ثقافة وفن

«قبلة جَدّه» قصيدته الأولى.. العلي يقرأ أحلامه المثلى

أحمد العلي

«عكاظ» (جدة)

okaz_culture@

اكتشفه جده، قرأ الشاعر والمترجم أحمد العلي قصيدته الدينية بـ«يأس قاتل»، كان مرتعشاً حينها، نهض الجد ضاحكاً، وانحنى مقبلاً حفيده وقال له «لم أفهم كل ما قلته، ولكنني سآخذك إلى من يفهم». كان يأسه مبرراً، إذ يتذكر العلي أنه عرض على أستاذ اللغة العربية في المرحلة الثانوية نصوصاً دينية، قرأها المعلم بصمتٍ، ثم هز رأسه، ومرر الورقة على الطلاب «كي تصل إليّ تصل إليّ في الخلف، ثم غادر الفصل». لم تكن هذه المرة الأولى التي تسلل الإحباط إلى جسد ابن الظهران، فقد حاول أن يعرض قصائد أخرى على أستاذ اللغة العربية في جامعة الملك فهد للتبرول والمعادن، لكنّ الأخير لم يقرأها بحجة أن وقته لا يسعفه، طالباً من تلميذه مغادرة المكتب. الإحباطات المتكررة لم تثنه من أن ينجب دواوين شعرية وأخرى ترجمها إلى العربية، لم يكن ابن الـ«32 عاماً» إلا مثال الشاب المخلص لمشروعه الثقافي، إذ قادته السنون إلى الغربة في نيويورك، منتبذاً في المدينة المشغولة مكانه القصي، ليكتب الشعر، ويرفد المكتبة العربية بأحدث الأعمال الروائية.

يقول العلي إن «السّبيل الشعريّ هو خوضٌ في غابة تغصّ بالأشجار، وكل مساحة بين شجرتين هي سبيل جديد دومًا»، إذ يؤمن تمامًا أن الشّاعر، دون علامات، لن يستدلّ على شيء. والعلامات هنا هي كل ما تركه الشعراء الكبار عندما عبروا الغابة: الأموات منهم والأحياء. ويعتقد أنّ عليه التقاط الإشارات لمعرفة السبيل، ولذلك فإنه «كلّما قابلتُ شاعرًا حيًّا منهم، آخذ منه ما يعينني على المضيّ في الاتجاه الصّحيح: نصيحة ما، أو شرحًا لقصيدة، أو حتى كتابًا جيّدًا». ويستذكر العلي ما قاله شعراء عرب عندما التقاهم يوماً ما، وشكلت أقواله إضاءات في مسيرته الشعرية، فقد قال الشاعر العراقي سعدي يوسف إنّ «هناك عملًا في الشعر لا غاية له سوى الزُّخرُف واللعب، وهو لذيذ»، فيما قال الشاعر البحريني قاسم حدّاد إنّ «خوض غمار القراءة دون سؤال واضح لن يُجدي في شيء»، مستعيداً قول أدونيس له إن «الجماليّ والمعرفيّ لا ينفصلان».