترم، ويدعم دولياً. وفوز ماكرون تطور مرحب به، خصوصا أن يكون لدينا شبان يدخلون المضمار السياسي. وأنا كرئيس أؤمن بشدة بإعطاء النساء والشباب مساحة للمشاركة في تنمية بلدانهم. وهذا ما يحصل في بلادي. وأقول بكل فخر إن لدي العديد من النساء والشباب يشاركون ضمن حكومتي في كل الوظائف، كوزراء، وسفراء، ومسؤولين كبار، أكثر من أي حكومة كانت في الماضي. وهم يقدرون ذلك ويحبون عملهم، ويرونها فرصة لإثبات قدراتهم. وهؤلاء هم قادة المستقبل. وترونهم معي هنا ضمن الوفد المرافق لي. ومنهم سفراء شبان تم تعيينهم لدى الأمم المتحدة.

• كيف تصفون علاقة سيراليون ببريطانيا؟

•• إنها علاقة ممتازة وقوية، وهم داعمون دائمون لسيراليون. وعلى سبيل المثال، قدموا لنا دعماً جيداً خلال مكافحتنا لمرض الإيبولا. واستمروا في الدعم حتى بعد القضاء على الوباء.

• وأنتم تغادرون المملكة.. ماذا تقولون؟؟

•• شكراً لكم لإتاحة الفرصة للحديث للرأي العام السعودي عبر صحيفتكم. وأؤكد لكم أن زيارتي للمملكة كانت ناجحة بكل المقاييس، والسعودية دائماً صديقة لسيراليون. والسعوديون دائماً يقفون إلى جانبنا، وهم داعمون لبلادنا على الدوام، في كل ما نحتاجه، وهم أصدقاء حقيقيون، ولهذا السبب أنا هنا لأقول لهم شكراً، فأنتم الأصدقاء الذين نجدكم كلما احتجنا إليكم. وأتطلع خلال زيارتي القادمة للقاء ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز الذي سمعت عنه كثيراً.